مذ قررت التواجد في ساحة الفعل السياسي الفلسطيني نهاية 1987، اختارت حركة حماس لعب دور البديل لمنظمة التحرير الفلسطينية. ورفضت الشراكة السياسية مع الكل الوطني فصائل وقوى بما في ذلك القوى الاسلامية.
هذا ما اكدته مجموعة من التصريحات والمواقف الصادرة عن قياديي الحركة الانقلابية. سنتوقف عند أحدها والذي اعلنه الدكتور باسم نعيم، نائب رئيس الدائر السياسية لحركة حماس في برنامج "لقاء خاص" قائلا: "بدأ الغرب يدرك انه لابد ان يتعامل مع "حماس" كحقيقة على الارض، لايمكن تجاوزها آجلا ام عاجلا. وفي ظل إنسداد الافق مع ابو مازن وجماعته في المفاوضات مع إسرائيل. لا أمل إلا في التواصل مع "حماس"!
جوهر ما ذهب اليه الدكتور باسم، أن حركة حماس وجدت لتلعب دور البديل، ويا إدارة اميركية واوروبا وإسرائيل خياركم التفاوض مع "حماس" لانها حقيقة قائمة، وهي بيدها "الحل السحري" لاخراج المفاوضات من حالة الانسداد الناجمة عن تشبث الرئيس محمود عباس بالثوابت الوطنية.
الحل السحري الحمساوي، الذي بشر به كثيرون من قادة حماس قبل نائب رئيس الدائرة السياسية، يقوم على القبول بالشروط الاسرائيلية، الدولة ذات الحدود المؤقتة او ما اطلق عليها البعض مؤخرا "دولة الجدار"! ولا يمكن فهم موقف الدكتور باسم بغير ذلك، وإن كان هناك من عبقري في فهم لوغارتمات حركة حماس غير ما استخلصته، فيمكنه عرضها على الشعب الفلسطيني.
اما الحديث عن "المقاومة" و"الانتفاضة" فليس سوى ذر الرماد في العيون، دون ان يعني ذلك، ان "حماس" لم تقم، ومازالت تقوم بادخال الصواريخ والاسلحة من مختلف الصنوف الى محافظات القطاع، فضلا عن صناعة بعضها. لكن السلاح وان استخدم للحظة ضد إسرائيل فجله سيستخدم لتعزيز وترسيخ الانقلاب على محافظات الجنوب، والتصدي للشعب وقواه الحية في حال خرجت لتصفية الانقلاب الأسود على الشرعية.
كان على باسم نعيم وغيره من قيادات وكوادر حركة حماس، التأكيد على مطالبة الغرب واسرائيل بالكف عن تبديد خيار التسوية السياسية، والضغط على إسرائيل لالزامها باستحقاقات التسوية وخيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وإشعار قوى الغرب وخاصة اميركا، ان حركة حماس تقف خلف الموقف الوطني للرئيس محمود عباس والقيادة الشرعية بغض النظر عن التباين او التناقض معه ومعها في الشأن الداخلي. ولكنه (نعيم) عكس موقف حركته وخاصة التيار الانقلابي المتشدد الرافض لخيار المصالحة الوطنية، الذي وضع ويضع العراقيل تلو العراقيل والعقبات في طريق المصالحة والوحدة الوطنية.
لا احد في الساحة الوطنية ينكر وجود حركة حماس، وثقلها في الشارع. كما لا احد يريد ان يتجاهل دروها كشريك اساسي في صناعة القرار الفلسطيني، ولكن لا احد فصيلا كان او قائدا او رئيسا يقبل ان تلعب حركة حماس دور البديل عن الكل الوطني، كما ان لا احد يقبل تبديد المشروع والأهداف الوطنية من خلال تقديم التنازلات المجانية لدولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. والكل الوطني برئاسة ابو مازن كما عمل سابقا، سيبقى يعمل على كسب حركة حماس للصف الوطني، وتصفية انقلابها على الشرعية، والاستفادة من وزنها وثقلها ومرونتها السياسية لصالح الاهداف الوطنية، وليس للتنازل عنها.
وإن واصلت حركة حماس سياسة البديل فسيكون مصيرها الاضمحلال والزوال شاء باسم نعيم أم أبى، وشاء الاخوان المسلمون واميركا واسرائيل ام أبوا.. خيار "حماس" الوحدة الوطنية القائمة على الشراكة السياسية والالتزام بالاهداف الوطنية، إن ارادت البقاء في دائرة الفعل السياسي الوطني، ولكن إن اختارت خيار الدولة المؤقتة فمصيرها لن يكون أفضل حالا من روابط القرى.