كلما دقت ساعة الاستقلال الفلسطيني، وكلما أصبحت الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية أكثر حضورا في المحافل الإقليمية والدولية، فإن الإرهاب الإسرائيلي أو بصورة أدق الإرهاب الإسرائيلي اليهودي يكشر عن أنيابه أكثر وصراخه مثل عواء الذئاب الهائجة يعلو أكثر عبر مجموعات إرهابية كثيرة بما يذكرنا بزمن اتسل والأرجون والهاجاناة في ثلاثينيات القرن الماضي، مع غطاء سافر هذه المرة من نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزرائه الذين هم في نفس الوقت رؤساء أحزاب وحركات رسمية، ومن خلال إعطاء التفويض المطلق من هؤلاء جميعا لحركة الاستيطان بمعناها وشكلها الحقيقي وهي سرقة الأرض بالقوة وعلى المكشوف ثم خلق وقائع مزيفة فوقها في محاولة يائسة لادعاء حقائق تاريخية فوقها، الأمر الذي يذكرنا بالنصف الأول من القرن الماضي في ظل الانتداب البريطاني بثلاثية البيوت المؤقتة التي كانت تبنى تحت جنح الظلام محاطة بسور وبرج مراقبة وحبل غسيل منشور فوقه بعض الملابس للإيحاء الوهمي الكاذب بأن هذه المستوطنة التي سرقت أرضها بوسائل متعددة، قبل قليل موجودة هنا منذ زمن طويل.
في العادة، فإن محاولات تأكيد الباطل على أنه الحق الوحيد، يجري في تاريخ الحركة الصهيوينة بأشكال شاذة، وبأقذر أنواع الجريمة الإرهابية، وهذا هو ما يحصل الآن على يد دولة إسرائيل بكل مكوناتها السياسية والعسكرية والأمنية والحزبية وبكل مجموعاتها الإرهابية التي تتصاعد بشكل عدواني بشع هذه الأيام انظروا مثلا، فإن أبشع صوت إرهابي يرتفع هذه الأيام هو صوت وزير الجيش يعلون الذي يضعه نتنياهوعلى يمينه ويستغني به عن الجميع، هو الذي يقول بجنون سافر أن الدولة الفلسطينية لن تقام أبدا، وهل الدولة الفلسطينية التي هي الحد الأدنى من حقوقنا هي إحدى الرغبات الإرهابية المريضة ليعالون؟
وانظروا إلى اقتحامات المسجد الأقصى، ألا تتم بحراسة مشددة من الجيش والشرطة الإسرائيلية؟ وهل تستطيع مجموعات الإرهاب الإسرائيلية المعلنة أن تمارس هذا الإرهاب اليومي بدون الحماية الكاملة من دولة إسرائيل؟ وهل استهداف قتل الأطفال والصبية الفلسطينيين إلا نتاج دولة الإرهاب، وأيدولوجيا الإرهاب، ومجتمع الإرهاب الإسرائيلي؟
هذا التصاعد الحاد والخطر في وتيرة الإرهاب الإسرائيلي اليهودي ناجم في العمق عن رغبة إسرائيل في تحويل الصراع مع الفلسطينيين إلى صراع ديني كنوع من الاستغلال لمنابر الصراع في المنطقة، وكطموح إسرائيل لتكون جزءا عضويا من الصراع الديني، لأن هذا يعطيها الغطاء للاعتراف بها كدولة يهودية، وتجسيد أكذوبتها بأنها دولة وجدت بوعد إلهي، وأن هذا الوعد الإلهي غير قابل للنقاش أوالتسوية السياسية!!! ومن جهة ثانية يسوغ مشاركتها مع دول المنطقة في ما يطلق عليه محاربة الإرهاب لتشريع وصفها كدولة محاربة للإرهاب وليست صانعة له ومنتجة له على الدوام، ومن ثم تجزئة الموضوع الفلسطيني إلى عناوين متعددة بين إرهابيين وغير إرهابيين بمعاييرها هي، وأعتقد أن الجميع سمعوا وزير الجيش الإسرائيلي يقول بلا خجل أن جميع الأطراف تعلم أننا نقدم الدعم للمعارضة السورية المعتدلة.
تصاعد معدلات الإرهاب الإسرائيلي اليهودي، يعتمد أيضا على الدعم الأميركي العلني، الآ يتغذى الإرهاب الإسرائيلي اليهودي من الموقف الأميركي الملتبس من موضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو الموضوع المطروح على طاولة البحث الآن، وإعلان الولايات المتحدة أن الموضوع سابق لأوانه، وأنها تعارضه، وأنها ستضغط بكل ثقلها لمنع طرحه في مجلس الأمن، وإن طرح وفاز بالنصاب ستستخدم ضده حق الفيتو.
ولكن السهم السام الأكثر فتكا الذي يستخدمه الإرهاب الإسرائيلي اليهودي هو السهم الداخلي الفلسطيني!!! تذكرون كيف كانت ردة الفعل الإسرائيلية ضد المصالحة، كانت ردة فعل مجنونة تماما، وكيف واجهت إسرائيل آتفاق المصالحة بشن الحرب الأخيرة، حرب تدميرية شاملة بكل المقاييس، أخذت شرعيتها من فعل منفر قامت به حركة حماس باعتراف صالح العاروري العلني!!! وتشبثت حماس حتى الآن بقرار السلم والحرب دون أدنى اعتبار للمصلحة الفلسطينية، واللغة المستخدمة الآن بعد الحرب من قبل حماس وهي لغة ليس لها هدف ولا معنى سوى نسف المصالحة، وتعطيل عملية إعمار قطاع غزة، وإرسال عدة رسائل متشنجة من حماس عبر الإعلان عن حملات تجنيد لميليشيا مسلحة بأن الحالة الفلسطينية في يدها تستطيع أن تفجرها متى تشاء.
ولكن رغم ذلك كله: فإن الإرهاب الإسرائيلي اليهودي أصبح مكشوفا أكثر، وأصبح عاريا بدون ساتر برغم الهدايا المجانية المقدمة له من تيارات الإسلام السياسي بجميع فصائله، وأن هذا الإرهاب الإسرائيلي اليهودي أصبح مستفزا للرأي العام الدولي، وعاجز عن تقديم أية إجابات مقنعة. 
في هذا الطور المتقدم جدا من النضال لإنجاز مشروعنا وهزيمة النص الإسرائيلي كنص قائم على الإرهاب وعربدة القوة والانصياع للخرافات والأساطير، فإننا ننظر بالأمل إلى أي نهوض عربي، أو أي تأييد دولي، ولكننا ننظر أولا إلى وحدتنا الوطنية فهي قاعدة صمودنا الأولى، وندعو الله أن يحميها من كيد الأعداء الداخليين الصغار الذين يثبتون المرة تلو الأخرى أنهم غير مؤهلين لأن يكونوا جزءا من البيت الوطني والمشروع الوطني، ولذلك فإنهم يقامرون خارج السرب، ويسببون لنا المآسي المتكررة.