قال الدكتور حنا عيسى - الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، أن مواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءاتها التهويدية بمدينة القدس المحتلة بزرع المزيد من البؤر الاستيطانية والتوسع الاستيطاني وتهديد وجود المسجد الأقصى بالحفريات حوله وتحته وإقامة منشات إسرائيلية جديدة تكون نواة لتحرك المتطرفين الإسرائيليين، إضافة للتضييق على المقدسيين في البلدة القديمة ودفعهم أو إجبارهم على الرحيل، جميعها ترمي للانقضاض على هوية القدس العربية وتغيير وضع المدينة وتكوينها السكاني، وإدامة الاحتلال، وفرض السيطرة الكاملة.
وأضاف أمين نصرة القدس، "المجتمع الدولي يدين بشدة هذه الإجراءات الإسرائيلية التي تعتبر انتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 ولقرارات الأمم المتحدة وخاصة قرارات مجلس الأمن التي لا تعترف بسيادة إسرائيل على القدس، ولما تشكله هذه الأعمال من تهديد مباشر للمقدسات المسيحية والإسلامية في القدس ومن مخاطر على القيمة العالمية ثقافيا ودينيا للمدينة المقدسة".
وتابع عيسى، "وان استمرار إسرائيل في تخريب التراث الثقافي والديني لمدينة القدس يشير بكل وضوح إلى استمرار إسرائيل في تصعيد الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وتحدي المجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية، كما أن إحاطة إسرائيل مدينة القدس بمزيد من المستوطنات وهدم المنازل ومصادرتها فيها يكشف بصورة صارخة النوايا الإسرائيلية الحقيقية في ضم القدس وابتلاع أراضٍ فلسطينية أخرى".
وأوضح الدكتور حنا عيسى، وهو أستاذ وخبير في القانون الدولي بان المجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن الدولي مطالب باتخاذ الإجراءات العملية الكفيلة بإلزام السلطات الاحتلالية الإسرائيلية وقف هذه الأعمال الخطيرة لما تشكله من انتهاك للقانون الدولي ومن عقبة أمام تحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط وإرغام إسرائيل على الامتثال لالتزاماتها القانونية وفق القانون الدولي وبشكل خاص اتفاقية جنيف الرابعة التي تنطبق أحكامها على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل سنة 1967 بما في ذلك مدينة القدس الشرقية .
ولفت استاذ القانون الدولي انه منذ توقيع اتفاق أوسلو في 13 من سبتمبر1993، وإسرائيل تصعد من وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، حيث ووفقاً لإحصاءات رسمية فلسطينية، ضاعفت إسرائيل عدد المستوطنين منذ الاتفاق حتى نهاية العام 2013 خمس مرات، الأمر لاذي يفضح ان "إسرائيل" استخدمت الحرب والسلام لتعزيز وجودها ومنع أية إمكانية للتوصل إلى السلام.
وأشار القانوني حنا أن معطيات فلسطينية صدرت بوسائل الاعلام اغسطس المنصرم، أن مجموع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية بلغ 503 مستوطنات للعام الجاري، 2014، وأن عدد المستوطنين في هذه المستوطنات يزيد عن مليون، مشدد ا انه الأمر الذي يفضح أنه رغم قواعد وأحكام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة واتفاقيات السلام التي وقعت بين إسرائيل ومصر وإسرائيل والأردن وإسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية فجميعها لم تتمكن من تحقيق حماية لمدينة القدس المحتلة.
ونوه الدكتور حنا عيسى، وهو دبلوماسي سابق في روسيا الاتحادية، "في اتفاق إعلان المباديء (اوسلو)، تم الاتفاق على التفاوض في السنوات الخمس التي تلي توقيعه على مناقشة قضايا الحل النهائي، (وهي الاستيطان والقدس والأمن والحدود واللاجئين والمياه)، وذلك تمهيداً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لكن الإحتلال يتهرب من ذلك ويتعمد سلب الأرض الفلسطينية بأي طريقة كانت بهدف استكمال مخططاته ودون الاكتراث لاي اتفاق يقود إلى سلام عادل".
