في الثلاثين من نيسان الحالي، لدينا استحقاق وطني بامتياز، وموعد تتجلى فيه الوطنية الفلسطينية بكل إبداعاتها الخارقة، انه انعقاد الدورة العادية الثالثة والعشرين للمجلس الوطني الفلسطيني في مدينة رام الله، كتأكيد شامل بأننا ها هنا باقون صامدون حقيقة فلسطينية خالدة، ولقد كنا نقول منذ إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية وقرار انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، أن كل عنوان لنا خارج ارض الوطن هو عنوان مؤقت، أما العنوان الثابت المقدس، فهو فلسطين بأرضها التي هي أول ارض أشرق عليها التاريخ الإنساني، بل انه في أوقات سابقة، حتى عندما كانت الظروف شبه مستحيلة، أجرينا انتخابات بلدية في ظل الاحتلال وفاز فيها رجال منظمة التحرير، وعقدنا دورة للمجلس الوطني في عام 1996، فلماذا جوقات تكذب ولا تجد في ما تقوله سوى الكذب، وتعرض نفسها في سوق النخاسة على إنها تملك الاستعداد الكامل للخيانة؟
الموقف ليس فيه مفاجأة، وليس فيه جديد، فالإخوان المسلمون، حتى قبل استخدام اسم حماس، ومعهم المجموعات الصفرية، والإفراد الفاقدون لنسبهم الوطني، كانت اكبر مفاجأتهم الصادمة، قيام منظمة التحرير الفلسطينية، فناصبوها العداء منذ اللحظة الأولى، وشككوا فيها، وتآمروا عليها مع كل الأعداء المتآمرين، لكن المنظمة تابعت المسيرة بدعم من كل الفصائل الوطنية، أما الإخوان المسلمون قبل إعلان اسم حماس فلم يشتركوا في النضال الفلسطيني الواسع قرابة ربع قرن، إلى أن أصبحوا مهددين بالانقراض وتحيط بهم اللعنة من كل الاتجاهات، فبدأوا العمل تحت جناح الحقد والضغينة، وكانوا الأداة الرخيصة الطيعة في يد كل متآمر كما هم اليوم مبهورون بالحوار الذي أجروه مع إدارة ترامب حول أوضاع غزة، كما لو أن ترامب وإدارته متفاجئون وليسوا هم الذين قطعوا المساعدات، وقطعوا مخصصات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "اونروا"، وشاركوا إسرائيل في حصارها لقطاع غزة، واعتبروا حماس إرهابية، ولكن ما دامت مستعدة أن تلعب ضد شعبها دور الذئاب الجريحة التي تهتاج على رائحة الدماء فتفتك ببعضها، كما أن حماس تواصل إرسال الرسائل لإسرائيل كلما رمت لهم عظمة أو كلمة يقيمون حولها صروح الوهم.
سلوك حماس وقطيعها من المجموعات الصفرية، والإفراد فاقدي نسبهم الوطني هم هكذا في كل منعطف يبيعون أنفسهم بثمن بخس ركضًا وراء الوهم، كم مرة تعرضت المنظمة لمحاولات الذئاب المنتحرة!؟ مرات ومرات، وفي كل مرة تصعد أقوى، لأن الوطنية الفلسطينية تزداد حضورًا، ومنظمة التحرير تزداد ثباتًا ورسوخا، فقد تم الاعتراف بها دوليا، وحصلت في العام 1974 على صفة مراقب في الأمم المتحدة، ثم على صفة دولة مراقب، وتزداد القناعة الدولية أن لا استقرار في هذه المنطقة من العالم إلا بحصولها على صفة دولة كاملة العضوية وكاملة الاستقلال، وفي الثلاثين من هذا الشهر سيجتمع المجلس الوطني في رام الله بحضور عظيم ليخرج ببرنامج سياسي يجعل اصطفافنا أقوى لنيل حقوقنا، وتخلد "لا" الفلسطينية ضد ترامب وضد حكومة إسرائيل، أما جوقات الضجيج وقطعان الذئاب الجريحة فليذهبوا إلى الجحيم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها