سلّط التعامل العنيف للشرطة الأميركيّة، في مختلف أنحاء البلاد، الضوء على "الثقافة العنيفة والانتقاميّة الواسعة"، بتعبير وزارة العدل الأميركيّة لوصف مركز شرطة بالتيمور، المدينة الموصومة بالعنف والعنصريّة.

 

ورغم أن تقرير وزارة العدل عن شرطة بالتيمور أثار غضبًا واسعًا في الولايات المتحدة، بحسب منظّمة العفو الدوليّة، إلا أن هذا الغضب تجاهل أن ضبّاطًا في الشرطة تلّقوا تدريبات حول السيطرة الجماهيريّة واستخدام القوّة والمراقبة من قبل الشرطة والجيش والأجهزة الاستخباراتيّة في إسرائيل.

ولا يقتصر تدريب الشّرطة على قسم بالتيمور، إنما يطال مئات الضبّاط في فلوريدا ونيو جيرسي وبنسلفينيا وكاليفورنيا وأريزونا وكونيكتيك ونيويورك وماساتشوستس ونورث كارولينا وجورجيا وواشنطن الولاية، بالإضافة إلى شرطة واشنطن العاصمة.

 

وبينما سافر مئات الضبّاط إلى إسرائيل للتدرّب، بما في ذلك مرافقة قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينيّة، تدرّب آلاف آخرون في الولايات المتحدة من قبل إسرائيليين أيضًا.

 

وموّلت الحكومة الإسرائيلي قسمًا من هذه التدريبات، في حين موّلت جهات خاصّة قسمًا آخر. وبحسب العفو الدوليّة، مولّت ثلاث جمعيات أميركيّة تدريبات الضباط الأميركيين إسرائيليًا. وهذه الجمعيات هي: "رابطة مكافحة التشهير" و"اللجنة الأميركيّة اليهوديّة" و"المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي".

 

"هذه التدريبات تضع ضباط شرطة بالتيمور وموظفي إنفاذ القانون الأميركيين الآخرين في أيدي أنظمة عسكريّة وأمنية وشرطيّة تنتهك بشكل موثّق حقوق الإنسان منذ سنوات"، بحسب تقرير للعفو الدوليّة.

 

وتأتي هذه التدريبات رغم أنّ وزارة الخارجيّة الأميركيّة أشارت إلى تنفيذ الشرطة الإسرائيليّة لعمليّات إعدام خارج نطاق القضاء وغيرها من عمليات القتل غير القانونيّة، وسوء المعاملة والتعذيب (حتى للأطفال)، بالإضافة إلى قمع حريّات التعبير من خلال المراقبة الحكوميّة، والاستخدام المفرط للقوّة ضد المتظاهرين السلميين.

 

ومن الانتقادات التي وجّهتها وزارة العدل الأميركيّة لشرطة بالتيمور، هي استخدام "تكتيكات عدوانيّة تصعّد المواجهات وتقضي على التعاون العام"، بالإضافة إلى استخدام "القوّة غير المعقولة ردًا على مخالفات بسيطة". كما يفصّل التقرير في تفسير تأثير "النقص العام في التدريب" إلى استخدام القوّة المفرطة ضد أشخاص يعانون من مشاكل في الصحة العقليّة والقاصرين والأشخاص الذين يمثّلون "تهديدًا ضئيلا أو معدومًا ضد الآخرين".

 

وهو ما تقول العفو الدولية إنه نفس سلوك الشرطة الإسرائيليّة.

 

كما قارن تقرير منظّمة العفو الدولية بين غياب المساءلة لانتهاك الشرطة لحقوق الإنسان في فلسطين وفي الولايات المتحدة.

 

وأقرّ حاكم ولاية مينيسوتا، التي شهدت مقتل الشاب جورج فلويد، الخميس، بوجود "عنصرية مؤسسية وإفلات من العقاب" وقال إنهما أديا إلى "موت" جورج فلويد.

 

والأسبوع الماضي، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا أشارت فيه إلى التاريخ الطويل للعنصريّة في الشرطة الأميركيّة، تجاه المواطنين السود خصوصًا، "فتستهدف الشرطة المواطنين السود وتعتقلهم بمعدلات أعلى من اعتقال المواطنين البيض. وفي الولايات الجنوبيّة، السود محاصرون في نظام من الاستغلال يعكس العبوديّة".