انتهت زيارة الرئيس أوباما في محطته الأولى إلى اسرائيل وفلسطين، زيارة كانت مثار اهتمام وجدل، بين مقلل من شأنها، وبين من رأى فيها جوانب ايجابية، ونقلت الأنباء والفضائيات زيارات وخطابات وأقوال فيها ما فيها مما يمكن استحسانه، أو ما يمكن استهجانه.
أقلعت طائرة الرئيس أوباما وسط مناخ سديمي مغبر تبدو فيه الرؤية غير واضحة، فرحل وخلف وراءه أيضا مشهدا سياسيا يكتنفه الغموض والضبابية والسديمية، فكأن حركة الطبيعة وحركة السياسة تتطابقان.
منذ عقدين تقريبا، والجانب الأميركي يمنّي الشعب الفلسطيني بقطف ثمار السلام، وعملية السلام لا تثمر الا المرارة والاستيطان وهدم البيوت، والاعتقالات، وقلع الأشجار، وازدياد الفقر، وتجفيف موارد السلطة، وتحطيم الاقتصاد، واستخدام الفيتو، وتخلي الولايات المتحدة عن القيام بدورها كراع أمين لعملية السلام، أو ما يسمى عملية السلام.
لقد سمعنا كلاما طيبا من الرئيس أوباما في خطابه في مباني الامة في القدس عن حل الدولتين وعن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، كما سبق أن سمعنا منه كلاما طيبا في زيارته الشهيرة الى مصر عندما القى خطابا وصفه البعض بالتاريخي في جامعة القاهرة، فهل يحق لنا ان نقارن بين الخطابين والموقفين؟
لا ندري ما دار في الغرف المغلقة بين الرئيس أوباما من جهة وما دار بينه وبين الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء نتنياهو من جهة أخرى. لكننا ندري ونعرف ما قاله الرئيس محمود عباس بواقعيته السياسية التي لا تساوم، وربما نستطيع ان نتخيل ما قاله نتنياهو اليميني الذي يجر المجتمع الاسرائيلي نحو التطرف، والتنكر للحقوق الفلسطينية.. فهل يستطيع الرئيس أوباما ان ينحاز إلى العدل والحرية والشرعية الدولية في مواجهة الاحتلال والظلم التاريخي؟
اعتقد أن زمن الكلام بالنسبة للشعب الفلسطيني قد ولّى، وانه يريد ان يرى الأفعال لا الأقوال.
العالم قال كلمته في الأمم المتحدة، وفلسطين في القانون الدولي أصبحت دولة محتلة لا أراضي متنازعا عليها، وقيام دولة فلسطينية مصلحة فلسطينية وعربية وانسانية، ويقولون في الولايات المتحدة انها ايضا مصلحة أميركية، فهل حان وقت الأفعال؟ هل حان لهذا الضباب والغبار والمناخ السديمي في المشهد السياسي ان ينقشع؟
هل تقلع السياسة الأميركية في الولاية الثانية للرئيس أوباما على الرغم من عقبات اللوبي الصهيوني وسياسات اليمين المتطرف في اسرائيل؟
لقد تمنينا اقلاعا آمنا لطائرة الرئيس أوباما في رحلة العودة، ونتمنى ان يتذكر في رحلته الطويلة كلام الرئيس أبو مازن الذي يحمل مفتاح الأمن والسلم في الشرق الأوسط والعالم، وكلام الأطفال الذين استقبلوه في مدينة البيرة، ونقلوا اليه احلامهم بمستقبل حر وديمقراطي لفلسطين، كما نتمنى عليه أن يجد الوقت فيقرأ رسالة أهالي الأسرى التي تسلمها من الوزير قراقع.