روى لي زميلٌ قصة زيارته لشقيقه الأسير في المعتقلات الإسرائيلية، وطلب مني نشرها، قال: إنّه ونحو ثلاثين "30" من ذوي الأسرى، غالبيتهم الساحقة من "فتح" وبحدود خمسة "5" أشخاص كانوا من "حماس" ذهبوا لزيارة أسراهم في معتقل ريمون، وعندما وصلنا، وكعادتها سلطات السجن الإسرائيلي تعمل على تنغيص الزيارة وتعكيرها وحتى منعها في آخر لحظة، فقد قرَّرت هذه السلطة أن تمنع أحد الشباب من "فتح" من مقابلة شقيقه الأسير، على الفور أخذ الأسرى وكعادتهم موقفا تضامنيًّا وانسحبوا إلى إحدى الزوايا، وقالوا لن نقابل إلّا إذا سمح لزميلنا بمقابلة أخيه، الجميع من الزوار والأسرى اتّخذ هذا الموقف، لنفاجأ جميعنا أنّ أسرى "حماس" وذويهم قد تقابلوا وجرت الزيارة بينهم وكأنَّ شيئًا لم يكن.
ولمَن لا يعرف من القرَّاء فإنَّ زيارة الأسرى هي واحدة من أكثر الأشياء تعقيدًا وألـمًا ففي الغالب تجري ترتيبات هذه الزيارات بشق الأنفس وفي الغالب تضع سلطات الاحتلال الإسرائيلي في وجهها كافّةً العقبات والمعيقات، وفي أحيان كثيرة تقوم بإلغاء الزيارة في اللحظة الأخيرة. على أيّة حال فأنانية جماعة الإخوان هي صفة ملازمة لهم، فهم كيّفوا الدين الإسلامي بما يخدم مصالحهم وحدهم، فالإسلام بالنسبة لهم هو ما يقررونه هم، وأي إسلام آخر عند غيرهم هو ليس بالإسلام. ومن يتابع يستطيع ببساطة إدراك أنَّ هذه الجماعة لم تؤمن يومًا في حياتها بأي شراكة مع الآخر الوطني أو القومي، وحتى من نظرائها من الجماعات الإسلامية هم يمكن أن يتحالفوا بحالة واحدة فقط إذا كان هذا التحالف يخدمهم وحدهم فقط.
لنأخذ "حماس" مثالاً، وهي فرع الجماعة في فلسطين، فهي أوصلت نفسها بأنانيتها أن تقبل المال القطري عبر الموساد الإسرائيلي، بالرغم من أنَّها تدرك أنَّ ثمن هذا المال القادم من الإسرائيلي هو الإبقاء على الانقسام وانفصال قطاع غزة عن الضفة ومنع قيام دولة فلسطينية، وهذا هو بالضبط الهدف الاستراتيجي لليمين الصهيوني والإسرائيلي.
في اجتماع عقدَهُ حزب الليكود مؤخّرا، سأل أحد الحضور نتنياهو لماذا ترسل المال لحماس في غزة؟ ألا يمكن أن يؤثِّر هذا الفعل على الليكود انتخابيًّا؟ أجابه نتنياهو: "أيها المغفل ألا تعلم أنَّنا نرسل المال لحماس من أجل إبقاء الانقسام الفلسطيني وتعميقه، وفصل قطاع غزة عن الضفة، لنمنع إقامة أي دولة فلسطينية مستقبلاً؟!".
السؤال هنا، لماذا تقبل "حماس" بأن تكون شريكة للاحتلال في منع قيام الدولة الفلسطينية؟ الجواب ببساطة إنَّها الأنانية الإخوانية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها