حمّل وزير العدل محمد الشلالدة، السلطة القائمة بالاحتلال المسؤولية القانونية على جرائمها المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.
وأكد الشلالدة في بيان اليوم الاثنين، ضرورة تطبيق أهداف الأمم المتحدة التي نصت على أنه يجب على الدول السعي لتحقيق حق تقرير المصير لشعوب وضمان الحرية والمساواة لكافة الشعوب ومنع التمييز بسبب الجنس أو العرق أو الدين أو أي شكل من أشكال التمييز العنصري، ملزمة الدول الأعضاء بتنفيذ ذلك بموجب أحكام المواد (55) و(56) من الميثاق.
ولفت إلى أن المادة (1) من كلا العهدين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أكدت حق الشعوب بتقرير مصيرها والتخلص من نير الاستعمار والوصول إلى الاستقلال التام، وما أكدت عليه المادة (1) من البرتوكول الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 أن المنازعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب ضد التسلط الاستعماري والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية، يعتبر جزءاً من ممارستها لحق الشعوب في تقرير المصير، كما كرسه ميثاق الأمم المتحدة.
وتأكيداً على الحق الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده بممارسة حقه بتقرير المصير ضد الاحتلال الإسرائيلي القائم على أراضيه بما يزيد عن (73) منذ نكبة عام 1948، وله في ذلك الحق الكامل بالدفاع الشرعي والمقاومة بكافة أشكالها وفقاً لما نصت عليه المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، بحق كل من تعرض لاعتداء أن يرد هذا الاعتداء والعدوان المسلح عنه.
وشدد وزير العدل على أن ما تقوم به السلطة القائمة بالاحتلال من ممارسات في الأراضي الفلسطينية وبحق أبناء شعبنا أينما وجدوا ترتقي إلى اعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ضاربة بعرض الحائط كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي حظرت ارتكاب مثل هذه الجرائم، إضافة إلى عدم التزامها بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرار محكمة العدل الدولية بخصوص جدار الفصل العنصري لعام 2004.
وقال: إن ما يحدث في حي الشيخ جراح من تهجير وترحيل للسكان والاعتداء على الملكيات الخاصة والأسر الفلسطينية فيه، والتنكيل بهم لجبرهم على الرحيل، لاستبدال المستوطنين فيها يشكل جريمة حرب دولية وذلك بموجب أحكام المادة (46) من اتفاقية لاهاي لقوانين وأعراف الحرب لعام 1907 التي تنص على أنه: " ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها، وحياة الأشخاص والملكية الخاصة وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية، ولا تجوز مصادرة الملكية الخاصة".
وتشكل جريمة الاعتداء على حي الشيخ جراح مخالفة لأحكام المادة (٤٩) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي نصت على أنه: "يحظر النقل الجبري الجماعي وكذلك ترحيل الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة، ولا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها". وهذا ما أكد عليه مرة أخرى البرتوكول الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 في المادة (85\4\أ) منه.
ونصت المادة (10) من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية على أنه: "لا يجوز ترحيل الشعوب الأصلية قسرا من أراضيها أو أقاليمها، ولا يجوز أن يحدث النقل إلى مكان جديد دون إعراب الشعوب الأصلية المعنية عن موافقتها الحرة والمسبقة والمستنيرة وبعد الاتفاق على تعويض منصف وعادل، والاتفاق، حيثما أمكن، على خيار العودة".
وتشكل الجرائم التي ترتكبها السلطة القائمة بالاحتلال في حي الشيخ جراح مخالفة لأحكام قرار مجلس الأمن رقم (2334) بخصوص وقف الاستيطان في الأراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وحظر الاعتداء على الفلسطينين ووقف ممارسات الاحتلال في الأراضي المحتلة.
ما تقوم به الاحتلال من سياسيات تمييز فصل عنصري اتجاه الفلسطينيين أينما وجدو، يعتبر جريمة ضد الإنسانية كاملة الأركان، بموجب أحكام المادة (7\1\ي) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي اعتبرت أن جريمة الفصل العنصري جزء من الجرائم ضد الإنسانية، وأن التمييز والفصل العنصري يكون على شكل أفعال لا إنسانية في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أي جماعة أو جماعات عرقية أخرى، وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام.
وعليه إن ما يتعرض له الفلسطينيين من سياسات قمع وتنكيل وقتل وتهجير والاعتداءات المستمرة على بيوتهم وممتلكاتهم من مواطني السلطة القائمة بالاحتلال يشكل جريمة فصل عنصري
وأن ما تقوم به السلطة القائمة بالاحتلال في قطاع غزة من قصف وتدمير للمباني والمنشآت، وقتل المدنيين يشكل جرائم حرب دولية، بانتهاكه لأحكام القانون الدولي بما فيه اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكوليها لعام ١٩٧٧ فقد نصت المادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه "يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية". فقد أسفرت الجرائم التي ارتكبتها السلطة القائمة بالاحتلال حتى اللحظة عن استشهاد ما يقارب (200) شخص من بينهم ما يقارب (60) طفلا، وهدمت عشرات المباني والأعيان المدنية من بينها مؤسسات سلطة عامة. مخالفة بذلك النصوص القانونية التالية
المادة (50/3) من البرتوكول الإضافي الأول عام 1977 على أنه: "لا يجرد السكان المدنيون من صفتهم المدنية وجود أفراد بينهم لا يسري عليهم تعريف المدنيين".
