قال سفير جمهورية الصين الشعبية لدى دولة فلسطين قواه وي، إن المبادرة التي طرحتها بلاده مؤخرًا لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، تشكل خطة متكاملة وتوفر إطارًا فعالاً وواقعيًا للمجتمع الدولي وكل الأطراف ذات الصلة، للدفع نحو تحقيق الأمن والاستقرار في كامل المنطقة، انطلاقا من تحقيق السلام العادل والشامل للقضية الفلسطينية.
وأعلن مستشار الدولة، وزير الخارجية الصينية وانغ يي، قبل أيام، عن مبادرة من 5 بنود لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
وينص البند الثاني من المبادرة على "أن حل القضية الفلسطينية وتحقيق "حل الدولتين" يمثل أهم محك للعدالة والإنصاف في الشرق الأوسط. ندعم جهود الوساطة الحثيثة للمجتمع الدولي بغية تحقيق هذا الهدف، وندعم عقد مؤتمر دولي ذي مصداقية في حالة نضوج الظروف. ويحرص الجانب الصيني على دفع مراجعة القضية الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي أثناء رئاسته للمجلس في شهر أيار/مايو المقبل، بما يجدد التأكيد على "حل الدولتين". وسيواصل الجانب الصيني دعوة الشخصيات المحبة للسلام من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لإجراء الحوار في الصين، كما يرحب بممثلي المفاوضات من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لإجراء مفاوضات مباشرة في الصين".
وأوضح سفير جمهورية الصين الشعبية لدى فلسطين في مقابلة ، اليوم الأحد، أن المبادرة تطرح أفكارًا تفصيلية حول الدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط والالتزام بحل الدولتين، باعتباره من أهم المبادئ والثوابت التي يتعين على المجتمع الدولي الالتزام بها، وأن يبذل جهودا لتسريع استئناف المفاوضات الثنائية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في أقرب فرصة ممكنة.
وأضاف أن الصين ستقوم باستغلال رئاستها الدورية لمجلس الأمن الدولي في شهر أيار/ مايو المقبل، لإعادة التأكيد على ضرورة الالتزام بحل الدولتين باعتباره حجر الأساس لتحقيق السلام والأمن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن بلاده ستبذل جهودًا لإجراء مفاوضات مباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في العاصمة بكين، سواء على مستوى ممثلين رسميين أو من خلال إطار يشمل محبي السلام من الطرفين، منوها أن المنطقة تمر في الوقت الراهن بمرحلة مليئة بالمتغيرات والتحديات، إضافة إلى التحديات الكبيرة والمصاعب الجسيمة التي تواجه المجتمع الدولي.
وشدد السفير قواه وي على أن الصين تعمل مع دول في المنطقة وسائر الحلفاء والأصدقاء في العالم، من أجل تضافر الجهود لدفع عملية السلام واستئناف المفاوضات، ولضمان عدم تراجع هذه العملية أو المسيرة السلمية إلى الوراء، في ضوء إعلان اللجنة الرباعية الدولية عن نيتها التحرك في المستقبل القريب لاستئناف عملية السلام، ودعوة الأمم المتحدة للعودة إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن.
وقال: "نحن على استعداد لاستقبال الطرفين للبدء بالمفاوضات في بكين في أي وقت، ونحن أيضا جاهزون لإجراء مناقشات والتنسيق مع كل الأطراف ذات الصلة لدفع عملية السلام قدماً، ولحشد التأييد لأية جهود تصب في هذا الاتجاه، لذلك عمل وزير الخارجية الصيني خلال زيارته الأخيرة في المنطقة على إجراء محادثات مكثفة لبحث الإطار المناسب لاستئناف المفاوضات".
وأكد سفير جمهورية الصين الشعبية لدى دولة فلسطين، أهمية تضافر الجهود الدولية وكل الأطراف المحبة للسلام في الشرق الأوسط لاستئناف المسار السياسي، منوها إلى وجود قنوات اتصال مفتوحة بين الصين والولايات المتحدة للتشاور في كل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما فيها القضية الفلسطينية التي تحتل سلم أولويات ملفات الشرق الأوسط لدى بكين وواشنطن.
وأضاف: "قبل أسبوع ونيّف عقد اجتماع عالي المستوى بين كبار المسؤولين من الطرفين في ألاسكا، حيث تطرق الطرفان إلى كافة الملفات الإقليمية والدولية بما فيها قضايا الشرق الأوسط، وأنا أعتقد أنه مع تولي الإدارة الجديدة لمقاليد السلطة في الولايات المتحدة؛ تهيأت فرصة جديدة لإعادة المنظومة العالمية وإعادة تطبيق القانون الدولي ومرجعيات الشرعية الدولية إلى مسارها الطبيعي".
وبيّن أن الصين والولايات المتحدة اللتين تتوليان مسؤولية إحلال الأمن والاستقرار في العالم، ستعقدان المزيد من المشاورات حول ملفات قضايا الشرق الأوسط والقضايا ذات الاهتمام المتبادل، على هامش الفعاليات الدولية والإقليمية التي تنظم بمشاركة الطرفين.
وجدد السفير قواه وي، التأكيد على دعم الصين رؤية الرئيس محمود عباس لعقد مؤتمر دولي للسلام يضم كل الأطراف الفاعلة والمؤثرة في عملية السلام في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن بلاده ستتخذ في هذا الإطار خطوات ملموسة والمزيد من الإجراءات الفعلية، مع مراعاة التغيرات الطارئة على الإقليم والعالم بأكمله.
وتطرق إلى أن الصين كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، ستواصل مساعيها للحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، وستبقى في الخط الأمامي للدفاع عن الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، مشدداً على أن بلاده تقف ضد سياسة فرض الضغوط على القيادة الفلسطينية لإجبارها على تغيير مبادئها وثوابتها، وتدعو إلى تسوية عادلة ومنصفة للقضية الفلسطينية من خلال مفاوضات مباشرة، تعقد برعاية الأمم المتحدة وضمن آلية دولية لرعاية عملية السلام.
وقال قواه وي في هذا السياق، "الصين تنظر إلى الشرق الأوسط على أنه لشعوب الشرق الأوسط، ويجب أن تحترم دول العالم بشكل كامل الأنظمة الاجتماعية وطرق التنمية التي اختارتها دول المنطقة، ولا يمكن أن يسعى أي طرف من أطراف المجتمع الدولي إلى تغيير الأنظمة وأنماط التنمية في هذه الدول، بل إلى احترام الاختلاف والتمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، كما نشجع دول الشرق الأوسط على استكشاف طرق تنموية ذات خصائص تناسب دول المنطقة بإرادتها المستقلة".
وبيّن أن الصين تعمل على دعم التنمية والتعاون والاستقرار والأمن حول العالم، انطلاقاً من إيمانها بأن القضاء على منبع الاضطرابات في المنطقة يكمن في تحقيق التنمية وتحسين الأحوال المعيشية.
وأضاف: "نحن مستمرون في تقديم مساعدات نوعية للشعب الفلسطيني ليتغلب على فيروس كورونا، حيث من المتوقع أن تصل غدا صباحا 100 ألف جرعة من اللقاح الصيني إلى فلسطين، بما يساهم في دعم تنفيذ حملة التطعيم التي تشرف عليها وزارة الصحة للتخفيف من وطأة الجائحة على الشعب الفلسطيني، ونحن أيضا سنقدم المزيد من المساعدات الطبية والصحية لفلسطين، وكل ذلك دليل على أن الصين تهتم بالتنمية كوسيلة لتحقيق الاستقرار في المنطقة".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها