أودعت محكمة جنايات الزقازيق في مصر، حيثيات الحكم على السيدة التي هزت جريمتها الرأي العام المصري، حيث قتلت طفلها الصغير وطهت أجزاء من جثته وأكلتها، بمدينة فاقوس بمحافظة الشرقية شمال البلاد.
وقالت في حيثيات حكمها مبررة سبب براءة المتهمة وإيداعها إحدى دور الرعاية النفسية، إن المتهمة قتلت طفلها لرغبتها في الاستئثار به لنفسها، وخشيتها بل ورعبها من أن يحاول طليقها الحصول عليه، وأعدت لذلك عصا فأس كانت بمسكنها، وأغلقت منافذ المنزل جيدا، وانفردت بالمجني عليه مستغلة اطمئنانه إليها وسكونه في وجودها، فغافلته وانهالت على رأسه بثلاث ضربات بالعصا أودت بحياته.
وأضافت أن المتهمة وتدعى هناء محمد تزوجت من شخص يدعى محمد سعد، وخلال زيجتهما التي استمرت 8 سنوات أنجبت طفلها المجني عليه سعد محمد، وقبل ثلاث سنوات سابقة انفصلت عن زوجها وانتقلت للإقامة في منزل أهلها، مشيرة إلى أن المتهمة ولظروف أسرية كانت تخشى من أن توافق أسرتها على نقل حضانة صغيرها لوالده، فيما كانت هي متمسكة بحضانة الصغير لحبها له وخوفها من أي أذى قد يصيبه، ولذلك تركت منزل العائلة وانتقلت للإقامة في منزل منفرد ومستقل بجوار منزل أسرتها.
ووفق الحيثيات فقد كانت المتهمة خلال تلك الفترة مضطربة نفسيًا ودائمة الصراخ والعويل دون سبب ظاهر، وحين سألتها إحدى جاراتها وتدعى زينب محمد عن سبب صراخها وعويلها كانت تخبرها أن سيدات لا تتمكن من رؤيتهن يقمن بضربها ومحاولة قتل طفلها.
وأشارت الحيثيات إلى أن المتهمة كانت تنتابها حالة هياج شديدة وتخرج من منزلها بلا سبب وتجري في شوارع القرية لتطارد أطفالا اعتقادا منها أنهم يحاولون إيذاء طفلها، كما حفرت حفرة كبيرة بالمنزل وطلبت من جارتها دفن طفلها فيها، وإهالة التراب عليه اعتقادا منها أيضا أنها بذلك تحميه من الأطفال ومن والده ومن السيدات التي تزعم أنهن يقمن بضربها، وكانت تقول إن طفلها حتى لو مات سيعود لها من جديد.
وأشارت الحيثيات إلى أن مخاوف الأم من حصول مطلقها عن نجلها جعلها تقرر في يوم الثلاثاء 25 أبريل الماضي قتله، وأعدت لذلك الغرض عصا فأس خشبية وسكينا متواجدين لديها بالمنزل، وقامت بتقطيع جثمانه وإخفائه، مؤكدة أنه مساء اليوم التالي لاحظ الجيران أنها كانت تصدر أصوات بكاء وتنادي على طفلها بقولها "أنت فين ياسعد؟".
وتابعت الحيثيات أن جارتها ارتابت في أمرها واتصلت بعم المتهمة ويدعى محمود حسن طالبة منه الحضور، وبالفعل حضر وبصحبته والدة المتهمة وشقيقها وأصروا على الدخول، وبسؤالها عن ابنها أنكرت وجوده بالمسكن لكن الجميع شكوا في الأمر، وبالبحث عن الطفل في أرجاء المنزل، عثروا على أشلاء الجثمان المقطعة بدلو من البلاستيك مخبأ داخل دولاب ملابس المتهمة، وأكدت الحيثيات أن الأسرة وبمواجهة المتهمة أقرت أنها أكلت طفلها وأعادته لبطنها كما جاءت به من بطنها إلى الدنيا، فأبلغ عم المتهمة السلطات بالواقعة، وتم القبض عليها وتقديمها إلى جهات التحقيق.
وكان تقرير اللجنة الخماسية في القضية قد قاد المحكمة لإصدار الحكم ببراءتها.
وقال التقرير إن اللجنة المشكلة من أساتذة الطب النفسي بجامعتي الزقازيق والمنصورة، لفحص المتهمة وبيان حالها، بناء على طلب المحكمة، طلبت إجراء فحوص طبية لها تشمل صورة دم شاملة ووظائف كلى وكبد ورسم مخ وتصوير رنين مغناطيسي على الدماغ ونتيجة اختبار ذكاء، مضيفة أنه وبفحص الحالة تبين أنها متبلدة العواطف، واحتوى تفكيرها على ضلالات الاضطهاد، واعتقادها أن زوجة أخيها وزوجة عمها تتعمدان إيذاءها وابنها بأعمال سحر، فيما أكد التقرير أن المتهمة تعي الزمان والمكان، وذاكرتها جيدة للأحداث القريبة والبعيدة، وذكاؤها أقل من المتوسط بالتقدير الإكلينيكي.
وأوضح التقرير أن المتهمة تعاني من خلل في الاستبصار، واعتلال في الحكم على الأمور، وعدم تقديرها لفداحة موقفها، وكانت ترى أن ما ارتكبته من جريمة بشعة مجرد خطأ يستوجب دفع دية مقابل الإفراج عنه واستكمال بقية حياتها، مؤكدا أن المتهمة وكما وضح من تصرفاتها كانت تعاني من اضطراب في التفكير خاصة في الفترة التي تلت طلاقها من زوجها، وكانت تتصرف بغرابة مدفوعة بمخاوف مرضية على طفلها، وصلت لحد تزايد مخاوفها من أن يدس أحد السم لها ولطفلها، لذا تركت منزل العائلة، وأقامت مع طفلها في منزل مهجور يفتقد أبسط مقومات الحياة الآدمية.
وكشف التقرير أن المتهمة وإزاء تعدد وتفاقم مخاوفها المرضية طلبت من جارة لها تدعى زينب إعداد حفرة ودفنها وابنها فيها، وبررت لها ذلك بمحاولة الاختفاء عن أعين من يحاولون إيذاءها، وقالت إن طفلها سبق أن مات وعاد للحياة مرة أخرى، مضيفا أن الفحص الطبي للمتهمة أكد ظهور بؤر متعددة لتغيير الإشارات، قد تشير إلى الإصابة بمرض التصلب المتعدد، ومن ضمن أعراضه ظهور اختلالات عقلية ونفسية وضلالات وهلاوس وتبلد مشاعر.
وأكد التقرير أن فحص نسبة الذكاء للمتهمة أظهر حصولها على معامل ذكاء 60، وهذه الدرجة تضعها في فئة الإعاقة العقلية البسيطة، موضحا أن العقل المريض بالضلالات في ظل محدودية الذكاء دفعها إلى ارتكاب تلك الجريمة البشعة بنفس المنطق المختل الذي تعتنقه، وهو أن قتل صغيرها يعتبر الوسيلة الوحيدة لإخفائه وحمايته وأنه سيعود للحياة مرة أخرى.
وكانت محكمة جنايات الزقازيق في محافظة الشرقية، قد قضت ببراءة هناء محمد حسن، البالغة من العمر 37 سنة، من تهمة قتل ابنها وأكل أجزاء من جثته بعد طهيها وإيداعها إحدى دور الرعاية النفسية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها