حوار/ وسام خليفة

إغلاقُ بوابات "الأقصى" وعزمُ "إسرائيل" وضعَ بواباتٍ وكاميراتٍ حراريةً ما أجَّج الوضع في مدينة القدس، ودفعَ الشارع المقدسي للمرابطة على أبواب المسجد حتى فتحه، بالإضافة إلى عقدِ جلسة بين "حماس" و"دحلان" للمجلس التشريعي، والأوضاع السياسية الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية، كلُّها تحدِّيات وتطورات طرأت على الوضع الفلسطيني في وقت وجيز، فكان لمجلّة "القدس" هذا الحوار حولها مع عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" د.جمال المحيسن.

كيف تنظرون إلى الوضع في القدس والأقصى اليوم؟ وهل بدأت معركة القدس برأيكم؟
لقد أعلنت "إسرائيل" ضمَّ القدس عند احتلالها العام 1967، وكانت هناك تصريحات لـ"بن غوريون" أنَّ "إسرائيل" بدون القدس لا قيمةَ لها، والقدس بدون البلدة القديمة لا قيمةً لها، والبلدة القديمة بدون جبل الهيكل الذي سيقيمون عليه هيكلهم المزعوم أيضًا لا قيمة لها، أي أنَّ مخطّطهم تجاه القدس والمسجد الأقصى، البالغة مساحته 144 دونمًا،كان مُبيّتًا منذ قيام "إسرائيل". وبالتالي هُم كانوا ينتظرون أيَّة فرصة لتنفيذ هذا المخطَّط، إلى أن جاءت العملية الأخيرة في الأقصى، والتي اتَّخذ منها نتنياهو ذريعةً لشنِّ هجومٍ على القدس، خاصّةً أنَّه في مرحلة تنافس قوية مع اليمين، وضدَّه ملفات فساد، ويحاول ترحيل مشاكله للخارج، حتى يستعطف ويستقطب المجتمع الإسرائيلي حوله، وأيضًا لديهم تجربة سابقة عندما أحرقوا المسجد الأقصى العام 1969، وقالت "جولدا مائير"، التي كانت رئيسة الحكومة الإسرائيلية آنذاك، إنَّها لم تنم تلك الليلة لاعتقادها أنَّ الجيوش العربية ستدخل القدس كرد فعل على ما جرى، وعندما لم يحصل شيء نامت نومًا عميقًا. ويبدو أنَّ الإسرائيليين لم يتوقَّعوا ردة فعل الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية والعمل السياسي الذي قامت به القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس أبو مازن، أو حتى العمل والحراك الشعبي، إزاء ما جرى في القدس. وبرأيي فإنَّ المخطط الإسرائيلي سيبقى قائمًا، ولكنَّ هذا الاختبار جعل الحكومة الإسرائيلية تتراجع خطوةً، ونحن نعتبر ما جرى إنجازًا إستراتيجيًّا، وانتصارًا كبيرًا للشعب الفلسطيني بأكمله. فالقدس لها مكانتها الدينية الإسلامية والمسيحية، إذ تضمُّ المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وغيرها من المقدَّسات، ولها بُعدها الوطني والقومي، بالنسبة للشعب الفلسطيني، والجميع يدرك أنَّ أي إجراء يُطبَّق على المسلمين، فهو أيضًا يُطبَّق على المسيحيين. وحتى اللّحظة ما زالت "إسرائيل" تحاول تصدير هزيمتها وأزمتها الداخلية محاولةً ابتزازنا، واستفزازنا، تارةً باقتحامها لمناطق السلطة الوطنية، وأخرى بإغلاق الشوارع. فبالأمس أغلقوا شارع الجلزون، وشارع بتين، والعديد من المداخل، وكان هناك تفتيش فردي على بوابات المسجد الأقصى، وعمدوا أحيانًا لإدخال بعض الشباب أو النساء إلى غرف للتفتيش الجسدي، ومع ذلك نؤكِّد أنَّ "إسرائيل" لن تجرَّنا إلى المربَّع الذي تريده، فهذه القدس، وسنبقى جنودًا أوفياء للدفاع عن مقدَّساتنا وعن عاصمتنا الأبدية.
هل تتعمَّد "إسرائيل" إثارة أحداث تتعلَّق بالأقصى بين كل فترة وفترة؟
"إسرائيل" تدركُ أنَّ العديد من الدول العربية الرئيسة مشغولةٌ اليوم بأوضاعها الداخلية، لذا ترى أنَّ الظرف العربي يُساعدها على تنفيذ مؤامراتها تجاه المسجد الأقصى، ولكن ما لم يدركوه هو أنَّ القدس لها بُعدٌ عَقَدي، فـ"المسجد الأقصى" جزءٌ من العقيدة الإسلامية، وبالتالي مهما كانت صعوبة وتعقيد الأوضاع الداخلية للدول العربية، إلّا أنَّها وبكل تناقضاتها توحَّدت حول القدس. ونحن نوجِّه كلَّ التحية لشهداء القدس ولمعتقليها، ومُبعَديها، وشبابها، وشيوخها، ونسائها، وأطفالها، كما نُحَيي شعبنا في أراضي الـ48 الذين زحفوا باتجاه القدس، وشعبنا في الضفة، وغزة، والشتات، هذا الشعب الذي ثارَ بجميع أطيافه وفي كلِّ أمكان وجوده دفاعًا عن مقدَّساته. كذلك نُحَيي حراك الشعوب العربية، وخاصّةً أشقاءنا في الأردن، فنحن نتحدَّث عن مرابطين في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس، وعندما نتحدَّث عن أكناف بيت المقدس فنحن نقول عمان، والسلط، والكرك، وإربد أقرب لبيت المقدس من منطقة جنين أو منطقة رفح، لأنَّ أكناف بيت المقدس ليست مرتبطةً بحدود جغرافية سياسية، وإنَّما هي مرتبطة بمنطقة جغرافية طبيعية، وبالتأكيد هذا يهزُّ مشاعر كلِّ المسلمين، وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى التنسيق العالي بين الرئيس محمود عبّاس، وجلالة الملك عبدالله الثاني، والرئيس عبدالفتّاح السيسي، وخادم الحرمَين الشريفَين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والأشقاء في الدول العربية كافةً.
وفي خضم كلِّ ما حدث، فإنَّ وقاحةً نتنياهو دفعتهُ لمطالبة الفلسطينيين بقطع رواتب الشهداء والأسرى، وهو يستقبلُ قاتلَ اثنين من أبناء شعبنا الشقيق في الأردن بكل تبجُّح، ويُهاتِفُه قائلاً إنَّه أوفى بوعده له، ويتمُّ استقبالُ هذا المجرم بالأحضان بدلاً من أن يُحاكَم! ولكنَّ شعبنا المدافع عن أرضه ومقدَّساته سيواصلُ نضاله حتى الحصول على حُريّته واستقلاله، وقد شاهدنا في هذه المعركة التي فتحها الاحتلال شباب فلسطين، وخاصّةً في بيت المقدس، الذين هبوا هبَّة رَجُلٍ واحد، وكانوا في مقدِّمة المنتفضين، والمرابطين. وهذا الجهد الذي قاموا به مع جهد الشعب الفلسطيني عامّةً والعمل السياسي الذي قام به الأخ الرئيس أبو مازن كان في قمَّة الصلابة، وخاصَّةً عندما اتَّخذ قرارًا بوقف كلِّ الاتصالات مع الإسرائيليين، ممَّا وضع العالم كلَّه أمام مسؤولياته، وكان له دورٌ في هذا النّصر الذي تحقَّق في القدس.
 ماذا يعني قرار القيادة بقطعِ الاتصالات مع الإسرائيليين؟ وكيف سيُنفَّذ؟
كان هناك قرار في المجلس المركزي العام 2015 بوقف التنسيق الأمني، أو وقف الاتصالات مع الإسرائيليين، وأي قرار تتَّخذه القيادة ليس بالضرورة أن يٌنفَّذ في اليوم نفسه، وإنَّما يُترَك للقيادة السياسية اختيار الوقت المناسب لتنفيذه. وقد دفعت الأحداث الأخيرة، والجرائم الإسرائيلية التي ارتُكِبَت بحقِّ شعبنا ومقدَّساتنا القيادة لتفعيل القرار السياسي، وهو ليس مرتبطًا فقط بالأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى، وإنَّما هو مرتبطٌ بمجمَل العملية السياسية، والرئيس ونحن مُتمسِّكون باستمرارية هذا القرار، خاصّةً عندما نجِدُ أنَّ الإدارة الأمريكية وبعد أشهر من الاستماع، لم تُقدِّم أيَّ شيء له علاقة بإنهاء الصراع، وإنهاء الاحتلال، وحتى في إدارة الأزمة هناك انحياز كامل للاحتلال الإسرائيلي، لا سيما أنَّ جميع المبعوثين الأمريكيين يختارهم ترامب من اليهود والصهاينة، أي وكأنَّنا فعليًّا نناقش نتنياهو. لذلك نحن نقول للعالم هذا الإرهاب الإسرائيلي الذي يمارَس بحق الشعب الفلسطيني، وهذا المناخ الذي تُوجِده الحكومة الفاشية الإسرائيلية يؤدِّي إلى مزيد من العنف والإرهاب في المنطقة، كرد فعل على ما ترتكبهُ "إسرائيل"، ولذلك يجب أن يكون هناك برنامج في أجندة العالم لإنهاء هذا الاحتلال بالاستناد إلى قرارات الشرعية الدولية، وقرار وقف الاتصالات مع الإسرائيليين باقٍ حتى إعادة الوضع إلى الطريق الصحيح بالنسبة بالمفاوضات لإنهاء الاحتلال.
ما هو تقييمكم للمواقف الدولية والعربية خلال أزمة الأقصى؟
المواقف العربية متباينة، وليست كلّها بنفس المستوى تبعًا لأولويّاتهم وظروفهم الداخلية. فالأردن مثلاً ترتبط بالمقدّسات بحكم إشراف الأُسرة الهاشمية عليها وعلى القدس، وبالتالي هناك دورٌ مُتقدِّم لجلالة الملك عبدالله الثاني، وللحكومة الأردنية، وللبرلمان الأردني، وللشعب الأردني أيضًا، وكان هناك دورٌ متقدِّم بالنسبة للأزهر الشريف، وشيوخ الأزهر، وللرئيس السيسي، ولملك المغرب باعتباره رئيس لجنة القدس، وأيضًا لخادم الحرمَين الشريفَين.
كذلك كانت هناك حراكات على الجانب التركي، وعلى مستوى منظَّمات المؤتمر الإسلامي، ودول عدم الانحياز، وعلى مستوى العالم كلّه عمومًا، وكلُّ العالم أَولى اهتمامًا لهذا الموضوع، وقد سمعنا كلمة وزير خارجية فرنسا، وفي المقلب الآخر، سمعنا كلمة مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية، هذه الوقحة التي تطلب من الناس سؤالها لماذا تنتعلين الكعب العالي لتقول حتى أضرب به على رأس أي أحدٍ يُصوِّت ضدَّ "إسرائيل"، فعندما عُقِد اجتماع مجلس الأمن تحدَّثت في كلِّ خطابها عن "حزب الله"، وتعمَّدت إهمال موضوع القدس. ولكنَّنا نؤكِّد أنَّ القدس خطٌ أحمر، والمؤامرة الإسرائيلية لا تستهدف فقط المسجد الأقصى، وإنَّما أيضًا كنيسة القيامة والبلدة القديمة، أي القدس بكاملها، وتهدف لتوسيع حدود "إسرائيل" بضمِّ كُتَلٍ استيطانية لها، وإخراج تجمُّعات فلسطينية منها، ممّا يعني أنَّ المؤامرة على كلِّ المشروع الوطني الفلسطيني. وبالتالي فـ"إسرائيل" فتحت هذه المعركة، ونحن لها، وسنواصل الدفاع عن عاصمتنا القدس، فهي عقيدتنا، وشرفنا، وكرامتنا.
بين الحرب على السلطة، وتصعيد الاستيطان والتهويد، ومحاولات زعزعة الصف الفلسطيني وازدياد حدة الصراع مع "إسرائيل"، كيف تواجه القيادة هذه التحدِّيات؟
 الشعب الفلسطيني في الشارع موحَّد، فالقدس وحَّدتنا، والقدس تجمعنا، لكن حتى الآن تبقى هناك مشكلة سياسية في الشارع الفلسطيني، وهي "حماس". وفي لقاء القيادة السياسية، وجَّه الرئيس أبو مازن نداء القدس لقيادة "حماس"، ودعاهم للعمل سويًّا، فإذا لم تجمعنا القدس ما الذي سيجمعنا؟! وهذا يُحتِّم على "حماس" إنهاء حكومة الأمر الواقع، خاصّةً بعد أن شكَّلت اللجنة الإدارية، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة دورها في قطاع غزة، كما تمارس دورها في الضفة الغربية، أو أن نعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية، ونذهب لانتخابات، ونحن نعلَم أنَّ الانتخابات عندما تكون قائمةً على أساس التمثيل النسبي فإنَّ نسبة الحسم تكون قليلة جدًا ممَّا يُتيح للتنظيمات الصغيرة أن تكون تحت قبّة البرلمان، فكيف عندما تكون التنظيمات كبيرة؟! هذا يعني أنَّ لا أحد يمكنه إقصاء أحد، ونحن لدينا الاستعداد والنيّة للعمل معًا. أيضًا طلَبَ الرئيس عقد اجتماع "المجلس الوطني الفلسطيني" و"المجلس المركزي"، وبرأيي يجب عقدُ "المجلس الوطني" أولاً، إذ لا بدَّ من تغيير قيادة "م.ت.ف" لعديد من الاعتبارات، وأيضًا يجب انتخاب قيادة جديدة لرئاسة "المجلس الوطني"، وتجديد شباب "المجلس المركزي". والمجلس الوطني بعد ذلك يُفوِّض "المجلس المركزي" باعتباره أقلَّ عددًا، ومن السهل اجتماعه، ويمكن أن يكون بديلاً عن المجلس التشريعي، باعتبار أنَّ المجلس الوطني هو صاحب الولاية على السلطة الوطنية الفلسطينية كلّها لأنَّه البرلمان الفلسطيني الشامل والجامع للشعب الفلسطيني، حتى نخرج من هذه الدوامة التي نعيشها. وأرى أنَّه آن الأوان للدول العربية التي تخوض اليوم صراعاتٍ تحت باب الشرعية أن تحافظ على الشرعية الفلسطينية، وتوقِف تدخلاتها سواء بما يتعلّق بالمفصول من حركة "فتح" محمد دحلان (من قِبَل الإمارات)، أو بما يتعلَّق بـ"حماس" (من قِبَل قطر).
برأيكم هل ستتأثَّر جهودُ المصالحة باتّفاق "حماس" ودحلان، ومشاركة أعضاء التشريعي المحسوبين على دحلان في آخر جلسة لتشريعي "حماس" في غزة؟
لقد قامت "حماس" بالانقلاب على "فتح" والسلطة بذريعة دحلان وممارسات دحلان، وبسببه قتلت ما لا يقلُّ عن 800 شابٍّ فلسطينيٍّ، عدا عن الذين بترَت أرجلهم، واليوم يتم هذا اللقاء، ونراهم يجلسون ويستمعون كالأطفال وكتلاميذ المدارس لمكالمة دحلان المرئية عبر فضائية الأقصى! لذلك نقول هذا الكلام لا يؤثِّر علينا، وهو مفهوم (الكل بناور على الكل)، فدحلان يعدُّ "حماس" عدوًّا لا خصمًا سياسيًّا، و"حماس" بدورها تعدُّه عدوًّا، لكنَّه "لقاء مصالح"، ونرجو أن لا يكون لقاءً في إطار مخطَّط لمزيد من فصل غزة عن الضفة الغربية، وكما صرَّح القطريون أنَّهم استضافوا "حماس" وقيادتها بطلب أمريكي، فبالتأكيد أنَّ لقاءهم دحلان بتنسيق أمريكي، وهذا أيضًا يندرج في لعبة المؤامرة على القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني.
ألن يعيد هذا الاتفاق تقسيم الضفة وغزة بين "إسرائيل" ومصر والأردن؟
الشعبُ الفلسطيني يريد حرُيّته واستقلاله، ويريد دولته مثل بقية شعوب العالم، ورهانُنا اليوم على شعبنا في قطاع غزة بأنَّه لن يقبل لا كشعب ولا كتنظيمات سياسية هذه الخطوات التي تقوم بها "حماس" باتجاه فصل غزة عن بقية الوطن الفلسطيني، ونحن نقول كلُّ فلسطين بدون القدس ليس لها قيمة، فكيف إذا كانت غزة بدون القدس وبقية أجزاء الوطن؟!
ما صحّة ما يُشاع عن وجود معسكر لدحلان في سيناء لتدريب 8000 مقاتل مهمّتهم القضاء على "حماس" في وقت محدَّد؟
لا أتصوَّر ذلك. فسيناء اليوم مسرحٌ لحرب بين الجيش المصري والجماعات التكفيرية، وإذا كان هناك معسكر من الممكن أن يكون في مكان آخر. ورغم ذلك نحن نعود ونقول إنَّ مصر لها اعتباراتها الأمنية والاقتصادية، ولكنَّها دائمًا تقف مع الشرعية الفلسطينية، وهذا ما يُعبِّر عنه دائمًا الرئيس السيسي، وكلُّ القيادات والأحزاب المصرية في لقاءاتها مع الرئيس أبو مازن، وهناك فرقٌ شاسع بين الموقف المصري من الشرعية الفلسطينية الداعمة لها على مدى التاريخ، وبين بعض الاعتبارات الاقتصادية ضمن الوضع الاقتصادي المصري الصعب، والاعتبارات الأمنية بحكم كون غزة تُعدُّ خاصرتها الأمنية، وما هذه التنظيمات التكفيرية الموجودة على مستوى الساحة العالمية إلّا تفريخات من رحم حركة "الإخوان المسلمين" التي تعدُّ "حماس" جزءًا منها.
اقترحَ نتنياهو ضمِّ مستوطنات إلى القدس مقابل إعطاء الفلسطينيين أراضٍ تحت السيطرة الإسرائيلية، فهل هذا قابلٌ للنقاش؟
إنَّ شعبنا الذي صمدَ على أرضه العام 1948 ليس معروضًا للبيع أو الشراء، وإنَّما هو مقيمٌ على أرضه، وهو جزءٌ من الأرض الفلسطينية المحتلة العام 1948. وعندما نتحدَّث عن تبادل أراضٍ فنحن نتحدَّث عن الحدود فقط، لا عن كُتَلٍ استيطانية، لأنَّ الكُتل الاستيطانية كلّها غير شرعية، وهذا ما أكَّدته قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وآخرها القرار 2334، وبالتالي التبادل يكون بتعديلات في الحدود وأراضٍ لا يوجد فيها سكان، وبالقيمة والمثل، لكن لن يحدث تبادل مع أي كتل استيطانية، ولا يمكن التبادل مع أي تجمُّع سكاني لشعبنا في أراضي الـ1948.
برأيك هل لدحلان أيَّة علاقة باغتيال الرئيس الشهيد ياسر عرفات؟
الكلُّ يدرك أنَّه في اجتماعات "كامب ديفد" كان هناك موقفان في الوفد الفلسطيني. موقف القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني، وكان يمثّله الرئيس أبو عمّار رحمه الله، والرئيس أبو مازن، وأبو العلاء، وموقف آخر يُمثِّله محمد دحلان وحسن عصفور وخالد إسلام وآخرون من اللجنة التنفيذية لـ"م.ت.ف"، وكانوا يُوصِلون كلامًا للأمريكان أنَّ دورهم هو "أن يبردفوا" موقف الرئيس أبو عمّار والرئيس أبو مازن، لذا فالتآمر برأيي كان منذُ ذلك الحين لدى هذه المجموعة، حيثُ بدأ الإعلام الإسرائيلي يُروِّج لقيادة فلسطينية جديدة شابّة بدل القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني، وكأنَّ هذه القيادة الشابة عمليةٌ أكثر في إطار التنازل عن الثوابت، وعندما عاد أبو عمّار والقيادة إلى الوطن، بدأت تخرج مظاهرات في غزة ضدَّ أبو عمار، وبدأ التآمر عليه، وتكامل التآمر مع الأمريكان والإسرائيليين وقوى أخرى في المنطقة، لكن بالفعل كانت هناك مؤامرة على الرئيس الشهيد أبو عمّار، والمعلومات التفصيلية عند الأخ توفيق الطيراوي، باعتباره رئيس لجنة التحقيق باغتيال الشهيد الرئيس ياسر عرفات، والأخ جبريل الرجوب باعتباره رئيس جهاز أمن في ذلك الوقت.