أعلنت اللجنة المركزية لحركة فتح، إن القيادة الفلسطينيةمستعدة للتعاون للكشف عن تفاصيل وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات .

وقالت المركزية إنها مستعدة للتعاون مع الإطراف للوصولإلى معرفة الأسباب التي كانت وراء استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات في مقر المقاطعةعام 2004.

بدورها طالبت سهى عرفات زوجة الرئيس الراحل ياسر عرفاتباستخراج جثته للتثبت من تسميمه إشعاعيًا.

وقالت عرفاتفي تحقيق أعدته قناة 'الجزيرة' إن من حقها كزوجة وأم وشريكة لرجلٍ عظيم لأكثر من20 عاما أن تطالب باستخراج جثة أبو عمَار للتثبت من سبب وفاته.

فيما طالبت حركة 'حماس' بتشكيل لجنة وطنية عليا لاستكمالالتحقيق في وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات.

ودعا القيادي في حركة حماس إسماعيل رضوان إلى توفيركافة متطلبات التحقيق للكشف عن المتورطين عن جريمة قتل عرفات، محملاً الاحتلال الإسرائيليةالمسئولية

وكشف تحقيق للجزيرة بث الليلة استمر تسعة أشهر العثورعلى مستويات عالية من مادة البولونيوم المشع والسام في مقتنيات شخصية للرئيس الفلسطينيياسر عرفات استعملها قبل فترة وجيزة من وفاته وذلك بعد فحوصات أجراها مختبر سويسريمرموق.

يعود تحقيق الجزيرة بالمشاهدين إلى حدث شد انتباه العالملعدة أسابيع: مرض ياسر عرفات الذي كانت تحاصره الدبابات الإسرائيلية في المقاطعة برامالله قبل نقله إلى باريس، حيث قضى أيامه الأخيرة وهو يخضع لسيل من التحاليل الطبيةفي مستشفى عسكري.

بعد مرور أكثر من سبع سنوات على رحيل الزعيم الفلسطيني،لا يزال اللغز قائما حول ظروف مقتله، إذا أن التحاليل التي أجريت له في باريس لم تتوصلإلى وجود آثار سموم واضحة في جسم عرفات. لكن الشائعات تناسلت بشأن السبب المحتمل لمقتله:سرطان، تليف كبدي، بل راجت حتى مزاعم بإصابته بمرض الإيدز. التحقيق الذي قامت به الجزيرةطيلة تسعة أشهر كشف أن كل تلك الشائعات غير صحيحة؛ عرفات كان بصحة جيدة إلى أن شعرفجأة بالمرض في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2004.

لكن الأهم هو أن التحاليل كشفت أن آخر الأغراض الشخصيةلعرفات (ملابسه، فرشاة أسنانه، وحتى قبعته) فيها كميات غير طبيعية من البولونيوم، وهومادة نادرة وعالية الإشعاع. كانت تلك الأغراض التي خضعت للتحليل في معهد الفيزياء الإشعاعيةبمدينة لوزان بسويسرا، تحمل بقعا من دم عرفات وعرقه وبوله. وتشير التحاليل التي أجريتعلى تلك العينات إلى أن جسمه كانت به نسبة عالية من البولونيوم قبل وفاته.

يقول مدير المعهد فرانسوا بوتشد 'أستطيع أن أؤكد لكمأننا قسنا كمية عالية من البولونيوم غير المدعوم 210 (المصنع) في أغراض عرفات التيتحمل بقعا من السوائل البيولوجية'.

فريق الجزيرة استغرق تسعة أشهر في تحقيقه حول وفاة عرفات

ويقول الأطباء إنهم بحاجة لمزيد من التحاليل وتحديدالعظام الراحل عرفات أو للتربة المحيطة برفاته، وإذا أثبتت التحاليل تلك وجود نسبة عاليةمن البولونيوم المصنع، فإن ذلك سيكون حجة دامغة على أنه تعرض للتسمم.

عندما حلل الأطباء الأغراض الشخصية لعرفات -التي سلمتهاسهى عرفات لفريق الجزيرة- لم يُعثر على أثر لسموم المعادن الثقيلة أو التقليدية، ولهذاتحول اهتمامهم إلى مواد أكثر غموضا من بينها البولونيوم وهو مادة عالية الإشعاع لايمكن إنتاجها إلا في مفاعل نووي ولها عدة استعمالات بينها توفير الطاقة للمركبات الفضائية.

يوجد البولونيوم في الغلاف الجوي، لكن المستويات الطبيعيةتسجل بالكاد. اكتشفت ماري كوري البولونيوم عام 1898 وكانت ابنتها إرين ضمن القتلى الأوائلالذين قضوا بسبب تلك المادة. فقد ماتت باللوكيميا (سرطان الدم) بعد سنوات من تعرضهاخطأ للبولونيوم في مختبرها.

كما قتل شخصان على الأقل لهما علاقة بالبرنامج النوويالإسرائيلي جراء تعرضهما لمادة البولونيوم. لكن الضحية الأشهر للبولونيوم هو الجاسوسالروسي السابق الذي صار معارضا ألكسندر ليتفينينكو، إذ توفي في لندن عام 2006. وتوصلتحقيق بريطاني إلى أنه توفي بالبولونيوم الذي دس له في الشاي بأحد مطاعم السوشي.

وليس هناك إجماع طبي واسع على أعراض التسمم بالبولونيوم،ويعود ذلك أساسا إلى قلة الحالات التي سجلت في الموضوع. وقد عانى ليتفينينكو من إسهالحاد، وفقدان للوزن، وتقيؤ، وهي الأعراض ذاتها التي ظهرت لدى عرفات بعد إصابته بالمرض.

مستويات عالية

عثر العلماء في لوزان على نسب عالية من البولونيوم فيأغراض عرفات، وكانت أعلى عشر مرات في الحالات الخاضعة للمراقبة. ويقول معهد لوزان فيالتقرير الذي أنجزه لفائدة الجزيرة 'حتى بالنسبة لحالة تسمم ليتفينينكو، فإنه من المتوقعالعثور على آثار ضئيلة جدا في عام 2012'.

لكن الأغراض الشخصية لعرفات -وخاصة تلك التي تحمل آثاراسائلة- لوحظت فيها مستويات عالية من البولونيوم. ففي فرشاة أسنانه وصلت مستويات البولونيوم54 ميليبيكواريل (وهي الوحدة العلمية لقياس درجة الإشعاع), ووصلت في لباسه الداخليالذي عليه بقعة بول 49 ميليبيكواريل (في اللباس الداخلي لرجل آخر استعمل في المراقبة،وصلت النسبة إلى 6.7 ميليبيكواريلات فقط).

ولا تمثل هذه المستويات -التي تم تسجيلها في مارس/آذار2012- سوى جزء مما كانت عليه لحظة وفاة عرفات في أواخر عام 2004.

وقد استبعد الأطباء في لوزان -وفي مناطق أخرى- مجموعةمن الأسباب المحتملة لوفاة عرفات، بناءً على ملفه الطبي الذي سلمته سهى عرفات للجزيرة.وقال مدير المركز الجامعي للطب الشرعي باتريس مانجين 'الأمر ليس تليّفا كبديا، ولاتوجد آثار لسرطان أو لوكيميا، بالنسبة للإيدز أو الفيروس المسبب له، ليست هناك أعراضلهذه الأمور'.خلاصات الأطباء استندت إلى وثائق وليس إلى تحاليل مباشرة. كان الأطباءفي لوزان يأملون دراسة عينات من دم وبول ياسر عرفات عندما كان في المستشفى العسكريبيرسي في فرنسا. لكن عندما طلبوها قال المستشفى لأرملة عرفات إنه تم تدمير تلك العينات.

تقول سهى عرفات 'لم أقتنع بذلك الجواب، عادة بالنسبةلشخصية مهمة مثل عرفات عليهم الاحتفاظ بآثاره، ربما لا يريدون التورط في الأمر'.

عدد من الأطباء الذين عالجوا عرفات لم يسمح لهم بمناقشةالقضية -حتى بموافقة سهى عرفات- لأن الأمر يعتبر 'سرا عسكريا'. كما رفض عدد من الأطباءالذين عالجوا عرفات في القاهرة أو تونس الحديث للجزيرة.

مع انسداد تلك الأبواب أمام التحقيق، يمكن أن يكون رفاتعرفات الدليل الباقي بمثابة حجة دامغة. لكن نبش الرفات يحتاج لموافقة السلطة الفلسطينية،ونقل الرفات خارج الضفة الغربية يحتاج لموافقة الحكومة الإسرائيلية.

النتيجة القائلة إن عرفات تعرض للتسمم ليس من شأنهاأن تقود لمعرفة من قتله، إنه أمر صعب للغاية. لكن العثور على بقايا بولونيوم في عظامعرفات قد يساعد كثيرا في معرفة المصدر. ومهما كانت النتيجة، فالأمل يبقى معقودا علىأن تساهم التحاليل الإضافية في إزالة كثير من الشكوك إزاء الوفاة الغامضة لياسر عرفات.

وتقول سهى عرفات أرملة الزعيم الفلسطيني 'توصلنا إلىتلك النتيجة المؤلمة للغاية، وهذا على الأقل خفف جزءا من العبء الجاثم فوق صدري. علىالأقل قمت بشيء ما كي نقول للشعب الفلسطيني -وللعرب والمسلمين في كافة أنحاء العالم-إن رحيل عرفات لم يكن وفاة طبيعية، كان جريمة'.