المادة (51/4/ج) من البرتوكول الأول: " تحظر الهجمات العشوائية، وتعتبر هجمات عشوائية تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه هذا الملحق "البروتوكول"، ومن ثم فإن من شأنها أن تصيب، في كل حالة كهذه، الأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز".
المادة (52) منه أن الأعيان المدنية لا يجوز أن تتعرض للهجوم، ولا يجوز اعتبارها أهداف عسكرية لتنفيذ الهجوم عليها أو تدميرها، وأنه إذا ما ثار الشك حول إذا ما كانت هذه الأعيان تستخدم لأغراض عسكرية، فإنه لا يجوز الهجوم عليها، إذ أن الشك يفسر لصالح المدنيين المتواجدين فيها، مما يستوجب حمايتهم ومنع الهجوم عليهم.
المادة (56/3) على أنه: يظل السكان المدنيون والأفراد المدنيون، في جميع الأحوال، متمتعين بكافة أنواع الحماية التي يكفلها لهم القانون الدولي، بما في ذلك الحماية التي توفرها التدابير الوقائية المنصوص عليها في المادة 57. فإذا توقفت الحماية أو تعرض أي من الأشغال الهندسية أو المنشآت أو الأهداف العسكرية المذكورة في الفقرة الأولى للهجوم تتخذ جميع الاحتياطات العملية لتفادي انطلاق القوى الخطرة".
المادة (57) من البرتوكول الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، أكدت بأنه يجب على من يخطط لهجوم أن يوجه إنذار مسبق في حالة الهجمات التي قد تمس السكان المدنيين، إلا أنها في الوقت نفسه أكدت بأنه يجب إلغاء أي هجوم إذا تبين أن الهدف ليس هدفاً عسكرياً أو أنه مشمول بحماية خاصة أو أن الهجوم قد يتوقع منه أن يحدث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق الإصابة بهم.
لم يقتصر الأمر على ذلك بل هدمت قوات السلطة القائمة بالاحتلال منشآت وأعيان مدنية تابعة للمكاتب صحفية ومؤسسات إعلامية دولية في أحد الأبراج في قطاع غزة، مما يشكل جريمة حرب أخرى ارتكبها الاحتلال مخالف بذلك أحكام المادة (79) من البرتوكول الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، بنصها أن الصحفيين العاملين في مناطق النزاع المسلح والمناطق الخاضعة للحروب هم مدنيين يجب حمايتهم ومنع لاعتداء عليهم.
وتعتبر المعدات والمنشآت الخاصة بوسائل الإعلام أعياناً مدنية لا يجوز أن تكون هدف لأي هجمات أو أعمال انتقامية لقوات الدول المتحاربة، وهذا ما أكد عليه قرار مجلس الأمن رقم (1738) لعام 2006.
وعلى ضوء ما سبق فإن المسؤولية القانونية الدولية تنعقد على السلطة القائمة بالاحتلال، لما تقوم به من انتهاك لأحكام القانون الدولي وذلك بموجب ما نصت عليه المادة (2) من اتفاقية لاهاي لعام 1907، بأن الدول المتحاربة تكون مسؤولة عن جميع الأعمال التي يرتكبها أشخاص يكونون جزء من قواتها". وعليه فإن سلطة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولة عن جرائم الحرب وضد الإنسانية التي ترتكبها على الأراضي الفلسطينية المحتلة وبحق الفلسطينيين.
وتترب المسؤولية الجنائية الفردية على قوات السلطة القائمة بالاحتلال الإسرائيلي، بما فيهم القادة والرؤساء العسكريين والأفراد لارتكابهم جرائم تخالف أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وذلك بموجب أحكام المواد (25) و (27)، وعليه فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولين مسؤولية جنائية فردية نتيجة ارتكابهم جرائم ترتقي لاعتباره جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة وبحق الفلسطينيين.
وشدد على أن مجلس الأمن الدولي مطالب للوقوف عند مسؤوليته الدولية، انطلاقاً من أنه نائباً عن كافة الدول وفقاً لما نصت عليه المادة (24) من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 بهدف تحقيق الوظيفة الرئيسية الموكلة له التي تتمثل في تحقيق السلم والأمن الدوليين وفقاً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة المنصوص عليها في المواد (1) (2) من الميثاق التي أكدت حق الشعوب بتقرير مصيرها وضمان حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والامتناع عن استعمال القوة ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة، بإصدار قرارات واتخاذ إجراءات عملية لصد ووقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنعه من ارتكاب المزيد من الجرائم فيها.
كما أن المحكمة الجنائية الدولية مطالبة بملاحقة أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولا سيما أنها أكدت سريان ولايتها الإقليمية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها