"قتل هتلر لليهود كان أمرًا له ما يُبرّره، فهو رأى فيهم مصدر التهديد الرئيس للعرق الآري"، ليس هذا الكلام لمسؤول فلسطيني، أو عربي، ولا لأحد شيوخ الإسلام، ولا لقسيس من قساوسة المسيحية، إنّه لواحد من أكبر حاخامات إسرائيل الحاخام "اليعزر كشتئيل" في محاضرة له لطلّاب مدرسة "أبناء ديفيد" العسكرية التي يتخرّج فيها جنود جيش الاحتلال، ولعلَّها مفارقة فريدة من نوعها أن يلجأ رجل دين على هذا المستوى (الحاخام هو رجل إفتاء في الديانة اليهودية) إلى تبرير جرائم النازية التي أرادت إبادة اليهود عبر المحرقة، من أجل أن يبرّر جرائم جيش دولته ضد شعبنا الفلسطيني، وضد العرب عمومًا، تحت لافتة العنصرية ذاتها، فهو وبعد أن استند إلى "مثال" هتلر النازي يكمل محاضرته بالقول: "وهذا يمنح أيضًا اليهود الحق في قتل العرب لأنَّهم يمثِّلون مصدر تهديد لهم!!".
ويرى "كشتئيل" وبالعين العنصرية التي لا علاقة لها بالدين أنّ "السادة هم اليهود والعبيد هم العرب، والأفضل لهم أن يكونوا عبيدًا لليهود"، لا بل إنّ العرب وفق هذا الحاخام "سعداء بالعبودية لليهود، والعيش تحت ظل الاحتلال!!!". ومن الواضح تمامًا أن هذا الحاخام وبمثل هذا التحليل العنصري لا يعرف شيئا عن الطبيعة الإنسانية للبشر الساعية دومًا إلى الحرية بأرقى قيمها ومفاهيمها وغاياتها الإنسانية، لا بل إنّه الجاهل بهذه الطبيعة، برغم أنّه يرى أوضح تجلياتها في الرفض البطولي للاحتلال الإسرائيلي، الذي يواصله الفلسطينيون منذ أكثر من ستين عامًا وما لانت لهم قناة، وما كسرت لهم إرادة برغم توحش الاحتلال في سياساته الدموية والعنصرية.
وبلا لف ولا دوران يعلن "كشتئيل" في محاضرته هذه "نحن مع نظرية التفوق العرقي" ترى أليست هذه النظرية هي من أنتجت النازية ومحارقها؟؟ وإذا كان هذا الحاخام يبرّر لهتلر قتل اليهود، فلماذا ما زال هذا النازي موضع لعن عند الصهيونية؟ لن تقبل البشرية بقيمها الإنسانية مثل هذا التبرير، ومن الضرورة ألا تقبل به لتبرير المحارق التي تعدها (إسرائيل) اليمين العنصري المتطرّف بهذا النوع من التعليم والتربية العسكرية لطلابها، لإبادة الفلسطينيين بتحويلهم إلى عبيد سعداء بعبوديتهم!!
ويبقى أن نقول لو كان عربي قال ما قاله "كشتئيل" لقامت قيامة الإعلام الصهيوني في مواقعه الغربية، ولن تقعد قبل أن يستكمل هذا الإعلام شيطنة العرب، وقذفهم بأقذع الأوصاف واللعنات، ولباتوا وحدهم العنصريين في هذا العالم!!! وسيكون لجاريد كوشنير مساهمته الكبرى في هذا الإعلام وربما كان سيجهز على وعود "تحسين الحياة للفلسطينيين!!" التي يلوح أنّها غاية صفقة رئيسه ترامب الصهيوينة، لأجل تمريرها، والحقيقة أنّ هذه الوعود التي لا تقرب أي شأن سياسي عمدًا وعن سابق إصرار، هي في المحصلة لا تستهدف سوى تحسين حياة اليمين العنصري الإسرائيلي، إذ تريد الصفقة تمكينه من القضاء على أحلام الفلسطينيين وتطلعاتهم المشروعة وأهدافهم العادلة، فلا تحسين ممكنًا لحياة شعبنا الفلسطيني دون دولته المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية، وبالحل العادل لقضية اللاجئين.
ترى أليس معيبًا أنّه ما من تعليق واحد حتى الآن صدر عن دوائر السياسة والإعلام في هذا العالم، يُندّد بمحاضرة كشتئيل هذه التي تضج بالعنصرية في كل كلمة من كلماتها ولا تدعو لغير تبرير المحارق العنصرية بذريعة نظرية التفوق العرقي هذه التي كلّفت البشرية في أربعينيات القرن الماضي ملايين الضحايا، فهل يسمح المجتمع الدولي اليوم بتكرار مثل هذه الجائحة التي يلوح بها الحاخام اليعزر كشتئيل؟!
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها