عماد فريج
النتائج شبه النهائية للانتخابات الإسرائيلية أسفرت عن فوز كبير لأحزاب اليمين بقيادة حزب الليكود ورئيسه بنيامين نتنياهو.
ويرى المراقبون أن معسكر اليمين بحصوله على أكثر من نصف مقاعد "الكنيست"، سيشكل الحكومة المقبلة دون أي حاجة لضم أي حزب من خارج المعسكر، خاصة مع ارتفاع تمثيل كتلتي "شاس" و"يهودت هتوراة" الحريديتين إلى 16 مقعداً.
ورغم تحقيق قائمة "أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس 35 مقعداً، وتعادلها مع عدد مقاعد حزب الليكود، لكن غانتس لن يتمكن من تشكيل الحكومة لافتقار كتلته لدعم الأحزاب القوية، خاصة بعد انهيار حزب العمل وحصوله على 6 مقاعد، وتراجع حزب "ميرتس" إلى 4 مقاعد، وابتعاد الأحزاب العربية التي حصلت على 10 مقاعد عن لعبة تشكيل الحكومة.
وبالتالي، الطريق ستكون مفتوحة لنتنياهو لتشكيل حكومة وترأس ولاية خامسة، من المنتظر أن تكون أكثر عنصرية تجاه الفلسطينيين.
وأوضح الباحث برهوم جرايسي من الناصرة، بأنه رغم أن النتائج ليست نهائية، وربما يكون هناك تغييرات بسيطة في توزيع المقاعد عندما تعلن النتائج النهائية صباح غد الخميس، إلا أن من الواضح أن بنيامين نتنياهو سيشكّل الحكومة المقبلة وائتلافه لديه أغلبية واضحة.
وقال جرايسي إن أمام نتنياهو خيارين، إما أن يتجه نحو ائتلافه المضمون الذي يرتكز على اليمين الاستيطاني مع "الحريديم" الذين باتوا جزءاً من اليمين الاستيطاني، وهو الخيار الأقرب، أو أن يتجه إلى حكومة وحدة وطنية مع حزب "أزرق أبيض".
وأضاف: "باعتقادي واعتماداً على حسابات حزبية فهذا ليس لصالح نتنياهو، الذي يريد أن يبقى وحده على رأس الهرم، وأن لا يكون له شريك قوي".
وأشار جرايسي إلى أن نتنياهو سعى منذ البداية، ومنذ فترة طويلة، أن يحظى بالجزء الأكبر من دون منازع داخل معسكر اليمين الاستيطاني، وأن يكون باقي شركائه فتات كتل وهذا ما تحقق له في هذه الانتخابات.
ولفت إلى أن الخارطة السياسية ككل في إسرائيل باتت في حكم اليمين بنسبة هائلة جداً، والكتلة المنافسة لليكود "أزرق أبيض" هي كتلة غير متجانسة ومجرد ائتلاف مصالح، موضحاً أن مثل هذه الكتل لا تعمّر طويلا بخلاف كتلة نتنياهو وحزبه المؤسساتي، على الرغم من أن نتنياهو يقوده بشكل انفرادي.
وأضاف: كتلة "أزرق أبيض" تتشكل من 3 أحزاب ومرشحة أن تشهد نزاعات داخلية في حال جلست في مقاعد المعارضة، وصلب برنامجها فيما يخص القضية الفلسطينية هو برنامج يميني يدعو إلى فرض ما تسمى بالسيادة الإسرائيلية على الكتل الاستيطانية والمستوطنين، وهذا يشجّع الحكومة المقبلة على الشروع بسن قوانين كهذه.
وشدد جرايسي على أن إسرائيل تستفيد حالياً من سلسلة أوضاع داخلية وإقليمية وعالمية، وبالذات من وجود إدارة أميركية داعمة بشكل مطلق لليمين الاستيطاني.
ولا يستبعد جرايسي أن يسارع اليمين الاستيطاني برئاسة نتنياهو فور تشكيله الحكومة لوحده، باتخاذ خطوات جدّية لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية.
وفي هذا السياق، قال إن "المشروع الأول أمام نتنياهو استثمار دعم الإدارة الأميركية التي اعترفت باحتلال القدس واحتلال الجولان كجزء مما تسمى السيادة الإسرائيلية، وسيعمل على ضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية".
وأضاف: "نتنياهو يعرف أن صفقة القرن تقضي بضم الكتل الاستيطانية، رغم أن هذا القرار ليس من السهل اتخاذه بسبب تعقيدات داخل اليمين الإسرائيلي".
وتابع أن "المهمة الثانية لنتنياهو ستكون المصادقة على مشاريع قوانين عنصرية لم يتم المصادقة عليها في ولايته المنتهية، ونتنياهو سيشعر أنه طليق اليد في هذه القوانين وهو بحاجة لهذا الإجراء في محاولة لحرف النظر عما ينتظره من قضايا فساد".
وأوضح جرايسي، "على المستوى الداخلي، إسرائيل مرشّحة لإجراءات اقتصادية تقشفية، وسيقدم نتنياهو على مثل هذه الإجراءات التي قد تثير بعض الغضب ضدها لكن ذلك لن يؤثر عليه"، لافتاً إلى أن نتنياهو يواجه فترة مصيرية، خلال الأشهر الثمانية المتبقية حتى نهاية العام ومطلع العام المقبل، حيث ستحسم قضايا الفساد.
وقال إن "كل الاحتمالات واردة بمعنى اجهاض لوائح الاتهام، أو تثبيتها ولكن بمنسوب تهم أضعف مما هو قائم، لأنه حسب النظام الإسرائيلي يحق لمنتخب الجمهور أن يرسل محاميه للمدّعي العام لكي يقنعه بدلائل أن ما وجه له مبدئياً ليس بهذا القدر، مثلما حصل مع إفيغدور ليبرمان، وهذه لعبة قضائية لأن القضاء الإسرائيلي يغوص أيضاً بالفساد، وعندما يوجد احتلال لا توجد نزاهة".
بدوره، قال الباحث والمؤرخ الدكتور جوني منصور من حيفا، "إن نتائج الانتخابات تفيد بتعزيز كتلة اليمين، خاصة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو والأحزاب الشريكة معه في الحكومة الحالية وغيرها، بالإضافة إلى تعزز وجود كتلة أخرى من اليمين أو ما يسمى اليمين الوسط أو المركز، بصعود حزب "أزرق أبيض" بقيادة غانتس والجنرالات الآخرين. في المقابل، ضعف وتراجع القوى العربية في الانتخابات نتيجة لتوجه القوائم العربية إلى قائمتين بدلا من قائمة واحدة مشتركة كما في الانتخابات السابقة".
ورأى منصور أن نتنياهو سيعمل فور تشكيل الحكومة على إعلان ضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية إلى "السيادة الإسرائيلية" المباشرة والحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية، مشيراً إلى أن اعتراف الإدارة الأميركية بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان يعزز أكثر وأكثر من مكانة نتنياهو على الصعيد السياسي الداخلي.
ويعتقد منصور أن الأشهر المقبلة ستشهد صراعاً حول مستقبل نتنياهو على الصعيد القضائي فيما يتعلق بعدد من الملفات التي توجّه فيها تهم لنتنياهو، ما سيحدث ضجة إعلامية وسياسية محلية فيما لو بقيت الأمور تجري في المسار القانوني.
وأوضح: "لكن، إذا قام نتنياهو بخطوات التفافية على الدعاوى التي يمكن أن يقدمها المستشار القضائي والنيابة العامة فإننا سنشهد مزيداً من التوتر داخل إسرائيل لفترة زمنية أطول".
ولفت منصور إلى أن عددا من المحللين والمراقبين يرجّحون احتمالية إجراء انتخابات مبكّرة في إسرائيل في غضون السنتين المقبلتين.
وأكد منصور أن نتائج الانتخابات الحالية، تثبت مرة أخرى أن المجتمع الإسرائيلي يتجه نحو اليمين المتطرف.
وقال إن "الجمهور الإسرائيلي جنح وما زال يجنح إلى اليمين بأشكاله المختلفة، سواء اليمين المتشدد جداً، أو اليمين المتطرف أقل، أو اليمين القريب من المركز، وهذا بطبيعة الحال يعكس أن الكنيست الحالي فيه بالحد الأدنى أكثر من ثلثيه من الجناح اليميني المتطرف".
ومن المنتظر أن تعلن النتائج النهائية، يوم غد الخميس، وبعد الانتهاء من فرز الأصوات، سيسأل الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين الأحزاب التي فازت بمقاعد في "الكنيست" عمن تؤيد ليصبح رئيساً للوزراء، قبل أن يختار أحد قادة الأحزاب ويمنحه 28 يوماً ليحاول تشكيل ائتلاف، تمدد لمدة أسبوعين إذا لزم الأمر.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها