أقاموا على جثتها الصيوان والزينة والأفراح، وعبث المكان، ودعوا للحفلة كل شتات الأرض، فعبثوا ولعبوا وطرب الرُكبان، كانت السماعات تصدح، والشتات يصرخ، والرغاء يسود والأعوران!

فسمعوا صرخة من البعيد تقول:

 غزة ليست لنا، غزة ليست لكم!

أتكتبون التاريخ بالدم على جسدها

 وجلودكم ناعمة ؟

أم تزفّون أنفسكم لها

 وهي بكم وبغيركم زاهدة ؟

  سقطت غزة مضرجة بدمائهم

  مضمّخة بآمالهم

  وغارت عيونها الكبيرة

  ودمعت منها المحاجر

  وتشقق قلبها قِطعاً صغيرة

  وتوقف في صدرها الزمن

  فبكت وشجت وانتحبت

 وتملكتها الحيرة!

 غزة ليست لنا غزة ليست لكم.

   صرختم في وجه العالم

 غزة صامدة ونحن أنصارها

 وكبلتم يديها وطعنتهم شرفها

 وسُقتموها للنار، وانتم سجّانوها

وطلبتم منها

وحيدة، شريدة، طريدة، شهيدة

أن تحارب العالم ولا تتألم

 وما انتظرتم حتى أن تتكلم

 أو تتأوه أو تبكي

 وحقّ لها أن تتعلم!

 وما قبلتم أن تروا قلبَها المكسور

 ولاعينيها الدامعتين

وما شفتم آمالاها المتطايرة

كغبار الطرقات!

مع كل قذيفة هزت أركانها

غزة ليست لكم غزة ليست لهم.

  احتفلتم وفرحتم وتكلمتم وتقبلتم التهاني

   وكتبت الأقلام

  ونشرت الصُحُف

   احتفلتم بموت غزة

   وبدفن الآف الملاحظات

  والدفاتر والكراريس

   ووأد آلاف الآميال من الأحلام

   واحتفلتم بطعن آلاف القلوب

  وذبح الأطفال

  وأماني الشباب

  وذكريات الشيوخ

 وماضي الأحوال.

غزة ليست لكم غزة ليست لنا

كرهتم أن تسمعوا شكواها

 أو نجواها

 أو صراخها

 وغشيَكم الكِبر

 والهوى

 والنزق

  فانفجرتم تُعربدون!

 لم تحتملكم غزة

فركبتم حصان الفضاء

وزعقتم، وكبّرتم وهلّلتم

وهددتم وتوعدتم

وتبجحتم وكذبتم

 ودلستم وما خجلتم ...

 لقد انتصرنا ، ولطمت غزة ..

غزة ليست لكم غزة ليست لنا .

غزة لله.

يا أيها الساقطون

 من نجم السُهى البعيد

 من أقصى المجرّة

 الساهون اللاهون

 السادرون

 ترقصون مع الثريا

أما آن لكم أن تخجلوا!

 أو تزعلوا!

 أو تنزلوا من شُرفاتكم العالية

 وتنظروا تحت سمائكم!

 ففي المدينة ملايين العيون

 والبسمات

 والقسمات الحائرة

وملاعب الأطفال

والنكبات

إن هاهنا الحقيقة

ومعنى الذات .

غزة ليست لكم غزة ليست لنا .

غزة لله.

غزة لأطفالها

غزة للعيون الباكية، وتلك الساهرة

غزة لحجرها وشجرها وبحرها

غزة لفلسطين