مجددًا عاد للواجهة ما يسمى "منتدى النقب" الصهيو أميركي، رغم صعود الفاشية المتجددة في إسرائيل بقيادة الليكود وزعيمه الفاسد، بنيامين نتنياهو، ومع أن الإدارة الأميركية الحالية ليست على وئام معه، وسجلت العديد من النقاط السلبية على تبوأ ممثلو الفاشية الجديدة مواقع أساسية في حكومة بيبي السادسة، وأكد ممثلوها على أنهم سيتعاملوا مع رئيس الحكومة فقط، وأن محاكمتهم ستعتمد على سلوكها (الحكومة) في الداخل الإسرائيلي وضد أبناء الشعب الفلسطيني، إلا أن إدارة بايدن لم تتوقف لحظة واحدة عن المضي في تنفيذ صفقة القرن، وتعمل بخطى حثيثة على تعميق وتوسيع الدور والنفوذ الإسرائيلي في أوساط اهل النظام الرسمي العربي. وبالتالي وضعت تباينها مع زعيم الليكود جانبًا، وفصلت بينه وبين العلاقة الاستراتيجية مع الدولة اللقيطة واللا شرعية، التي ساهمت بقسط أساسي في نشوئها وتطورها وحمايتها حتى اللحظة الراهنة، وعلى حساب مصالح العرب عمومًا والفلسطينيين خصوصًا، الذين مازالوا بعد 75 عامًا يرزحون تحت نير الاستعمار الاجلائي الاحلالي الصهيوني، ويدفعون على مدار الساعة أثمانًا باهضة من دم أبنائهم وأرضهم ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية وحقوقهم السياسية والقانونية. 


رغم ما تقدم، استجابت الدول العربية الموقعة على اتفاقات استسلام مع إسرائيل بعقد لقاء لما يسمى اللجنة التوجيهية ولجان العمل الست المنبثقة عن "منتدى النقب" الصهيو الأميركي وبمشاركة 160 شخصية من الدول الست المشاركة في دولة الامارات العربية يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين الموافقين 9 و10 كانون2/ يناير الحالي، وركزت على القضايا الستة التالية: الأمن الغذائي، الامن المائي، والطاقة النظيفة، السياحة، والصحة، والتربية والتعليم، فضلاً عن التركيز على تعزيز الامن الإقليمي، الذي يعني إدماج إسرائيل كليًا في المنظومة العربية، وخلق ركائز تحالف وهمي عربي إسرائيلي على حساب المصالح العربية عمومًا والفلسطينية خصوصًا. لا سيما وان الشعب العربي الفلسطيني يدفع يوميًا فاتورة غالية جدًا من دم أبنائه، والذي قدم خلال الأيام ال15 الماضية من العام الجديد 2023 ثلاثة عشر شهيدًا، فضلاً عن سن وتشريع حوالي عشرة مشاريع قوانين عنصرية بما في ذلك ضد رفع العلم الفلسطيني. ومجددًا رفضت المملكة الأردنية المشاركة بالاجتماعات المذكورة، وربطت مشاركتها بمشاركة السلطة الوطنية الفلسطينية، المستهدف الأساسي من المنتدى الصهيو أميركي.


واجتماعات دبي الأسبوع الماضي بمثابة الاجتماعات التمهيدية ل"منتدى النقب 2" الذي سيعقد في المملكة المغربية في آذار/ مارس القادم. وهنا أود أن أطرح عددًا من الأسئلة على الأنظمة العربية المشاركة وممثلوها: ما هي مصلحة كل نظام عربي من المشاركة من حيث المبدأ في ما يسمى "المنتدى"؟ وهل انتم ملزمون بالانصياع لقرارات الإدارات الأميركية السابقة والحالية؟ وألا تعتقدون أن اندفاعكم في تنفيذ بنود صفقة العار الترامبية يخدم المشروع الصهيوني الاستعماري، وعلى حساب المشروع العربي، بغض النظر عن طبيعة ومحتوى المشروع الذي تتبنونه؟ وأين منكم مبادرة السلام العربية؟ لماذا لم تلتزموا باولوياتها ومحدداتها الأربعة؟ وهل يجوز من حيث المبدأ نفض يدكم من قضية العرب المركزية؟ وأين هي قرارات قممكم العربية، وقرارات هيئاتكم القيادية؟ وهل إدخالكم الثعبان الصهيوني لبيوتكم ودولكم يخدم شعوبكم من قريب أو بعيد، أم العكس؟ وأين انتم مما يجري في فلسطين بالأمس واليوم وغد، وبعد غد؟ 


وهل لكم مصلحة في مد حبل النجاة للحكومة الإسرائيلية الفاشية، التي علقت المشانق للفلسطينيين في كل المدن والقرى والمخيمات؟ ولماذا إن كنتم معنيين بالسلام الممكن والمقبول، تنقذون نتياهو وسموتيرش وبن غفير ودرعي وليفين وغيرهم من ممثلي النازية الصهيونية، الذين يرفضون السلام من حيث المبدأ، ورفضوا مبادرة قمتكم العربية عام 2002؟ ولماذا لا تقاطعوا هذه الحكومة الإرهابية والمارقة لمساندة خصومها من خلال اسقاطها؟ إلا تشعرون بالنقص وإسرائيل الفاشية تملي عليكم أجندتها وجدول اعمالها الذي تريد؟ 


لا أود اللجوء لاستخدام مفاهيم ومفردات قاسية وجارحة ضد كل الأنظمة السياسية المشاركة في الاجتماعات الأخيرة في دبي، ليس خوفًا، ولا مداهنة لأحد، ولا هروبًا من التشخيص العلمي للحقائق الماثلة أمامنا. ولكن لأني أريد لكل من شارك في روافد المنتدى الصهيو أميركي أن يفكر للحظة في المآل الخطير، الذي سينتج عن المشاركة المعيبة فيها. ويا حبذا لو تفضل كل مشارك ليخاطب شعبه وقواه السياسية، ويسمح لهم بحرية التعبير والرأي للرد على جريمة المشاركة.  


إسرائيل اللقيطة تتآكل من الداخل، وتعيش لحظة فاصلة من تاريخ وجودها، وكل وسائل الدعم التي تقدمها الولايات المتحدة ودول الغرب الرأسمالي لن تنقذها من مصيرها المحتوم. وفي هذه اللحظة بالذات تملي الضرورة على أهل النظام العربي الرسمي المتورطين علانية وسرًا، ان ينظفوا أيديهم من مصافحة ممثلي دولة المشروع الصهيوني، ويكسروا الأقلام التي وقعوا فيها، أو وقع ممثلو انظمتهم اتفاقات الاستسلام، وأن يعودوا لرشدهم، فهذا أكرم لهم ولانظمتهم ولتاريخهم، إن كانوا حريصين عليه.