وقال الدبلوماسي عيسى، "جميع ما تم الاتفاق عليه مسبقا مع إسرائيل لم ينفذ منه شيء وبالتالي حتى قرار 181 لسنة 1947 المتعلق بتدويل مدينة القدس وبدء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وتوقيع إعلان المبادئ في 13/9/1993 وانتهاء بتطبيق الاتفاق، لم تتضح مسألة القدس ومكانتها القانونية رغم الجهود ومحاولات الوساطة التي كان بها اطراف إقليمية دولية من اجل التوصل إلى تسوية سلمية للصراع العربي الإسرائيلي، كما ان كل الخطط والمبادرات ومشروعات التسوية السياسية ما زالت القدس بعيدة عن التسوية السياسية الحقيقية التي يمكن من خلال حلها إلى أن تقود إلى سلام عادل وشامل ودائم".
وأضاف الأمين العام للهيئة المقدسية للدفاع عن المقدسات، أن الملفت للنظر حاليا بان مستقبل القدس القديمة أصبح تقريبا نسخة طبق الأصل عما جرى في مدينتي يافا وعكا الفلسطينيتين حين تم طرد اكبر عدد من الفلسطينيين بقوة السلاح "قسرا" لتتحول هذه المدن إلى مستعمرات ومدن سكنها اليهود كأغلبية ساحقة.
وأكد أن الاستيطان، يندرج في إطار جرائم الحرب وفقاً للفقرة الثامنة من المادة الثامنة لنظام روما لمحكمة الجنايات الدولية، مشيرا ان ذلك يتطلب العمل على انشاء حشد دولي على المستويات كافة لإخضاع كيان الاحتلال للعدالة والمحاسبة الدولية على جرائمهم بالاستيطان والتهجير والتطهير العرقي التي يرتكبها في المدينة المقدسة للديانات السماوية الثلاث.
وشدد الدبلوماسي حنا، "العملية السلمية تمر بمأزق خطير وبمرحلة حرجة نتيجة لسياسات الحكومات الإسرائيلية المتطرفة التي أرادت أن تترجم توازن القوى إلى أمر واقع في حين أن سلام توازن المصالح المتبادلة هو الذي يوفر القناعة لدى الشعوب للمحافظة عليه ..لكن في الواقع، تبدو إسرائيل اليوم مجتمعا ونخبا سياسية، ابعد عن السلام من أي وقت مضى منذ توقيع اتفاق اوسلو سنة 1993".
وحذر عيسى الأمين العام للهيئة المقدسية من الحفريات التي تنفذها سلطات الاحتلال اسفل البلدة القديمة والمسجل الاقصى المبارك، وقال، "تتسارع الحفريات أسفل البلدة القديمة باتجاه المسجد الأقصى المبارك من الجهات كافة ولعدد من الأسباب، أولها يتعلق بالكشف عن حائط البراق وإظهاره كاملا ما يعني إزالة جميع الأبنية الملاصقة له، والحفر إلى جانبه لتبيان حجارته الأساسية. وثانيا للبحث عن بقايا الهيكل الذي يزعم الصهاينة أن المسجد الأقصى يقوم فوقها.
ونوه، "كان الحجم الظاهر من حائط البراق عندما احتل الصهاينة القدس لا يتعدى الثلاثين ياردة، أما الهدف الذي أعلن عنه عام تسعة وستين، فهو كشف مائتي ياردة و أكثر، علما أن حجم ماكان قد كشف آنذاك بلغ ثمانين ياردة، وهو ما أنجزته الحفريات التي تمت عند الحائط الغربي، أما عند الحائط الجنوبي، فجرت حفريات أشرف عليها البروفسور بنيامين مزار، وتابعها موشيه دايان وزير الحرب في كيان العدو آنذاك، وهو صرح عام واحد وسبعين بأنه يجب استمرار الحفر حتى الكشف الكامل عن الهيكل الثاني، وإعادة ترميمه على حد قوله".
وأكد الدكتور حنا أن الإنهيارات المستمرة التي تحدث في مدينة القدس المحتلةوالتي كان اخرها منذ بضعة اسابيع بانهيار سقف منزل في سلوان جنوب المسجد الاقصى المبارك، واخر في باب حطة، تكشف خطر الحفريات التي تنفذها جمعية "العاد" الاستيطانية وسلطة الأثار الاسرائيلية أسفل منازل المقدسيين وخاصة في بلدة سلوان، وفي منطقتي حوش قراعين في وادي حلوة وفي باب حطة. وقال، " هناك ايضا حفريات في محيط المسجد الأقصى وداخله، كما انها امتدت لمحيط البلدة القديمة والأبواب، وهناك حفريات لنفق يمتد من باب العامود ويسير باتجاه الواد، وحفريات أسفل منطقة باب المطهرة المقدسية، على بعد عشرين مترا من المسجد الأقصى، وحفرياتها اخرى ضخمة في موقع مدخل حي وادي حلوة ".
وأضاف الأمين العام أن خطر الحفريات الإسرائيلية التي يبلغ مجموعها 104 وفقا لسلطة أثار الاحتلال، يهدد مسجد قبة الصخرة حيث ان هنالك نفق يطلق عليه اسم " قدس الأقداس"، ويمتد لمسافة كبيرة تصل أسفل قبة الصخرة المشرفة ويتم العمل عليه بسرية وهدوء مع شبكة أنفاق أخرى، منها جنوب غرب المسجد الأقصى، وجنوبه وجنوب شرقه، واخرى على طول 60م على طول الجدار الغربي للمسجد الأقصى، الأمر الذي أدى إلى تكشف عشرات الحجارة الضخمة التي تكون أساسات المسجد الأقصى، وحفريات النفق الغربي، وحفريات باب العامود والنبي داوود، والأسباط، وقلعة باب الخليل، وسلوان.
وحذر عيسى ان هناك أربع حفريات تنفذها سطات الاحتلال أسفل وفي محيط المسجد الأقصى تهدد اساساته، منوها أن مواصلة هذه الحفريات يهدف لإسقاط بنائه بالكامل، الأمر الذي يعد «جريمة حرب»، بموجب قواعد القانون الدولي. حيث أن المادة 6 فقرة ب، من ميثاق محكمة نورمبرغ نصت على أن «الاعتداءات على الآثار والمباني التاريخية من دون سبب تعد جريمة حرب». كما أن معاهدة لاهاي 1954، تلزم أي دولة احتلال بالحفاظ على الممتلكات الثقافية والدينية، وتعد الاعتداء عليها «جريمة حرب» أيضاً.
وذكر ان جميع المعطيات تفيد بان إسرائيل لا تريد حلا لقضايا الوضع النهائي، ذلك ان تصريحات القادة والنخب السياسية في كيان الاحتلال تترجم فكرهم الاستعماري الاستيطاني، منها تصريحات وزير خارجية الاحتلال مؤخرا أفيجدور ليبرمان، برفض "إسرائيل" وقف أي بناء إستيطاني في القدس الشرقية المحتلة، وتصريحات وزير جيش الاحتلال في خطاب خلال يوم دراسي في “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، إنه “لا يمكن الحديث عن انسحاب من يهودا والسامرة (الضفة الغربية) في سياق أفق سياسي، وينبغي البحث عن اتجاهات جديدة. وتصريحاتوزير الاحتلال الاسرائيلي موشيه يعالون في اكتوبر المنصرم بانه “لن تقام دولة فلسطينية في الضفة الغربية، وانما حكم ذاتي منزوع السلاح”. واضاف، انه ستكون لاسرائيل سيطرة امنية كاملة جويا وبريا. واوضح يعلون في سياق مقابلة لصحيفة (اسرائيل اليوم)، انه “لا يسعى الى ايجاد حل مع الفلسطينيين وانما الى ادارة الصراع” . هذا علاوة على تصريحات نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال، " لا دولة فلسطينية أثناء حكمه".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها