شدد الدكتور حنا عيسى، أستاذ وخبير القانون الدولي، على أن الالتزام القانوني الأساسي لإسرائيل كقوة محتلة للأراضي الفلسطينية، يتمثل بتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة تطبيقاً فعلياً حتى زوال الاحتلال بشكل نهائي عن كافة أرجاء الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، منوهاً أن هذا ما أكده الإعلان الصادر عن مؤتمر الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الذي عقد في جنيف تاريخ 5/12/2001، حيث ووفقاً للإعلان أن الدول المتعاقدة تعبر عن عميق قلقها من تدهور الوضع الانساني للمدنيين وخاصة الأطفال في الأرضي الفلسطينية المحتلة.

وأوضح أن الإعلان دعا أيضا لإيجاد مراقبين دوليين محايدين في الأرضي الفلسطينية المحتلة للتأكد من تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة، وأشار أن المفوضة السامية لحقوق الإنسان بتاريخ 5/12/2001، دعت في تصريحها خلال مؤتمر الدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، إلى تطبيق الاتفاقية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أكدت على ضرورة حماية الفلسطينيين تحت الاحتلال، والعمل على إيجاد مراقبين دوليين.

واعتبر د. عيسى عدم توفر الحماية الدولية للسكان المدنيين الفلسطينيين، بالرغم من مطالبة القيادة الفلسطينية بذلك مرات عديدة، من أهم أسباب انتهاك حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة. مبيناً أن إسرائيل كقوة احتلال لم تقم بتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب لعام 1949.

ونوه، "إسرائيل عند دخولها الأراضي الفلسطينية عام 1967 أصدرت ثلاثة "مناشير"، أعلنت في الأول منها دخول الجيش الإسرائيلي، واعتلت في الثاني تولي قائد المنطقة الإسرائيلي السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية فيها، وأعلنت في الثالث إنشاء المحاكم العسكرية. وقد جاء في هذه المناشير إن إسرائيل تعتزم تطبيق معاهدات جنيف التي وقعت عليها سابقا. فالمادة من المنشور العسكري الثالث تقضي بأنه ينبغي على المحكمة العسكرية تطبيق أحكام معاهدة جنيف المؤرخة في 12/8/1949، بخصوص حماية المدنيين زمن الحرب".

وتابع، "لكن لم تلبث القيادة العسكرية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي أن أوقفت نفاذ المادة 35 من المنشور رقم 3، وذلك بموجب الأمر العسكري رقم 107 الصادرة بتاريخ 11/10/1967 في قطاع غزة وشمال سيناء، والأمر العسكري رقم 144 الصادر بتاريخ 23/11/1967 في الضفة الغربية. وقد عللت السلطات الإسرائيلية قرارها بتأكيد إن أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لا تتمتع بالسمو والأفضلية على القانون الإسرائيلي وتعليمات القيادة العسكرية، وان ما تضمنه المادة 35 من المنشور رقم 3 من إشارة إلى اتفاقية جنيف الرابعة قد جاء بطريق الخطأ".

ويذكر د. عيسى ، ان المفاوضات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية بدأت على أساس قراري مجلس الأمن الدولي 242 و 338 مع انعقاد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، واستمرت حتى توقيع اتفاق اعلان المبادئ الإسرائيلي الفلسطيني عام 1993. ويضيف، "وقعت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اتفاق غزة - اريحا 1994، واتفاقية الحكم الذاتي حول الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1995، كما ابرم الطرفان عام 1997 اتفاق الخليل. وفي عام 1998، وقعت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية مذكرة واي ريفر بشأن الانسحاب الإسرائيلي من مساحات جديدة من الضفة الغربية. ووقع مذكرة شرم الشيخ بشأن تطبيق اتفاقية واي ريفر عام 1999. وعقد الطرفان محادثات مكثفة في الفترة الممتدة من اذار إلى حزيران 2000. والتقيا في كامب ديفيد في شهر تموز من نفس العام، إلا أن الحكومة الإسرائيلية و منظمة التحرير الفلسطينية لم تتمكنا من التوصل الى اتفاق بشأن الحل النهائي للقضية الفلسطينية من جميع جوانبها. وفي أعقاب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في 28/9/2000، تعثرت عملية السلام ولم يطرأ عليها أي تقدم يذكر حتى نهاية عام 2001".

السلطة الفلسطينية تسيطر بشكل كامل على 18% من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ضمن المنطقة المسماة " أ"، أما المناطق المصنفة " ب" التي تشكل 21% من الأراضي المحتلة عام 1967، تتمتع السلطة الفلسطينية فيها بصلاحيات مدنية فقط، أما السيطرة الأمنية فيها بقيت بيد إسرائيل.

وتابع د. عيسى، " الجزء الأكبر من الأرضي المحتلة فيما يعرف بالمناطق المصنفة "ج" والقدس الشرقية بقيت تحت السيطرة الإسرائيلية المدنية والأمنية الكاملة، وبالتالي لا تمللك السلطة الفلسطينية أية صلاحيات في المناطق المصنفة "ج" أو في القدس الشرقية المحتلة، سوى صلاحيات محدودة متعلقة بالسكان الفلسطينيين في بعض تلك المناطق".

ويستطرد ، "ولكن، وبغض النظر عن التصنيفات المختلفة وما يقترن بها من صلاحيات متفاوتة، فان مناطق الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة بكاملها ما زالت حسب القانون الدولي خاضعة للاحتلال.