بعد عقد ونصف من تأخر العملية الديمقراطية نتيجة المتغيرات التي حدثت بعد سيطرة حركة حماس على مجريات الحياة بالمحافظات الجنوبية بانقلاب دموي بقوة السلاح، تلك الحادثة الأليمة في تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيته وحركة فتح تقود العربة الفلسطينية أكثر إصراراً وعناداً من أي وقت مضى لوضع المصلحة العليا في سلم الأولويات والأهداف بالدفاع عن أماني طموحات وحقوق شعبنا بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية في منطقة مليئة بالصراعات الداخلية والإقليمية والإطماع الدولية .
إن الحراك الفتحاوي خلال الأشهر الماضية تطلب ضرورة إعادة التقييم الجدي للحالة التنظيمية الذي أشتد الحديث بها بين الفينة والأخرى خاصة بعد صدور المرسوم الرئاسي بتاريخ 15/يناير 2021م وتحديد تاريخ 22/مايو / 2021 لإجراء الانتخابات التشريعية بكافة المحافظات الفلسطينية وفي مقدمتها عاصمة الدولة الفلسطينية القدس الشرقية في ممارسة الحق بالعملية الانتخابية ترشيحاً ودعاية وانتخاباً ودونها تتقزم كافة المسميات، لأنها تمثل مصلحة وطنية فلسطينية بإخلاص ورؤية الرئيس محمود عباس والأطر القيادية للحركة ومصداقية قاعدتها وانجازات حكوماتها، ولتقصير الطرق لكل من يرغب باللعب على تراكم الأخطاء المتناقضة مع جوهر الحركة التي قدمت التضحيات الجسام عبر عقود مضت وحملت المسؤولية الوطنية والتي نضجت عليها الأجيال السابقة والحالية وأسست لأجيال قادمة من مُثل وأخلاق والتزام باستقلالية القرار السياسي وتحريره من أي ضغوطات محلية حزبية أو غيرها إقليمية ودولية وهو ثمن دفعته حركة فتح وقياداتها على المستوى المحلي والدولي بتمسكها بثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني .
إن السؤال الكبير أمام أبناء الحركة الذي لم ينقطع هو استمرارية تعزيز التواصل الدائم عبر الأطر التنظيمية المختلفة كونها تزيد من حركة أفكار مبتكرة تتجدد باستمرار لدى النخب الفتحاوية في مجالات وقطاعات اجتماعية وفكرية وثقافية وشعبية لإعادة نشاط الحياة التنظيمية للحركة خاصة والأحزاب السياسية الفلسطينية الاخرى في المحافظات الشمالية والجنوبية التي أسست لديمقراطية شفافة وفق أجواء فكرية حكيمة ظهرت في الآونة الأخيرة في فتح المجال أمام الكوادر الحركية بمختلف مسمياتهم ودرجاتهم الوطنية والتنظيمية والوظيفية والاجتماعية والأكاديمية والاقتصادية والإعلامية والقانونية وغيرها الترشح للانتخابات التشريعية عبر الاطر التنظيمية والذي يعتبر نمطاً جديداً من التعايش القائم على الاقتناع الحر للفرد برأيه في تحمل المسؤوليات بعيداً عن الوصاية ورفض ذهنية التأثيم على كل الكوابح المقيدة للتفكير الحر بالمسؤولية الجماعية، والذي انتهز العديد من الانتهازيين بالمحاولة بتوظيف مبادئه وعقيدته الخاصة من أجل تحقيق أهداف سياسية وشخصية ضيقة الذي سيواجه بموقف شعبي في كافة المجالات بدءًا بالعملية الديمقراطية وانتهاء بإقصائها عن الساحة.
ووفقًا للمعطيات والمؤشرات يمكننا اليوم تشخيص الحالة التنظيمية في حركة فتح بأنها وصلت إلى النضج السياسي الحضاري بتأكيدها على مواصلة التعاون والتشبيك بين أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده والعمل على التحديث والحداثة التي تؤشر عليها حالة التطلع المستقبلي إلى الابتكار والتجديد عند النخب بمختلف مسمياتها، بالرغم من حالة التآمر بمختلف المستويات الإعلانية والإعلامية المبرمجة والهادفة لضرب حركة فتح بتاريخها وتضحياتها ورموزها كأنبل ظاهرة لحركة تحرر عرفها التاريخ المعاصر .
لا شك بأن المرحلة القادمة هي مرحلة تحد لوجودنا كفلسطينيين مع الاحتلال الإسرائيلي أولاً وأخيراً ولكنها هذه المرة مع وجود حراك داخلي فلسطيني يتناغم وينسجم مع مخططات الاحتلال والدول الاقليمية ذات أجندة مقيتة وموجهة لأطراف داخلية اوراقها السياسية وسجلها التاريخي مليء بالأخطاء الجسيمة بحق مقدرات وحقوق شعبنا الفلسطيني، وهنا لا بد من إعادة لملمة الأوراق المتطايرة بما يخدم مصلحة الحركة وثباتها من جهة وعلى التقييم والتجديد من جهة ثانية، لأن حركة فتح وقيادتها التاريخية والميدانية اليوم يمتلكون من المعرفة الفكرية والمعلوماتية والاجتهادات الناضجة في الملعب السياسي الداخلي والدولي كلاعبين أساسيين في بناء علاقات متوازنة مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية وأصبحوا محط أنظار احزاب وحكومات العالم ومجتمعاتهم لتمسكهم لمعالم الحق في التمسك بالهوية الفلسطينية بكل أبعادها الدينية والثقافية والتاريخية والسياسية والقانونية حتى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .
أخيراً لا نريد البحث عن تلك المحاولات غير الصادقة للبعض والتي جعلت من أهدافهم الضيقة سياسة غير صائبة في علاقاتهم مع حركة فتح الذين تنكروه لها وأصبحت أيديهم مأجورة وأفكارهم مسمومة وإعلامهم منبوذ وأهدافهم خبيثة ونقذوا العهد والقسم ، ولكن تلك المحاولات البائسة والمغرضة أعطت الفرصة لتعميق الجبهة الداخلية بعودة اللحمة التنظيمية للحركة وترسيخ علاقاتها مع محيطها وقواعدها وفق مرجعية واحدة موحدة خلف الرئيس محمود عباس القائد العام للحركة والأطر القيادية والتنظيمية تمنحها الأولوية بتغير الموازين والحسابات والالتزام بآليات وأدوات يتقاطع عليها إجماع فتحاوي ومجتمعي نحوها لبناء مجتمع قادر على مواجهة التحديات وإجراءات ومخططات الاحتلال الاسرائيلي وأعوانهم وتجارهم لتحقيق المصلحة الفلسطينية في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها