في خضم الأحداث التي تشهدها مدينة القدس والتوتر الذي يحيط بالمسجد الاقصى في ظل الاقتحامات المتكررة التي تقودها جماعات يهودية متطرفة، توقفت عناوين الاخبار يوم الأربعاء الماضي عند الحدث الأبرز وهو عميلة الدهس التي نفذها الشهيد ابراهيم محمد داوود العكاري (37 عاما) والذي سقط برصاص جنود الاحتلال في حي الشيخ جراح.

تفاصيل اليوم الأخير من حياة الشهيد العكاري ترويها زوجته التي ودعته بفخر وصبر، فقالت في لقاء معها في بيتها بمخيم شعفاط (شمال القدس): "لم اكن أتوقع ان يقوم ابراهيم بدهس جنود وقتلهم، لكني لم أفاجأ بالخبر، كان يتابع أخبار الشهداء الذين سقطوا بالقدس خلال الايام الماضية، يفرح لهم، فكان يحب الشهادة كباقي ابناء فلسطين، هو انسان يغار على دينه ووطنه".

وأضافت "ابراهيم يعشق الاقصى ومرتبط به كأي فلسطيني، يحزن لاقتحامه ويحزن لتدنيسه، فالاقصى هو البلد والوجود، فالقدس بعملياتها تحذر اسرائيل من مواصلة سياستها في الاقصى، وتؤكد أن المقاومة موجودة في كل مكان".
 
أما عن يوم العملية (الاربعاء) فقالت "تصرف كعادته، أدى صلاة الفجر في المسجد وعاد الى البيت وشاهد التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي التي نشرت مقاطع فيديو لاقتحام الأقصى، واستاء من الأخبار وحزن كثيرا لاقتحام المسجد القبلي وتدنيسه، ثم خرج للعمل وقال لي انه لن يتأخر في عمله اليوم، لكني سمعت خبر استشهاده.. ولم يرجع الى المنزل والى الاولاد".

وأكدت زوجته "ان الاحتلال بتصرفاته صادر من ابراهيم وشباب القدس أبسط حقوقهم (الصلاة في الأقصى) بسبب القيود والتضييق المتواصل عليهم".

وقالت: "ما قام به زوجي هو شرف، قام به دفاعا عن المسجد الأقصى ليؤكد على رسالة بأن الأقصى ليس لهم ولا حق لهم بالصلاة فيه أو الدخول اليه".

واتهمت زوجة الشهيد قوات الاحتلال بقتل زوجها بدم بارد باطلاق الرصاص عليه بشكل مباشر، كما تم خنقه وشده من رقبته حيث أظهرت صورة له وجود قيد بلاستيكي حول رقبته اضافة الى "لفحة"، حيث أكدت زوجته انه لم يرتد لفحة عندما غادر المنزل.

وأشارت زوجة الشهيد أنه أصر خلال العامين الماضيين على ان اتابع دراستي الجامعية وكان يقول لها: "ادرسي لتأمين مستقبلك ولحماية نفسك واولادك، لا نعرف ماذا يخبئ لنا القدر"، وبالفعل التحقت بجامعة القدس المفتوحة.

وذكرت زوجته أن أبراهيم هو الأصغر بين أشقائه، وكان الأخ الحنون على عائلته وجميع اصدقائه ومعارفه، ويحرص على عدم إغضاب أحد منه.

حمزة.. ارتحت عندما رأيت والدي مبستما

أما نجله الأكبر "حمزة" 13 عاماً وهو أكبر أخوته الخمسة، سوف يحمل مسؤولية كبيرة.. فبعد استشهاد والده تصرف كرجل فقام باستقبال المعزين، وترتيب الكراسي ومكان العزاء، ويقول: "شعرت بضيق كبير لدى سماعي نبأ استشهاد والدي، لكني فرحت لأنه نال الشهادة ومنزلته بالجنة مع الأنبياء".

وأضاف "لقد حرص والدي على ربطنا بالمسجد الأقصى، باصطحابنا المستمر إليه، وخاصة أيام الجمع، حتى لو كان هناك منع لدخول الشبان كنا نذهب معه ونصلي في الشارع".

وعن مشاعره خلال تشييع والده في مقبرة باب الأسباط قال: "ارتحت كثيرا عندما رأيت والدي بعد تسليمه لنا مبتسم الوجه، لقد ودعنا بابتسامة.."، ووصف القيود الاسرائيلية على تشييع جثمان والده بـ"الظالمة".

ووعد حمزه والده بأن يبقى على حب الاقصى، بالصلاة فيه والذهاب اليه بصحبة اشقائه الأربعة، كما وعده بالاجتهاد في دروسه.