استعرض عدد من الخبراء والسياسيين والدبلوماسيين وممثلي الوزارات والمؤسسات الوطنية، اليوم الخميس، إعداد التقارير وتكريس الحقوق في ضوء انضمام دولة فلسطين للمعاهادات الدولية لحقوق الانسان.

جاء ذلك خلال المؤتمر الوطني الذي نظمته وزارة الخارجية في مقرها، بالتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في الارض الفلسطينية المحتلة، تحت عنوان 'ما بعد انضمام دولة فلسطين للمعاهدات الدولية لحقوق الانسان، اعداد التقارير وتكريس الحقوق'.

وركز النقاش في المؤتمر حول إعداد تقارير دولة فلسطين للاتفاقيات الدولية: العهد الدولي الخاص للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.

وافتتح المؤتمر وزير الخارجية رياض المالكي، مرحبا بالحضور، كما أبرز دور وزارة الخارجية بصفتها رئيس اللجنة الوطنية المكلفة بمتابعة انضمام دولة فلسطين للمعاهدات الدولية.

وأشار المالكي إلى التزام دولة فلسطين بتنفيذ الاتفاقيات الدولية التي انضمت اليها، خاصة اتفاقيات حقوق الانسان، مؤكدا أن هذه الاتفاقيات 'تكفل حقوق شعبنا بكل شرائحه: الكبار والأطفال، الرجال والنساء، وذوي الاحتياجات الخاصة، وتضمن حقوق شعبنا كافة: المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها، بالاضافة إلى دورها في مناهضة التعذيب والقضاء على التمييز العنصري.'

وقال: إنه 'في حين نعمل للوفاء بالتزاماتنا تجاه شعبنا في إطار منظومة حقوق الانسان الدولية، تقوم آلة الدمار الاسرائيلية في الوقت ذاته باستهداف وانتهاك حقوقنا الأساسية'.

وأضاف: يأتي مؤتمرنا هذا في وقت يتعرض فيه شعبنا الفلسطيني إلى عدوان جديد من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، ويقتل أطفالنا وشبابنا في الشوارع وخلال مشاركتهم في المظاهرات السلمية والاحتجاجات، دون أي رادع أو مساءلة، كما امتهن الاحتلال تزوير التاريخ وحرف الحقائق للتغطية على جرائمه ليجعل الجلاد ضحية ويصور الضحية على انها جلاد'.

وأعلن الوزير عن تنظيم مشاورات وطنية حول الاتفاقيات الواجب تقديم تقاريرها هذا العام (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري واتفاقية سيداو)، مضيفا: حيث تعتبر هذه الخطوة الأخيرة قبل اقرار هذه التقارير وارسالها لهيئات الأمم المتحدة. وقال المالكي: يأتي مؤتمر اليوم كامتداد لهذا الجهد المتواصل وللإعلان عن بدء العمل باعداد تقارير اتفاقيات حقوق الانسان الواجب تقديمها في منتصف العام القادم (العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة).

من جانبه شدد وزير التربية والتعليم العالي صبري صيدم على الانتهاكات الجسيمة والخطيرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، خاصة الأطفال والمؤسسة التعليمية، حيث اعرب عن ان المدارس والمعاهد والجامعات الفلسطينية اصبحت مسرحا لجرائم الاحتلال، وشاهدا على انتهاكات حقوق الانسان في الارض المحتلة، مستذكرا استشهاد وجرح واعتقال العديد من الأطفال خلال الهبة الاخيرة.

كما اكد الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم لتعزيز وترسيخ مفاهيم حقوق الانسان.

من جانبها، تحدثت رئيسة الجهاز المركزي للاحصاء علا عوض عن وجود دور فعال لجهاز الاحصاء في توثيق الانتهاكات الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في كافة مناحي الحياة، بالاضافة لدوره المحوري في رصد آثار تنفيذ القوانين والسياسات على الواقع في فلسطين، وارفاد الوزارات والمؤسسات بالمعلومات والبيانات المطلوبة في اطار اعداد كافة تقارير دولة فلسطين.

بدوره، استعرض وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية محمد ابو حميد دور هذه الوزارة في تطبيق المبادئ الاساسية لحقوق الانسان في مختلف المجالات، خاصة الفئات المهمشة.

واكد أهمية دور 'الشؤون الاجتماعية' في اعلاء حقوق الطفل وحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، بالتنسيق مع مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.

وطالب المنظمات الدولية ذات الصلة بالعمل على انفاذ القانون الانساني والدولي وحقوق الانسان في الارض المحتلة.

كما شدد المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الانسان عمار دويك على أهمية عملية اعداد التقارير في اطار الجهود الرامية لتنفيذ الاتفاقيات وأكد أن فلسطين لديها قدرات عالية في مجال توثيق الانتهاكات، ما سيكون له تأثير كبير في اطار الجهود المبذولة لاحقا لانضمامنا لمعاهدات حقوق الانسان والمحكمة الجنائية الدولية.

وأشار إلى ضرورة تكاتف الجهود بين مؤسسات المجتمع المدني والهيئة المستقلة والمؤسسات الرسمية لضمان احترام حقوق الانسان في فلسطين.

من جانبه، قال مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان جيمس هينان، 'لا توجد دولة اخرى في المنطقة أخذت على عاتقها أن تقدم تقارير حول سبع اتفاقيات حقوق الإنسان بالوقت ذاته، وكلنا ثقة بأن فلسطين في صدد تطوير ممارسات فضلى ستصبح مصدر الهام للدول الاخرى حول كيفية استعمال التقارير كأداة لضمان احترام وتنفيذ الاتفاقيات وتوفير الحقوق التي تنص عليها'.

كما أكدت الممثلة الخاصة لمنظمة اليونيسف في فلسطين جون كونوغي، أن هذا المؤتمر يعقد بعد أيام معدودة من احياء اليوم العالمي للطفل، مستذكرة الواقع الأليم الذي يعيشه أطفال فلسطين وعائلاتهم.

وشددت على أهمية وضع الطفل الفلسطيني على سلم أولويات الحكومة الفلسطينية كامتداد لقرار الرئيس ياسر عرفات بالالتزام باتفاقية حقوق الطفل في عام 1994' وأعربت عن جاهزية اليونيسف بالاستمرار في تقديم الدعم والتعاون لضمان حقوق الاطفال في فلسطين.

وتبع جلسة الافتتاح جلسات عرض لخطة العمل حول التقرير الخاص بالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قدمها الجهاز المركزي للإحصاء، وخطة العمل حول التقرير الخاص لاتفاقية حقوق الطفل، وتقرير حول اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة قدمتها وزارة الشؤون الاجتماعية، تلاها نقاش مع ممثلي الوزارات والمؤسسات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة.