الخريطة الوبائية في إسرائيل تشير إلى تفشٍ كبير لفيروس كوفيد- 19 في المدن والبلدات والقرى  العربية، فمن بين 40 بلدة وضعت عليها دائرة حمراء في عموم إسرائيل، منها 30 بلدة عربية. الإعلام الإسرائيلي، وعند حديثه عن الجائحة، لا يستطيع إلا أن يكون عنصريًا ويشير إلى ان التفشي الواسع هو في البلدات العربية ومناطق المتدينين اليهود، بمعنى الإشارة إلى ثقافة وعادات وتقاليد هاتين المجموعتين وتحميلهما مسؤولية تفشي الجائحة في إسرائيل.

القائمة العربية المشتركة (أعضاء الكنيست العرب) أدركت أهداف الحكومة الإسرائيلية ومحاولاتها بإلقاء اللوم وتحميل المسؤولية للمجتمع الفلسطيني في مناطق الـ1948 بتفشي الوباء، لذلك بادرت إلى جمع تواقيع من أجل إجراء تحقيق حول مسؤولية الحكومة الإسرائيلية عن هذا التفشي.

ولو نظرنا لمواقف المعارضة الإسرائيلية لوجدنا انها تتحدث يوميًا عن تحميل رئيس الوزراء نتنياهو مسؤولية انتشار الوباء، إما لكونه اتخذ القرارات الخاطئة وتردد كثيرًا في الذهاب للاغلاق، أو لأنه لا يجرؤ على إغلاق مناطق الحراديم (المتدينين) خوفًا على تحالفهم معه في أي انتخابات قادمة.

من دون شك إن الحكومة الاسرائيلية هي المسؤولة عن ترك الأمور تتفاقم. فاليوم  تشير الأرقام إلى أن ما بين 3000 و4000 حالة انتشار يومية، وان قرار الحكومة الإسرائيلية بالاغلاق نهاية السبوع الجاري لمناسبة الأعياد اليهودية هو اجراء متأخر.

ولكن وبما يتعلق بالمواطنين الفلسطينيين العرب، فانهم يتحملون جزءا من انتشار الوباء في مناطقهم، والسبب هو استهتارهم بالأعراس وبيوت الأجر ومواصلة الصلاة في المساجد والكنائس. وفي الآونة الأخيرة شاهدنا أكثر من نداء مصور لرئيس القائمة المشتركة أيمن عودة وأعضاء القائمة الآخرين بضرورة التوقف عن الأعراس وبيوت الأجر، مؤكدًا على ضرورة ألا يسهم المواطن العربي ذاته في تنفيذ سياسة التمييز والإهمال  للحكومة الإسرائيلية.

مسؤولية المواطن العربي الفلسطيني في مناطق الـ1948 لها طعم التحدي، فهو يجب ان يكون أكثر حرصًا على نفسه وعلى مجتمعه، لكونه يتصدى لسياسة التمييز الحكومية، فإذا لمس هذا المواطن ان الحكومة لا تفرض بحزم إجراءات الوقاية في المجتمع العربي، عليه هو أن يلتزم، لأنه يدرك ان الحكومة الإسرائيلية لا تعتبره هدفا لها كأولوية في مواجهة الجائحة، بل العكس هي تريد فقط أن تحمل بشكل عنصري مسؤولية التفشي على كاهل المواطنين العرب.

في ضل واقع التمييز هذا، على المواطن العربي مسؤولية أكبر في حماية نفسه. لذلك علينا ان نكف في هذه المرحلة عن الأعراس وبيوت العزاء والصلاة الجماعية في المساجد والكنائس. أن الحفاظ على سلامة وصحة الإنسان الفلسطيني في مناطق الـ1948 هو أمر في غاية الأهمية، فهو أمل الوجود على الأرض التاريخية، فالمسؤولية هنا لها أكثر من مغزى، الأول الصحة الشخصية وصحة المجتمع، وثانيًا، التصدي لسياسة التمييز وإفشال أهدافها، وأخيرا الصمود بالمكان، الذي هو ليس أي مكان.. أنه الوطن التاريخي.. وطن الآباء والأجداد، أنتم لن تنتظروا هذه الحكومة العنصرية بأن تفرض سياسة التباعد الاجتماعي والتقيد بشروط الوقاية، فأنتم بالتأكيد أحرص على انفسكم من هذه الحكومة.