ما سربته وسائل الاعلام الإسرائيلية من تصريحات موغلة في عنصريتها لحاخامات يهود مؤخرا لم يفاجئنا نحن الفلسطينيين، فنحن نعيش هذه العنصرية لحظة بلحظة في حياتنا قولا وفعلا. ولكن لعل في هذه العنصرية، التي لا تفوقها عنصرية حتى النازية والفاشية، درسا لأمتنا العربية وخاصة هؤلاء المهرولين لتطبيع علاقاتهم مع إسرائيل.

بالمناسبة هذه التصريحات لم تكشف المستور، كما يقال، فإسرائيل وقادتها لم يعودوا بحاجة لإخفاء هذا الوجه العنصري لهم، بعد اقرار قانون يهودية الدولة، فلماذا تخفي إسرائيل عنصريتها مادامت الدول الديمقراطية في العالم لم تنتقد بشكل صريح هذا القانون العنصري واللاإنساني والذي يتناقض مع مبادئ الديمقراطية والقانون الدولي وحقوق الإنسان، وما دامت دول عربية تصم آذانها عن القانون، وتعجل من تطبيعها مع إسرائيل، وبما يتناقض مع مبادرة السلام العربية، التي تقول إنّ أي تطبيع مع إسرائيل لن يتم قبل انسحابها من الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلتها في حرب عام 1967.

هذا التبجح العنصري ما كان ليتم لولا هذا الصمت، بل التواطؤ الدولي ومع الأسف من البعض العربي. ان ما صدر من تصريحات حاخاماتهم تصف العرب بأنهم يعانون من خلل وراثي لأنهم يفضلون العيش تحت الاحتلالات، من دول ذات سيادة يجب التدقيق فيها فعلا، ما دام بعض العرب لا يدركون حتى اللحظة ان إسرائيل خطر عليهم وعلى مستقبلهم كأمة، وان الاستعمار وضعها في وسطهم ليضمن هيمنته المستمرة على المنطقة العربية وثرواتها.

الجانب الذي قد يمنحنا الامل نحن كفلسطينيين، هو ان العنصرية كلما زادت عن حدها واستفحلت فأنها تحرق أصحابها قبل غيرهم، هكذا علمنا التاريخ وإسرائيل ليست استثناء. نحن في مواجهة يومية مع هذا المشروع الصهيوني العنصري منذ اكثر من مئة عام وسنواصل هذه المواجهة الى ان ينهزم هذا المشروع.. الم تصف الامم المتحدة عام 1975 الصهيونية بأنها شكل من اشكال العنصرية.

صحيح انها تراجعت عن هذا القرار عندما لاحت في الافق فرص لتحقيق السلام بعد مؤتمر مدريد، الا ان الاحداث اللاحقة تؤكد ان إسرائيل لم تتخل عن مشروعها العنصري التوسعي، والذي بلغ ذروته بقانون يهودية الدولة دون ان يقول ما هي حدود هذه الدولة، فهذا المشروع العنصري قابل للتمدد ليشمل كل المنطقة وكل العرب الذي وصفهم الحاخامات بانهم يعانون من خلل وراثي ويتعايشون مع الاستعباد.

من دون شك اننا، واقصد الامة العربية، نعيش احدى اكثر مراحلنا انحطاطا، ولكن على هؤلاء العنصريين، الذين كانوا يعيشون في كنف العرب لقرون عديدة بسلام وتسامح، ان يدركوا ان التاريخ البشري لا يتوقف عن السير الى امام، فإذا كانوا يعتقدون ان هذا الزمان زمانهم فليكن، ولكن هذا الزمان ليس الى الابد.