نرفض اتهام بعض الوسط الإعلامي المصري لحركة 'حماس' بأنها ضالعة في قتل الجنود المصريين في شهر رمضان الماضي. فالفلسطينيون لا يقتلون المصريين ولا يحملون للجندي المصري سوى مشاعر حانية من المحبة والتقدير، ولا يقوى الفلسطيني على المس بحياة أخيه الجندي المصري. ثم إن سكان قطاع غزة تحديداً، امتزجت حياتهم بحياة المصريين، ويعرفون أن الجندي المصري، حتى في أيام الخلاف على المستوى الرسمي بين الزعيمين الراحليْن السادات وعرفات؛ لا يتحمل أوزار السياسات ولا ذنب له حتى في العنف الأمني حيال نشطاء فلسطينيين. ويخطىء من يساعد ولو بكلمة على تمرير هكذا اتهام ملغّم، الهدف منه استعداء الشعب المصري الشقيق على الفلسطينيين جميعاً، وتحميل حركة 'حماس' مشكلات من هذا النوع، مرة بالورق المزور، ومرات بدعايات ليس لها أول ولا آخر. إن هذا السياق يذكّرنا بالفترة الأخيرة من حكم مبارك، عندما اتُهم الفلسطيني بالوقوف وراء تفجير طال كنيسة 'القديسين' في منطقة سيدي بِشر في الإسكندرية في كانون الثاني (يناير) 2011. ونحن هنا، ننبه جميع الوطنيين، من هذا الشِرك، مهما بلغت الخصومة مع حركة 'حماس' لأن المناخ الذي تنتجه هكذا أراجيف، سيعاني منه الفلسطينيون جميعاً، وستكون المستهدفة هي مفردات القضية الفلسطينية وعدالتها في التاريخ وموقعها في وجدان الشعب المصري، الذي ضحى من أجل فلسطين على مر سنوات الصراع.

لقد بدأ الاتهام الإعلامي يتجه الى 'متطرفين' فلسطينيين يتبعون منهج 'السلفية الجهادية'. وبالإشارة الى أن هذه 'السلفية' لا تعترف بفوارق الجنسية، وبالتالي لا يُنسب نشاطها الى بلدان المنخرطين في مجموعاتها ولا الى شعوبهم. ثم إن الفلسطيني تحديداً من هذه المجموعات، لا مصلحة له في إضعاف سيطرة الدولة على سيناء أو الاعتداء على أجهزة الأمن. ولو كان هناك افتراضاً من وقعوا في تضليل، فلا علاقة لحركة 'حماس' بذلك، ومن التجني تخليق هكذا علاقة على قاعدة الرابط الأيديولوجي بين 'حماس' و'الإخوان' في مصر. وعلى صعيد 'السلفية الجهادية' واضح أنها غير معنية بـ 'غزوة' مصرية، وذلك لعدم وجود أسبابها. ولو كان هناك استهداف لمصر لا سمح الله من قبل أتباع هذا المنهج، لأدمى ذلك قلوبنا، بأعمال شائنة ومروّعة في قلب البلاد في ظل هذا الاضطراب. بالتالي فإن اللاعب الأساسي في سيناء، هو العدو الإسرائيلي البارع في صناعة العجائب والأقنعة، وهو صاحب المصلحة في فتح بطن سيناء، لكي يصل الى تفاهمات أمنية أو لكي يجدد تفاهمات وتعهدات أمنية مع الدولة المصرية.

إن واجبنا، وما يُمليه علينا ضميرنا، هو دحض الاتهامات الإعلامية المصرية لأي طرف فلسطيني، وبخاصة عندما تتعلق المسألة بدم إخوتنا المصريين. فأولئك الذين يتهمون ويلفقون الحيثيات ويطرحون الأسماء يعرفون ماذا يفعلون. إنها محاولات خبيثة لدق الأسافين بين الشعبين المصري والفلسطيني، ولضرب العلاقة التي تعززها الروابط الاجتماعية وأواصر الأخوّة. ثم إن من يتهمون 'حماس' لو نجحوا في إقناع المصريين باتهامهم، فإن ذلك لن يكون لمصلحة 'فتح' أو لمصلحة أي طرف فلسطيني. فلدينا من التجارب ما يكفي لأن نعلنها صريحة للأوساط الإعلامية المصرية: إن لدى القوى الفلسطينية المناضلة وغير المناضلة من أجل حرية وطنها واستقلاله ودحر الاحتلال؛ إجماع على رفض اتهام أي طرف فلسطيني بالضلوع في جرائم ضد إخوتنا المصريين، لأن هكذا جرائم، تتنافى مع فطرة ومشاعر الفلسطينيين وعاطفتهم حيال الشعب المصري الشقيق. بالتالي إن الاتهامات من هذا النوع، ترقى الى مستوى الدسائس التي نتحسب لها ونرفضها مجتمعين. إن هذا شيء، وخصومتنا مع 'حماس' شىء آخر.