تشهد المدن والبلدات والقرى العربية في داخل الجليل والمثلث والنقب في الآونة الأخيرة تصاعدا محموما في عمليات الهدم بذريعتين الأولى القرى غير المعترف بها كقرية أم الحيران والعراقيب في النقب؛ والثانية البناء غير المرخص، كما حصل في الشهر الأخير في إم الفحم وقلنسوة وجلجولية وأخيرا أول أمس في سخنين، وكأن القيادات الاستعمارية الإسرائيلية كانت تمهد لقانون "الأساس القومية" العنصري بالترجمة العملية، لتقول لأبناء الشعب العربي الفلسطيني من حملة الجنسية الإسرائيلية، أن وجودكم "مؤقت"، و"لاوطن" لكم في ظل القانون الجريمة، وفلسطينكم، التي تتغنون بها، هي "الوطن القومي" لليهود فقط دون سواهم من بني البشر، وروايتكم "لا أساس لها في ظل القانون"، وإسرائيل الفاشية الاستعمارية "ليست دولة كل مواطنيها"، ولا خيار أمامكم إلا الترانسفير؟!

وفي قادم الأيام ستشهد المدن والبلدات والقرى الفلسطينية العربية داخل إسرائيل استعارا في الهجمة الاستعمارية الإسرائيلية تنفيذا لما تضمنه قانون العنصرية البشع، وأول ما ستقدم عليه حكومة اليمين الفاشي الإسرائيلية، هو تنفيذ جريمة قانون "برفر" في النقب، الذي يهدف لمصادرة حوالي المليون دونم، رغما عن الجماهير العربية، ودون حتى الالتفات لحقوقها وصرخاتها، أضف إلى أنها ستقلص من حجوم موازنات المجالس المحلية العربية أكثر مما هي مقلصة، والتي لا تفي بالمتطلبات الدنيا لتلك المجالس، وستعيق أكثر فأكثر إصدار المخططات الهيكلية للمدن والبلدات العربية، ولن تعترف بالقرى المهمشة، وستستخدم عملية الخنق الديمغرافي وسيلة قهر وتنكيل ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وبالتلازم مع ذلك ستضاعف حكومة نتنياهو من عمليات الاحتكاك ما بين الجماهير العربية وأجهزة الأمن الإسرائيلية لإيقاع أكبر عدد من الخسائر في أوساطهم، لكي وعيهم الوطني والقومي، كما حصل أثناء توجه الشرطة لهدم المنزل في مدينة سخنين، حيث جرح احد عشر مواطنا فلسطينيا عندما تصدوا للجرافات الإسرائيلية للحؤول دون هدم المنزل، خاصة وأنها اتخذت قرارا بإقامة مخافر للشرطة وأجهزة الأمن داخل المدن والبلدات العربية لتحقيق الغاية المذكورة آنفا .. إلخ من الإجراءات والانتهاكات، التي تمس أبسط حقوق الإنسان والمواطنة.

وعمليا يعتبر هدم المنزل في سخنين باكورة التدشين الفعلي للقانون الفاشي، الذي أقرت فيه إسرائيل، أنها دولة غير ديمقراطية، ودولة عنصرية فاشية، وأنها "دولة ووطن اليهود" فقط، وأن اللغة العبرية دون سواها، هي اللغة الرسمية للدولة، وأسقطت عن اللغة العربية الصفة الرسمية، وأحالتها لما وصفه القانون بالوضع "الخاص"، وبذلك فتحت حكومة الائتلاف اليميني المتطرف الباب مجددا أمام القيادة الفلسطينية والدول العربية ودول العالم للتوجه للأمم المتحدة لإعادة الاعتبار للقرار الأممي السابق، الذي اعتبر أن "الحركة الصهيونية حركة عنصرية ورجعية" الصادر في تشرين الثاني/ نوفمبر 1975، وتم إلغاؤه مطلع تسعينيات القرن الماضي. ولكن هذه المرة ستكون الصياغة أعمق وأشمل مما كانت عليه الصياغة القديمة، حيث يفترض أن يصم دولة الاستعمار والفاشية الإسرائيلية، بالدولة العنصرية أسوة بجنوب أفريقيا، وفرض عقوبات سياسية ودبلوماسية وقانونية واقتصادية وتجارية عليها، لأن القانون "الأساس"، الذي سنه الكنيست فجر الخميس الماضي، لم يبق على العين قذى، وكشف طبيعة وجوهر النظام العنصري الفاشي، الذي تمثله دولة الاستعمار الإسرائيلية، وعلى العالم عموما والأقطاب الدولية خصوصا أن تنسجم مع ما تتبناه،وتؤكد عليه، أنها نصيرة الشرعية الدولية وقوانينها ومواثيقها واتفاقياتها ومعاهداتها، وعليها حماية حقوق الوسط العربي، والحقوق الفلسطينية في أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران/ يونيو 1967. فضلا عن ملاحقة القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية كمجرمي حرب أمام المحاكم الدولية وخاصة محكمة الجنايات الدولية، وأيضا بالتوجه لمحكمة العدل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة لحماية القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التي زاد عددها عن الـ700 قانون، وخاصة إعادة النظر بالاعتراف بالدولة الإسرائيلية، التي ارتبط الاعتراف بها بتطبيق قرار عودة اللاجئين الفلسطينيين 194، وقرار التقسيم 181 الدولي، الذي التزمت به الحكومة الإسرائيلية الأولى برئاسة بن غوريون، ووقع عليه موشي شاريت، وزير الخارجية الأول آنذاك.

لا يجوز لقانون "الأساس القومية" أن يمر مرور الكرام، وهو ما يفرض تكاتف الجهود الفلسطينية في داخل الداخل مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ومع الأشقاء العرب والأقطاب الدولية وكل أنصار السلام في العالم لوأد القانون في المهد.