ترحيب فلسطيني واضح بموقف دول فرنسا والسويد وبريطانيا، باستدعاء سفراء دولة الاحتلال، للاحتجاج على مشروع القرار الإسرائيلي بالتوسع الاستيطاني، وبناء 3 آلاف وحدة استيطانية في القدس المحتلة والضفة الغربية، خاصة الشق المتعلق بتسريع الخطط الهيكلية للبدء في عمليات البناء في منطقة "E1" ، والتي تهدف الى ربط مستوطنة "معالي ادوميم" بالقدس وبناء ما يقارب من 4000 وحدة استيطانية في هذه المنطقة.

الترحيب الفلسطيني جاء لأنها المرة الاولى التي تستدعي فيها دول أوروبية أو حتى غير أوروبية السفراء للإعراب عن غضبهم من الخطوة الإسرائيلية الهوجاء، وتأثيراتها على عملية السلام، وعلى تقطيع أواصر الدولة الفلسطينية، التي لقيت اعترافاً دولياً كاسحاً بها قبل أيام.

ويرى الفلسطينيون أن هذه الخطوة الأوروبية الجريئة قد تؤسس لمواقف أوروبية مماثلة من دول أخرى، وهو ما يعني أن العالم قد ضاق ذرعاً بالسياسة الإسرائيلية الرامية إلى تقويض إمكانية قيام حل الدولتين، وقتل فرص السلام.

وفي هذا الصدد، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطيني، وزير العمل، د. أحمد مجدلاني أن هذا الموقف الأوروبي موقف قوي ويعكس إلى حد كبير أن المجتمع الدولي وبلدان مركزية مثل بريطانيا وفرنسا قد ضاقت ذرعاً بسياسة الاستيطان الإسرائيلية، معربا عن أمله في أن تحذو دول أوروبية أخرى ذات تأثير ونفوذ سياسي هذا الموقف.

وأشار د. مجدلاني إلى أن هذا الموقف يعبر عن أن صبر هذه البلدان قد نفذ من حكومة نتنياهو، وأن كل المواقف السابقة التي كانت تدين وتشجب وتطالب وتدعو حكومة الاحتلال إلى وقف الاستيطان لم يعد مجدياً.

وأضاف د. مجلادني، واضح تماماً أن هذه خطوة وعملية ملموسة كإجراء دبلوماسي فعال وضاغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف الاستيطان والإذعان لإرادة المجتمع الدولي والإذعان للقانون الدولي

وأكد د. مجدلاني أن واحدة من القضايا الأهم الآن أن فلسطين بحكم الاعتراف الدولي أصبحت دولة معترف بها تحت الاحتلال، وبالتالي فإن أي إجراء إسرائيلي بحق الأراضي الفلسطينية هو اعتداء على أراضي دولة أخرى، وأي عدوان إسرائيلي هو عدوان على مواطني دولة أخرى، ينبغي معالجته في إطار القانون الدولي، وفي إطار محكمة الجنايات الدولية.

ورأى د. مجدلاني أن هناك لغة مختلفة باتت تستخدم في إسرائيل، من الصحف وكتاب الرأي الذين يقولون أن هناك مشروع قرار بابناء الاستيطاني وليس قراراً، وبالتالي يعزى هذا القرار وكأنه ارتباط بحملة الانتخابات الداخلية الإسرائيلية.

وتابع د. مجدلاني: نؤكد أن هذا القرار صدر عن الحكومة الإسرائيلية، وعن المجلس الوزاري التساعي فيها، وبالتالي فهو يعبر عن رأي الحكومة الإسرائيلية، وينبغي الغاءه من ذات الجهة التي أصدرته.

من جهتها، أكدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، د. حنان عشراوي أن هناك تغيراً واضحاً حصل في الموقف الأوروبي، ليس لمجرد الحصول على الدولة، وإنما لتمادي إسرائيل وغطرستها ووقاحتها في التعامل مع العالم أجمع.

وأكدت د. عشراوي أن المشروع المسمى "E1" كان هناك طلب باستمرار من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعدم تنفيذ هذا المشروع، وبعدم تقسيم الأرض الفلسطينية، وعدم القضاء على التواصل الجغرافي الفلسطيني، وعدم الاستمرار في بناء هذه المستوطنات.

وأضافت د. عشراوي: ولكن إسرائيل اليوم تقول للعالم أجمع أننا الجهة التي تقرر، وأننا فوق القانون، فهذه الغطرسة هي لا تمارس ضد الشعب الفلسطيني فحسب، وإنما ضد المجتمع الدولي برمته، وبالتالي يجب أن تدرك بأنه في هذه المرحلة الآن هناك عقوبات وهناك نتائج لأفعالها.

واعتبرت د. عشراوي أن التفكير في سحب السفراء أو استدعاءهم للمشاورات، هو أمر بالغ الأهمية سياسياً، ولكنها أوضحت أن قضية المستوطنات هي قضية قديمة كان يجب أن تطالب هذه الدول إسرائيل بشهادة المنشأ منذ البداية، وعدم إعطاء المستوطنات أي امتيازات، بل على العكس كان يجب ألا تقبل أوروبا باستيراد منتجات المستوطنات.

وشددت د. عشراوي على ضرورة إيقاع العقوبات على إسرائيل، لأنها تنقض وبشكل واضح بنود الشراكة مع أوروبا.

ورفضت د. عشراوي ربط الاعلان عن المخططات الاستيطانية الجديدة بالرد الانتقامي على حصول فلسطين على مسمى دولة، وأكدت أنه لا يمكن أن تخطط إسرائيل إلى إقامة 3 آلاف وحدة سكنية بين ليلة وضحاها، فهذا المخطط كان موجوداً منذ فترة، وهو يأتي ضمن مفهوم استراتيجي اسرائيلي لفرض أمر واقع على الأرض، لتصعيد وتكثيف الاستيطان بسرعة لا متناهية ولا عقلانية.

وشددت د. عشراوي على أن هذا المخطط موجود منذ فترة، ولكن إسرائيل تعلن عنه الآن لتوجه رسالة واضحة إلى العالم بأنها ستطبق هذا المخطط الذي طالب العالم أجمع منها أن لا تطبقه، وتستخدم التصويت في الجمعية العمومية للأمم المتحدة كذريعة، لتقول أنها ردة فعل، بينما هي في الحقيقة هي تعبير واضح عن الأيديولوجيا الاستعمارية لدى إسرائيل، وعن إصرار على المضي قدماً في هذا المخطط، وفي تقويض أسس السلام، وفي القضاء على الدولة الفلسطينية، وعلى إمكانياتها في التواصل الجغرافي، وحتى في البقاء.

واعتبرت د. عشراوي أن تقسيم وتفتيت الأرض الفلسطينية، ستقضي بالضرورة على احتمالات إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

وأعربت د. عشراوي عن اعتقادها بأن هناك تصعيدا أوروبيا سيكون في ذات السياق، داعية في الإطار نفسه القيادة الفلسطينية إلى أن تقوم بالحديث مع الدول الأوروبية وحثها على اتخاذ مواقف، وإنزال عقوبات في إسرائيل، والحديث مع المجتمع الدولي.

وأضافت د. عشراوي: يجب علينا أن ندخل ونوقع في العديد من الاتفاقيات والقوانين والمواثيق التي تعطينا صلاحية المساءلة، بما في ذلك ميثاق الجرائم الدولية – روما، وأيضاً أن نصبح من الدول المتعاقدة على ميثاق جنيف الرابع، وأن نستطيع اللجوء إلى محكمة العدل العليا.

وختمت د. عشراوي بالتأكيد على أن الاستيطان هو أخطر ما تقوم به إسرائيل، كونها تقوم بسرقة الأرض والموارد والحريات والحقوق الفلسطينية بشكل متكامل، وتخلق واقعاً يتناقض مع الحق الفلسطيني، ومع إقامة الدولة الفلسطينية، على اعتبار أن الاستيطان خطر داهم، وخطر مستمر ويتسارع، فبالتالي يجب إيقافه بسرعة.

بدوره، دعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدكتور صائب عريقات، دول العالم للقيام بمساءلة ومحاسبة الحكومة الإسرائيلية وذلك على ضوء القرارات الأخيرة ببناء مستوطنة جديدة جنوب القدس الشرقية المحتلة (جيفعات هاموتس)، وبناء مستوطنة (41) بين مستوطنات معاليه ادوميم وبيسجات زئيف وهارحوماه، وبناء نفق للمشاة من باب المغاربة، وحجز أموال الشعب الفلسطيني.

وأكد د. عريقات أن قرارات الحكومة الإسرائيلية تعني القضاء عملياً على مبدأ الدولتين وعلى فرص تحقيق السلام.

وشدد عريقات أن على المجتمع الدولي أن يبدأ مرحلة جديدة بالتعامل مع حقيقة كون فلسطين على حدود 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية اصبحت دولة تحت الاحتلال، وفقاً للقانون الدولي، وهناك تبعات قانونية وسياسية واقتصادية على سلطة الاحتلال (اسرائيل).