تنتظرُ ولايةُ فلوريدا وصولَ الإعصار دوريان Dorian إلى شواطئها خلالَ ساعاتٍ قليلةٍ، بعدَ أن مرَّ في طريقهِ إلى سواحلِ فلوريدا عبرَ جُزُرِ البهاما وحوّلها إلى كتلةٍ من الدمار مُخلِّفًا عددًا من القتلى والجرحى، وما يزيدُ عن ١٣ ألف بنايةٍ أو بيتٍ تعرَّضتْ للدمار الكليّ أو الجزئي. ورغمَ ما تتَّخذُهُ السلطاتُ والمواطنونُ من احتياطاتٍ استعدادًا لوصولِ العاصفةِ المدمّرةِ فإنَّ الإنسانَ يبقى عاجزًا عن توقُّعِ ما يمكنُ أنْ تحمِلَهُ العاصفةُ من مفاجآتٍ تعجزُ عن تحديدِها والتنبؤِ بها كلُّ التقنياتِ الحديثةِ بما فيها الأقمارُ الصناعيّةُ والحواسيبُ العملاقةُ.
تصرُّ إدارةُ ترامب على تعطيلِ الجهودِ الدوليّةِ الراميةِ إلى الخروجِ بسياسةٍ موحَّدةٍ لمجابهةِ التّغيّراتِ المناخيّةِ وما تتسبّبُ بهِ من كوارثَ وعواصفَ وأعاصيرَ وفيضاناتٍ تطالُ بالأساسِ دولَ العالمِ المطلّةَ على المحيطاتِ، وهيَ في غالبيّتها دولٌ وشعوبٌ فقيرةٌ لا تستطيعُ توفيرَ التدابيرِ الاستباقيّةِ اللازمةِ لتدارُكِ الخسائرِ البشريّةِ والماديّةِ كما تفعلُ أمريكا الغنيّةُ لأسبابٍ كثيرةٍ، أحدُها أنّها تنهبُ خيراتِ هذهِ الشعوبِ الفقيرةِ وتُنصِّبُ عليها حكّامًا لا يختلفونَ عن رجالِ المافيا في شيء، وهوَ ما يجعلُ تلكَ الدولَ عرضةً للدمارِ ولإزهاقِ أرواحِ الأبرياءِ من مواطنيها دونَ أن تتمكّنَ من إعادةِ بناءِ ما تدمِّرُهُ كارثةٌ قبلَ وقوعِ كارثةٍ أخرى.
الإعصارُ القادمُ نحوَ السواحلِ الجنوبيّةِ الشّرقيّةِ لأمريكا سيطالُ بتأثيرِهِ المباشرِ مناطقَ يسكنُها نحوَ عشرين مليون مواطن، ورغمَ ما تملكهُ أمريكا من ثرواتٍ وإمكانيّاتٍ وتقنيّاتٍ حديثةٍ فإنَّها تبقى دولةً ضعيفةً مكشوفةً أمامَ مزاجيّةِ هذهِ الظاهرةِ المناخيّةِ التي تضربُ أمريكا من حينٍ لآخرَ، وكأنّها جَرسُ إنذارٍ يحثُّ قادةَ هذا البلدِ المتَجبّرِ والمُتغطرِسِ في علاقاتِهِ الدوليةِ على التواضعِ وتحكيمِ المنطقِ والعقلِ والإصغاءِ إلى الأصواتِ الداعيةِ إلى التعاونِ وتقديمِ الإمكانيّاتِ الضروريةِ لإنقاذِ كوكَبِنا من الكوارثِ التي تتهدّدُهُ بسببِ السياسةِ الهوجاءِ التي تصرُّ على التمسّكِ بها إدارةُ ترامب، والتي تستهترُ بآراءِ العلماءِ والخبراءِ الذينَ يُجمعونَ على ضرورةِ العملِ على الحدِّ من وتيرةِ إنتاجِ الغازاتِ التي تُفاقِمُ من ظاهرةِ الاحتباسِ الحراريِّ بكلِّ ما تشكّلهُ من مخاطرَ ليست الأعاصيرُ سوى واحدةٍ منها.
*الإعصارُ دوريان يذكِّرُ أمريكا أنَّ أساطيلَها وجيوشَها وقنابلَها النوويّةَ لنْ توفّرَ لها الحمايةَ منْ جَبروتِ الطبيعةِ، ولنْ تَصُدَّ عنْ قلاعِ خَوفِها ذُبابَة
٣-٩-٢٠١٩
رسالة اليوم
رسالة حركيّة يوميّة من إعداد أمين سر حركة "فتح" - إقليم بولندا د.خليل نزّال.
#إعلام_حركة_فتح_لبنان
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها