جدد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو امس دعوته للفلسطينيين للاعتراف باسرائيل "دولة يهودية"، الامر الذي سارع الفلسطينيون الى رفضه، ما يجعل احتمالات التوصل الى اتفاق اطار بين الطرفين قبل آخر الشهر المقبل امرا مستبعدا. وفي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن الى تمديد المفاوضات تجنبا لاعلان الفشل، أعلن وزيران اسرائيليان ان تجميد الاستيطان واطلاق سراح أسرى ليسا مدرجين على جدول الأعمال، وذلك ردا على مطلبي الرئيس محمود عباس من أجل النظر في احتمال الموافقة على تمديد فترة المفاوضات.
وقال نتنياهو في كلمة القاها أمام مؤتمر منظمة "ايباك" للوبي الاسرائيلي في واشنطن مخاطبا الرئيس محمود عباس "ايها الرئيس عباس: اعترف بالدولة اليهودية... وقل للفلسطينيين ان يتخلوا عن وهم اغراق اسرائيل باللاجئين". واضاف نتنياهو متوجها ايضا للرئيس عباس "بالاعتراف بالدولة اليهودية فان استعدادك الكامل لانهاء النزاع سيبدو واضحا".
وقال نتنياهو انه مستعد للتوصل الى "سلام تاريخي" مع الفلسطينيين شرط ان يوافقوا على يهودية اسرائيل، معتبرا ان "الوقت حان لكي يتوقف الفلسطينيون عن نكران التاريخ". وقال إنه جاء من القدس العاصمة الأبدية والموحدة لإسرائيل والشعب اليهودي.
وسارع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث الى رفض كلام نتنياهو بالكامل معتبرا انه "اعلان اسرائيلي رسمي من طرف واحد بانهاء المفاوضات". وقال شعث تعليقا على كلام نتنياهو "اعلن نتنياهو اليوم (الثلاثاء) بوضوح رفضه لكل قواعد السلام ولكل قواعد المفاوضات النهائية التي اتفقنا عليها مع الادارة الاميركية، وهي حل قضايا الحدود واللاجئين والاستيطان وكل قضايا الوضع النهائي". وتابع "نتنياهو اعلن انه لا يريد قوات دولية اي يريد قوات اسرائيلية، ولا يريد حلا لقضية اللاجئين ويريد الاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية وهذا مرفوض تماما".
واعتبر شعث كلام نتنياهو "تحديا للادارة الاميركية ويقطع الطريق على اي حل قائم على الشرعية الدولية وحل الدولتين ويرفض حقوق الشعب الفلسطيني". واضاف "اذا قبلت الادارة الاميركية هذا الامر، ولا اعتقد بانها ستقبل، فنحن سنرفض".
من جهة ثانية كرر نتنياهو المطالبة ببقاء قوات عسكرية اسرائيلية في غور الاردن حتى في حال التوصل الى سلام، معتبرا ان اطرافا مثل حماس وحزب الله اللبناني قد يرفضان هذا السلام ويعملان على تخريبه. وقال انه في حال التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين فان اسرائيل "ستتعرض بالتأكيد لهجوم من حزب الله وحماس والقاعدة وغيرهم".
واضاف نتنياهو "لقد اثبتت التجارب ان قوات حفظ السلام الغريبة تحافظ على السلام فقط عندما يكون هناك سلام، اما في حال تعرضها لهجمات متكررة فانها ستنسحب على الارجح" مضيفا "ان القوة الوحيدة الموثوقة القادرة على حماية السلام هي القوة التي تدافع عن بلادها اي الجيش الاسرائيلي".
وتطرق نتنياهو ايضا الى التهديدات بمقاطعة اسرائيل بسبب نشاطها الاستيطاني، فوصف هذا السعي بـ"المهزلة" متوقعا له "الفشل"، معتبرا ان الهدف منه هو "جعل اسرائيل تبدو غير شرعية".
وفي لفتة نادرا ما تأتي من نتنياهو بل من الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس، اشار رئيس الحكومة الاسرائيلية الى الفرص التي يمكن ان تفتح امام اسرائيل في المنطقة العربية في حال توقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وقال "العديد من القادة العرب اليوم باتوا يدركون ان اسرائيل ليست عدوتهم، والسلام مع الفلسطينيين قد يفتح الباب امام علاقات واسعة مع العديد من الدول العربية".
وافادت تقارير صحفية ان واشنطن قد تطلب تجميدا جزئيا للاستيطان كمحاولة لضمان ابقاء الفلسطينيين على طاولة المفاوضات. ولكن وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي يوفال شتاينتس اكد انه لم يتم تقديم اي طلبات مماثلة للجانب الاسرائيلي حيث قال للاذاعة العامة ردا على سؤال حول المطالب الفلسطينية بتجميد الاستيطان واطلاق سراح المزيد من الاسرى قائلا "اعتقد بأن هذه الامور ليست حتى على جدول الأعمال".
اما وزير الاسكان المؤيد للاستيطان اوري اريئيل من حزب البيت اليهودي القومي المتطرف فاكد بانه ليس "قلقا" من فكرة تجميد البناء الاستيطاني مشيرا الى ان "رئيس الوزراء اعلن بأنه لن يكون هناك (تجميد للاستيطان)".
وكان مسؤول فلسطيني أكد في وقت سابق ان الرئيس عباس أكد استحالة تمديد مفاوضات السلام الجارية مع اسرائيل دون وقف الاستيطان والافراج عن الاسرى. ونقل عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد المدني عن الرئيس عباس قوله "لا يمكن ان تستمر المفاوضات مع استمرار الاستيطان" الاسرائيلي.
ويقول مسؤولون ومحللون فلسطينيون ان الجانبين الاسرائيلي والاميركي يمارسان ضغوطا شديدة على الجانب الفلسطيني لانتزاع آخر أوراقه مع اقتراب الموعد المقرر لانهاء المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي بنهاية نيسان القادم. وقال مسؤول فلسطيني مطلع على سير المفاوضات طلب عدم ذكر اسمه لوكالة فرانس برس ان "الامور تسير مثل لعبة الورق وهنالك محاولات اميركية واسرائيلية لنزع كل الاوراق القوية التي بحوزة الجانب الفلسطيني".
وتتمسك القيادة الفلسطينية بقضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين وتجنب الاعتراف الفلسطيني باسرائيل "كدولة يهودية" بالاضافة الى الحق الفلسطيني بالتوجه الى منظمات دولية بعيد حصول فلسطين على وضع دولة مراقب غير عضو في الجمعية العامة للامم المتحدة، بالاضافة الى القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية.
وقال المسؤول "لغاية هذه اللحظة فان اميركا لم تعطنا اي شيء، وكل ما جاء في مطالبها يخدم استمرار الاحتلال وتوسيع المستوطنات".
وتشير عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي الى ان "كل الضغوطات التي تمارس الآن من قبل الولايات المتحدة تمارس على الجانب الفلسطيني وكأننا الطرف الاقوى، مع اننا اقوياء فقط في ضعفنا وموقفنا المبني على القانون الدولي وليس على الحروب".
وقالت عشراوي "لا أحد يشك بان الولايات المتحدة الاميركية منحازة كليا لاسرائيل وهذا الانحياز الحق ضررا في مصداقيتها في عملية السلام ومنح اسرائيل مزيدا من الوقت لفرض الاحتلال".
وحول مطالبة نتنياهو بالاعتراف بـ"يهودية الدولة"، قالت عشراوي "هذا مطلب تعجيزي ويريدون منا تبني الرواية الصهيونية والتنكر لثقافتنا ووجودنا على الارض والغاء حق العودة وضمان سيطرة اسرائيل على الارض والامن والاماكن الدينية وكل هذه الامور لا يقبلها قانون دولي او اخلاق تفاوضية".
وبحسب عشراوي فان الولايات المتحدة "باتت تسعى الى اتفاقية اطار لاستمرار المفاوضات وليس للحل النهائي". وفيما يتعلق بامكانية تمديد المفاوضات الى ما بعد الموعد النهائي المقرر ما بعد نيسان المقبل قالت عشراوي ان تمديد المفاوضات دون الاتفاق على اساس حدود عام 1967 وعدم شرعية البناء الاستيطاني يعني "اعطاء اسرائيل مزيدا من الوقت للقضاء على السلام".
نتنياهو "يطلق النار" على المفاوضات أمام "الأيباك"
05-03-2014
مشاهدة: 1005
إعلام حركة فتح - إقليم لبنان
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها