منتصف ليل الجمعة الموافق 31 آذار / مارس الماضي أعدمت قوات الشرطة الإسرائيلية من مديرية دافيد الذين تواجدوا في باب السلسلة في القدس القديمة عن سابق تصميم وإصرار الطبيب الشاب، محمد خالد العصيبي (26 عاما) من قرية حورة في النقب، عندما حاول حماية سيدة فلسطينية من وقاحة وتعدي المفرزة الإرهابية، وحرمانها من دخول المسجد الأقصى للاعتكاف، والمجموعة الإرهابية من الشرطة تعمل تحت قيادة قائد لواء القدس، الذي يقف وراء جرائم حربهم وقيادته العسكرية والسياسية.
وللتهرب من الجريمة المفضوحة، التي أكد شهود عيان فلسطينيون، ان الشاب العصيبي لم يفعل شيئا سوى تدخله الإيجابي لحماية الفلسطينية، بيد ان المجموعة الإرهابية الصهيونية تذرعت كذبا وتزويرا، بان الشاب محمد حاول انتزاع سلاح الشرطي القاتل، مما دفع الأخير لاطلاق الرصاص من مسدسه، وتلاه باقي أعضاء العصابة الفاشية، التي اطلقت الرصاص من بنادقها على الطبيب النبيل محمد، والذي توفي من اول رصاصة وجهت لرأسه.
ولم تكتفِ الشرطة العصابة بقلب الحقائق، وتلفيق الأكاذيب، بل ادعت، انه لا يوجد كاميرات توثق الحادثة، وهذا افتراء اكثر فجورا وخسة، لانهم يعلمون، ونحن نعلم ان كل مليمتر في القدس يخضع لمراقبة الكاميرات، فضلا عن الطائرات المسيرة والمناطيد المثبته في سماء المدينة لتصوير كل شاردة وواردة تدخل او تخرج من القدس عموما، والمسجد الأقصى خصوصا. ورواية الشرطة الاجرامية الإسرائيلية تذكرنا بجريمة إعدام الأستاذ يعقوب أبو القيعان في قرية ام الحيران، الذي اتهموه بالانتماء لـ"داعش" عام 2017، ولكن بعد الملاحقة والمتابعة اعترفوا باكاذيبهم وتزويرهم للحقائق بعد عام من الجريمة الجبانة. ومع ذلك رفضوا تعويض عائلة الأستاذ المغدور.
وجريمة اعدام الطبيب العصيبي تؤكد ان حكومة الترويكا الفاشية تعمل بخطى متسارعة لتأجيج الصراع مع الفلسطينيين، لحرف بوصلة التناقضات داخل المجتمع الإسرائيلي المتفاقمة للأسبوع الثالث عشر، واختراق الممانعة الإسرائيلية لتمرير الانقلاب القضائي، وأيضا تكريسا لسياسة التطهير العرقي للكل الفلسطيني العربي بغض النظر عن مكان اقامتهم، او طبيعة مهنتهم، او جنسهم أو أعمارهم أو دينهم. وردا على الجريمة البشعة أعلنت لجنة المتابعة العليا الاضراب العام في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية المختلطة امس الاحد، الذي استجابت له الجماهير الفلسطينية بمختلف مكوناتها، ودعت لتشكيل لجنة تحقيق محايدة، وضرورة تأمين الصور التي وثقتها الكاميرات، ورفع قضيته لمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة قائد لواء شرطة القدس ومجموعاته الإرهابية، ورفع دعاوى في مختلف المحاكم الأوروبية وغيرها لفضح وتعرية دولة التطهير العرقي الاسرائيلية
• الأسير وليد دقة
وفي السياق الاجرامي يواجه المناضل والمثقف الأسير البطل وليد دقة وضعا خطيرا، نتاج إصابته وتفشي مرض السرطان النادر، الذي أصاب نخاع العظام، والذي يعرف ب"التليف النقوي"، وهو يقبع منذ فترة في مستشفى برزلاي، وترفض إدارة السجون الاجرامية الافراج عنه. رغم المناشدات الفلسطينية والعربية والدولية. لا سيما وان دقة أمضى 38 عاما في سجون العدو الصهيوني. لكن مجرمي الحرب الاسرائيليين يرفضون الافراج عنه، اسوة بما فعلوه مع الأسير الشهيد البطل ناصر أبو حميد قبل شهور قليلة. وكأن لسان حال سلطات السجون الإسرائيلية يقول، ان قرار إعدام الأسير البطل وليد اتخذ، ولا رجعة عنه، وترفض مجرد الاصغاء لصوت الضمير العالمي المتصاعد، والمنادي بضرورة منح الأسير المثقف فرصة العلاج الممكن خارج دائرة الطبابة الإسرائيلية الأمنية القاتلة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
ورغم صراع دقة الأسير الشهيد الحي مع المرض والجلاد في آن، ووهن جسده النحيل، الذي تآكل نتاج تداعيات السرطان القاتل، الا انه مازال يقاوم بالقدر الذي يستطيع، ولكن هذا لا يغني عن توسيع وتعميق الحملة الوطنية والعربية والإقليمية والدولية للضغط على حكومة نتنياهو السادسة للافراج عن الأسير الباسل، وتأمين علاجه في المستشفيات الوطنية او العربية لوقف تفاقم المرض، الذي ساهمت باستيلات العدو الصهيوني بتفشيه، ومضاعفة تداعياته على الحالة الصحية لجنرال الاسر، واحد أعمدة وقامات الحركة الاسيرة البطلة. ومطالبة الدول والهيئات الأممية ذات الصلة بالتدخل المباشر للافراج عن الشهيد الحي وليد.
رحمة الله على الشهيد العصيبي، والشفاء والافراج العاجل لاحد عمداء الحركة الاسيرة المناضل وليد دقة.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها