وقع انفجاران مروعان أمس استهدفا مسجدين في مدينة طرابلس ذات الغالبية السنية شمال لبنان وأوقعا 42 قتيلا و500 جريح، في أكثر التفجيرات دموية منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990).
وجاء ذلك بعد اسبوع من انفجار مماثل في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، ما دفع قياديين ومحللين للتحذير من محاولات لاثارة فتنة سنية شيعية في البلد.
واوضح مسؤول أمني ان انفجاري طرابلس ناتجان عن سيارتين مفخختين.
ووقع الانفجار الأول بعيد الواحدة والنصف بعد الظهر قرب مسجد التقوى وسط طرابلس خلال صلاة الجمعة. وبعد دقائق، دوى انفجار ثان قرب مسجد السلام في منطقة الميناء على بعد أكثر من كيلومترين من الموقع الأول.
وبثت محطات التلفزة لقطات التقطتها كاميرات مثبتة داخل المسجدين يظهر فيها مصلون وهم يستمعون الى الخطبة قبل ان يدوي انفجار ويتصاعد دخان وغبار كثيف. ويشاهد المصلون وهم يهرعون، معظمهم من دون استعادة احذيتهم، نحو باب المسجد للخروج.
وشاهد مراسل وكالة فرانس برس قرب مسجد التقوى دمارا كبيرا وركاما وزجاجا متناثرا في قطر واسع. وذكر انه تم سحب جثث من داخل المسجد بينها خمس متفحمة لأطفال. وتضررت حوالي سبعين سيارة وعدد ضخم من الدراجات النارية المتوقفة أمام المسجد، واندلعت النيران في سيارات وأبنية وشقق. وقتل اشخاص داخل سياراتهم، بينما قطع آخرون الى اشلاء.
ووقع الانفجار الثاني في حي راق في منطقة الميناء. وافاد مصور في وكالة فرانس برس عن دمار كبير في الأبنية والمحال التجارية. وطوقت القوى الأمنية وفرق الأدلة الجنائية المكان وبدأت التحقيقات. وبين المنازل المتضررة بشكل كبير في هذا الموقع منزل مدير عام قوى الأمن الداخلي سابقا اللواء أشرف ريفي الذي لم يصب بأذى.
وتجمع مئات المدنيين قرب مسجد التقوى بعد وقوع الانفجار، وبدوا في حالة غضب شديدة، وهتفوا "الموت لحزب الله" و"الموت للنظام السوري". وهاجموا الدولة معتبرين انها لم تحمهم. ثم انتشر مسلحون في بعض شوارع طرابلس، وراحوا يوقفون السيارات ويفتشونها ويدققون في الهويات.
الا ان قيادات سنية سارعت للتأكيد على ضرورة ترك التحقيقات واجراءات الحماية للجيش والقوى الأمنية والمؤسسات الشرعية، رافضة مقولة "الأمن الذاتي".
واجرى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الموجود خارج لبنان ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة المنتمي لتيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري ورئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي اتصالات بقائد الجيش. وقالت المصادر ان هذه القيادات السنية اكدت لقهوجي ان "الجيش هو الذي يتولى الأمن في طرابلس".
وأدان حزب الله التفجيرين، معتبرا ان "يد الارهاب الاجرامي تأبى الا ان تشغل اللبنانيين بإحصاء شهدائهم وجرحاهم (...). فبعد التفجيرات التي استهدفت الآمنين في الضاحية الجنوبية، استهدف تفجيران إجراميان المصلين... في طرابلس". ورأى في التفجيرين "ترجمة للمخطط الإجرامي الهادف إلى زرع بذور الفتنة بين اللبنانيين وجرهم لاقتتال داخلي تحت عناوين طائفية ومذهبية". وأصدر ميقاتي مذكرة إدارية "قضت باعلان الحداد العام اليوم.