يظن نتنياهو أنه سيتلقى استجابة من نوع ما من رئيس الشعب الفلسطيني، مهددًا ومتوعدًا لذلك بمنع وجود سلطة وطنية في غزة بعد انتهاء الحرب، ويضغط بعمليات قتل وتدمير في كل أرض فلسطين، وبقرصنة أموال الضرائب الفلسطينية (مال الشعب الفلسطيني) وكأنه لا يعلم أن سيادة الرئيس أبو مازن، قد قطع الشك باليقين، وطرح الموقف الفلسطيني الثابت (القديم المتجدد) عندما ربط الأمر بحل سياسي شامل، يحقق للشعب الفلسطيني أهدافه وفق قرارات الشرعية الدولية، أما نتنياهو المستعد لتدمير (دولة اسرائيل) لحماية نفسه من المساءلة القانونية -وقد فعلها- كما قال إيهود باراك رئيس الحكومة الأسبق، فعليه انتظار شروق الشمس من مغربها قبل تراجع سيادة الرئيس أبو مازن عن مقولته الخالدة: "لن أنهي حياتي بخيانة".. فسيادة الرئيس أبو مازن الذي رأى في الحملة الدموية حرب إبادة، تستهدف وجود الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرض وطنه التاريخي والطبيعي، وإجباره على الدخول بنكبة جديدة لعقود، لا يفكر ولا يعمل إلا لصد ومنع المنظومة الاستعمارية الصهيونية من تحقيق أهدافها، فالسلطة ما كانت إلا قاعدة ارتكاز للانطلاق نحو دولة فلسطينية حرة مستقلة ذات سيادة للشعب الفلسطيني، لإدراكه أيضا أن الصهيونية الدينية التلمودية في إسرائيل تعمل -حسب أهداف حرب الإبادة هذه- لتدمير أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية بات العالم مجمعا على ضرورة قيامها لإحلال السلام، ما يعني أن نتنياهو الصهيوني التلمودي، يواجه إرادة ومواقف شعوب دول العالم المحبة للسلام والحرية بحرب إبادة يشنها على شعب الدولة ويدمر مقدراتها ومؤسساتها.
يعرف نتنياهو مواقف الرئيس الإنسان أبو مازن، لكن يصر ويتمسك ويتشدد أكثر، لاعتقاده أن عملية اغتيال الرئيس بهذه الطريقة أسهل من عملية اغتيال الرئيس الرمز ياسر عرفات بالسم، وبذلك تضمن منظومة الإرهاب العنصرية (إسرائيل) التخلص من "أخطر فلسطيني على وجود إسرائيل" كما ذكروا في تقاريرهم السرية والمعلنة على حد سواء، والسؤال لماذا هو الأخطر؟ لأنه المدرك جيدًا لتفاصيل (المؤامرة الدولية – الصهيونية) التي قررت إنشاء إسرائيل، ولأنه العالم بالخطر الثابت لهذا المشروع الصهيوني الاستعماري الإرهابي على الوجود الفلسطيني، على المديين: القريب والبعيد، ولأنه سيد العقلانية والحكمة والواقعية لانتزاع الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني، ولأنه اختار مبدأ تعميم الحياة بعزة وكرامة وحرية واستقلال وسيادة على أرض الوطن، ضاربا بذلك منهج المنظومة الاستعمارية الصهيونية التي كرست تعميم الموت والحرب كجزء لا يتجزأ من ثقافة الناس، فالمنظومة الصهيونية المالكة لأفظع أدوات القتل والتدمير معنية بانتشار الثقافات المضادة للحياة، ليسهل عليها نشر صور الموت والدمار، في سياق حملة الإبادة الدموية التي بدأت عمليًا منذ وعد بلفور بمجازر ومذابح تحت سمع وبصر دولة الانتداب الاستعمارية (بريطانيا العظمى) ونرى أحدث حلقاتها وبذروة درامية تراجيدية في مسلسل دموي مستمر منذ 47 يومًا!
يظن رئيس حكومة المنظومة بنيامين نتنياهو بقدرته على دفع الرئيس أبو مازن نحو لحظة انتحار سياسي!! يسبقه بلحظة نسف مبادئ وقيم وأهداف حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وأخلاقيات المناضل الوطني الفلسطيني، فهذا المتثعلب (نتنياهو)، يظن باستطاعته دفع رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية الرئيس الإنسان محمود عباس نحو مربع تبرير حملة الإبادة الدموية والمجازر التي أطلقتها منظومة (حكومته التلمودية) بحق الشعب الفلسطيني في كل مكان على أرض فلسطين والبالغة ذروتها في قطاع غزة، فهو عبثا يطلب من رئيس الشعب الفلسطيني التجرد من أخلاقياته الشخصية والوطنية، وحكمته وعقلانيته وواقعيته، ومنهجه السياسي الوطني الإنساني، وإنكار رؤيته العميقة للأسباب والظروف والحيثيات المؤسسة لنضال الشعب الفلسطيني، وإيمانه بالحقيقة الثابتة وهي أن الاحتلال والاستيطان هما مصدر الإرهاب والشر المطلق الذي ترعاه منظومة الاحتلال (إسرائيل)، فنتنياهو هذا قد بلغ ذروة العنصرية الهمجية والحماقة أيضا عندما يطلب من الرئيس أبو مازن الكف عن رؤيته الإنسانية وإيمانه بقيمة وروح الإنسان البريء أيا كان جنسه أو عقيدته أو جنسيته أو عرقه، وينتظر منه إعلانا من نقطة واحدة فقط، وهي إدانة دماء وأرواح عشرات آلاف المواطنين الفلسطينيين التي سفكت بسلاح جيشه ومستوطنيه الإرهابيين، قبل وبعد السابع من أكتوبر الماضي، والسؤال كيف ذلك؟!، الجواب: أن يعلن الرئيس أبو مازن إدانته لما حدث في المستوطنات في محيط غزة يوم السابع من أكتوبر فقط! رغم أن كل شعوب ودول وحكومات العالم في قارات الأرض، تعلم جيدا موقف الرئيس أبو مازن وقيادة السلطة الوطنية الفلسطينية، وموقف منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، الرافض بالمطلق إيذاء المدنيين أيا كانت جنسياتهم وأعمارهم وأجناسهم، موقف كرره الرئيس في مناسبات كثيرة، وأحدثها بخطاب علني، وكذلك في الثالث عشر من أكتوبر بإبلاغ وزير الخارجية الأميركي بلينكن أثناء اجتماع معه في عمان العاصمة الأردنية بأن: "سياسة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني تلتزم بالشرعية الدولية وتنبذ العنف ضد المدنيين" وأن الشعب يطالب بحماية دولية، وأن القوانين والشرائع والمواثيق الدولية منحته حق الدفاع عن النفس المشروع في ظل قصور المجتمع الدولي عن إجبار الدولة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) على الانصياع للقانون الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، بالانسحاب الكامل من أرض دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران سنة 1967 بما فيها القدس الشرقية، جيشا ومستوطنات باعتبارها باطلة ولا شرعية، وتكريسًا لنظام إرهاب دولة احتلال استيطان وعنصرية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها