العقلانية، الحكمة، الإنسانية، الصبر، الشجاعة، الصدق، السلوك الحسن، القيم الأخلاقية، الرؤية الثاقبة، الخبرة، الكفاءة، العمل بإخلاص، استخلاص العبر والنتائج، الثقة بالذات، الشخصية، الإقناع، الإيمان بالحق، والانحياز للحقيقة، الذكاء، الذاكرة، الدهاء، الوعي، الادراك، النباهة،  الضمير الحي، التفاعل الإنساني والاجتماعي، الحوار البناء، ونكران الذات، الحضور والتأثير الإيجابي، هذه بعض سمات وصفات الشخصية القيادية السياسية، أما (الصراحة) فهي الدائرة الأصعب، التي يتخذها القائد السياسي قاعدة الارتكاز، لبلوغ مقاصد وأهداف المهمة، التي وثق عروتها مع الجماهير التي منحته الثقة، ليكون في موقع  القرار، وسنبدأ بهذا السؤال: هل يعرف أحدكم اسم شخص أوصلته (جماعة الإخوان المسلمين) إلى ميدان السياسة تتوفر فيه صفة واحدة مما سبق؟ وهذا بالتأكيد ينسحب على مشتقاتهم، أو ممن يماثلهم وينافسهم، في استخدام الدين لمصالح سلطوية دنيوية، لدى مذاهب أخرى، فهذه السمات والصفات وغيرها محل إجماع عند المفكرين والباحثين، وبما أن الجواب معلوم، فإننا نعتقد في هذا السياق أن نائب رئيس حماس في الخارج موسى أبو مرزوق، قد فشل في الفوز بشهادة القائد السياسي، رغم محاولاته التي لا تعد ولا تحصى، التي كان آخرها، محاولة التسلل إلى حديقة البيت الأبيض الأميركي، مستترًا بصحيفة نيويورك تايمز لمغازلة  أصحاب (صفقة القرن) وخطة تهجير المواطنين الفلسطينيين من قطاع غزة، فقد نشرت الصحيفة حديثه، رغم فيضان الكذب، أبرزته الصحيفة، حتى أغرق نفسه وجماعته بمتناقضات اضطر حازم قاسم وهو الناطق باسم (جماعة حماس) للقول: إن ابو مرزوق لا يُمثل موقف حماس.

دعونا إذن نتابع نيويورك تايمز ونقاط تركيزها، فقد كتبت عن أبو مرزوق: "لعدة أشهر دافع قادة حماس عن قرارها شن هجوم 7 أكتوبر 2023، الذي أشعل هجومًا إسرائيليًا مدمرًا أودى بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة وحول المنطقة إلى أنقاض، وأعلنت حماس النصر على إسرائيل، ورغم ذلك تعهد بعض مسؤوليها بأن مقاتليها (حماس) سينفذون المزيد من الهجمات المشابهة لهجوم 7 أكتوبر في المستقبل". التي كانت إشارة مفعلة لذاكرة القراء التي أوردتها الصحيفة، وكانت بمثابة رسالة غير مباشرة لنائب رئيس حماس أبو مرزوق ملخصها (لا تكذب علينا) فالصحيفة نشرت حسب قوله: "لم يتم اطلاعه على الخطط المحددة لهجوم 7 أكتوبر، وأنه لو كان متوقعًا أن يحدث ما حدث، لما كان هناك هجوم 7 أكتوبر، وأنه لم يكن ليدعم الهجوم لو كان يعرف الدمار الذي سيخلفه على غزة. وقال: إن "معرفة العواقب كانت ستجعل من المستحيل عليه دعم الهجوم".

قبل تفصيل كلام أبو مرزوق ووضعه تحت المجهر، نود القول له إن منح حماس منظومة الاحتلال الاستيطانية العنصرية (إسرائيل) الذريعة تحت عنوان (طوفان الأقصى) لتدمير القطاع، وقتل أكثر من 70 ألف مواطن أكثر من 70% منهم نساء وأطفال، وتدمير مقومات الحياة، وأكثر من مليوني نازح، وموت الرضع من البرد في الخيام، لا يحسب خطًأ، ولا سوء تقدير، ولا جهلاً، ولا خطيئة تمحوها التوبة والغفران، وإنما انعكاس لمنهج جماعة حماس، الذي لا يقيم اعتبارًا ولا وزنًا للنفس الإنسانية المقدسة، ويقدم الموت على قداسة النفس وحقها في الحياة، فبقاء دويلة الجماعة، وسيطرتها بقوة سلاحها وانقلابها الدموي، أولاً وأخيرًا، حتى لو لف الجحيم، ليس قطاع غزة وحسب، بل فلسطين، التي ما رآها محمود الزهار على الخريطة، وهو عضو مكتب حماس السياسي إلا "بحجم عود مسواك". ما يعني أن القائد السياسي والعسكري، الذي يبرر أم النكبات والكوارث، والإقرار بأن: "قطاع غزة منطقة منكوبة غير قابلة للحياة" حسب اعتراف خليل الحية رئيس حماس الحالي، بسوء التقدير، وضعف الرؤية، ثم يبدي استعداده لدفع الثمن بقوله: "إن لدى قيادة حماس نوعًا من الانفتاح للتفاوض بشأن مستقبل سلاحها في غزة". دون أن يعثر عليه منتحرًا، وإلى جانبه ورقة اعتراف وإقرار بالفشل التاريخي، لا نراه إلا تأكيدًا بأن دور ساسة حماس قد حان، للانتقام من قادتها العسكريين الذين اتخذوا 7 أكتوبر 2023 واجهة لانقلابهم على ساسة حماس المعروفين في الداخل والخارج، فساسة حماس قد ظنوا باستغلالهم ما سمي (طوفان الأقصى)، وتعدد جبهات إطلاق النار على منظومة الاحتلال، إنهم سيغيرون وجه المنطقة لصالحهم وصالح إيران، تحت مسمى محور الممانعة والمقاومة.

وفعلاً تغير وجه المنطقة، ولكن بانهيار محورهم، وتمدد منظومة الاحتلال في لبنان وسوريا والضفة الفلسطينية بعد احتلال وتدمير قطاع غزة، وليس بعيدًا ظهور خريطة (أميركية- إسرائيلية) جديدة لحدود وديمغرافيا دول المنطقة. أما وجوه ساسة حماس فقد اسودت للأبد.