قال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور: "آن الأوان لتنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير الرافض للاستيطان في الأراضي المحتلة فورا وهذا واجبكم انتم، ويجب التمييز بين إسرائيل والأرض المحتلة".

وشدد منصور خلال كلمته مساء امس الثلاثاء، باجتماع مجلس الأمن الدولي المتواصل، لبحت الصراع الفلسطيني الإسرائيلي للمرة الأولى منذ صدور قرار المجلس بإدانة الاستيطان (2334)، بمشاركة 43 دولة، على أن قرارات مجلس الأمن ملزمة للجميع ويجب احترامها.

وأكد أن الأمين العام مطالب تقديم تقرير كل 3 شهور حول متابعة الوضع في فلسطين، ويجب أن يكون هناك رقابة من جميع الدول.

وقال السفير منصور إن عدم التزام إسرائيل بالقرارات الدولية يعمق حالة الاحتقان في المنطقة، مشيرا إلى أن إسرائيل تصر على تجاهلها للمجتمع الدولي وترفض إنهاء الاحتلال.

وشدد على أن الحكومة الفلسطينية تتعهد بالتزامها نحو السلام والقانون الدولي ومكافحة الإرهاب، ونؤكد استعدانا الالتزام بواجباتنا رغم العقبات التي نواجهها تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وتابع منصور: نرحب بتأكيد الأمين العام للأمم المتحدة في تحقيق السلام، ونتفهم الحاجة للمفاوضات ومستعدون للمشاركة فيها، ونرحب بنتائج مؤتمر باريس للسلام بما تمثله من دفعة قوية لتحقيق السلام.

وأضاف، أكدت الأغلبية أهمية القرار، سياسيا وقانونيا، وعلى الفرصة التي يوفرها لتصحيح المسار لانقاذ حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، ولفتح الطريق نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، والتوصل الى حل عادل لقضية فلسطين في جميع جوانبها، وفي نهاية المطاف إلى تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهذا هو جوهر الترحيب بالإجماع لصالح القرار، باستثناء إسرائيل وعدد قليل من أنصارها.

وأوضح منصور أن القرار 2334 ليس معاديا لإسرائيل ولكنه ضد المستوطنات والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان وعلى هذا النحو، فإن القرار مؤيد للسلام والقانون الدولي وحل الدولتين، ولا يمكن تصنيف القرار بأنه أحادي الجانب، فالقانون - الذي يستند القرار عليه بشدة - هو عالمي وعادل ولا يمكن أبدا أن يكون منحازا. هذا هو الواقع  وهو شريان الحياة للنظام الدولي. ومن هذا المنطلق فإن اعتماد المجلس للقرار لم يحيي الأمل فقط في احتمالات السلام، ولكنه أحيا القناعات في القانون الدولي ومصداقية مجلس الأمن ذاته، وهذا ليس بالأمر الهين في ظل الأزمات التي  تقوض الإيمان في القانون الدولي، وخاصة بين الأجيال الشابة، فبالنسبة لهم فإن الظلم المستمر والفشل في عدم تحقيق السلام والأمن والازدهار يزيد من تعميق اليأس والغضب لديهم وزيادة تعرضهم لقوى التطرف.

وأردف "لهذا لا يجب إضاعة الفرصة للتأكيد على تطبيق القانون وتعزيز احترامه، رغم الضوضاء والضجة التي تثيرها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، أو تخويفها لاولئك الذين يسعون إلى التمسك بالقانون وهو ما سمعناه من قبل المسؤولين الإسرائيليين الذين كان رد فعلهم على القرار 2334 بالرفض والعداء الشديد.

وقال السفير منصور: إن استناد القرار 2334 على القانون والتزامه بالسلام هو السبب وراء الترحيب القوي به وعلى نطاق واسع، وهو أيضا نفس السبب لمعارضة الحكومة الإسرائيلية الشديدة له وهي التي سعت دائما لتغليب القوة على الحق وفضلت أن تستمر في تصريحاتها الفارغة لتبرير استعمارها غير القانوني للأرض الفلسطينية وقمعها للشعب الفلسطيني، في ازدراء صارخ للقانون والمجتمع الدولي.

وشدد على أن إرادة مجلس الأمن والمجتمع الدولي ككل بالوقوف الى جانب القرار وتنفيذ أحكامه، سيكون مؤشرا على ما إذا كان في الإمكان إنقاذ حل الدولتين أم لا وما إذا كان السلام ممكنا أم لا.

وتابع: "القلة القليلة التي ازعجتها حقيقة أن مجلس الأمن تجرأ على اتخاذ القرار 2334،  نقول لهم: اقرؤأ هذا القرار ودعوته الواضحة من أجل السلام. إقرؤا ميثاق الأمم المتحدة، بدءا بالمقاصد والمبادئ المحددة في المادة 1، بما في ذلك صون السلم والأمن الدوليين وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي وتأييد حق الشعوب في تقرير المصير، والمادة 2 التي تنص، في جملة أمور، أن يقوم جميع الأعضاء  في حسن نية بالالتزامات التي اخذوها على أنفسهم بالميثاق ... ويقدموا كل ما في وسعهم الى الامم المتحدة  في أي عمل تتخذه وفق الميثاق. كما نُذكّر أيضا بالمادة (6)، التي تنص على أنه إذا أمعن عضو من اعضاء الأمم المتحدة في انتهاك  مبادئ الميثاق يطرد من المنظمة. وبالتالي فإن الامتثال لقرارات مجلس الأمن بعتبر إلزامي بشكل واضح، بغض النظر عن ما إذا كان القرار في إطار الفصل السادس أو السابع".

وقال السفير منصور: اعتماد القرار 2334 يمثل نقطة تحول، إنها لحظة الحقيقة ويجب على إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، أن تختار بين الإحتلال والسلام. وحان الوقت لإسرائيل أن تختار ما إذا كان حل الدولتين سوف يصبح حقيقة واقعة أم سيتم وضع التاريخ على مسار مختلف.

وتابع: القانون يحظر جميع الأنشطة التي تهدف إلى تغيير التكوين الديمغرافي وطابع ووضع الأرض المحتلة. وهو ما تم تأكيده في القرار 2334 بشكل لا لبس فيه وطالب إسرائيل بوقف كافة الأنشطة الاستيطانية والإجراءات غير القانونية الأخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بشكل كامل وفوري والإمتثال لإلتزاماتها القانونية من أجل إنقاذ حل الدولتين وتحقيق السلام.

وأمل أن يكون مؤتمر باريس حافزا لاستمرار الجهود العالمية من أجل السلام، بما في ذلك الجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية واللجنة الرباعية ومصر والاتحاد الروسي، فضلا عن البيان الهام لوزير خارجية الولايات المتحدة في 28 كانون أول الماضي.

وأكد أن تنفيذ القرار يوفر الوسائل اللازمة لضمان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإعمال الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير في دولته فلسطين المستقلة ذات السيادة والمتواصلة جغرافيا والقابلة للحياة، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل على أساس حدود عام 1967، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

واختتم منصور: "في هذا العام الذي يصادف مرور 70 عاما على قرار التقسيم و50 عاما منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، الذي لا يزال تحت الحصار الإسرائيلي اللاإنساني، و50 عاما منذ إعتماد مجلس الأمن القرار 242 (1967)، فإننا إما أن ننقذ حل الدولتين، أو ندفنه، فلنغتنم هذه الفرصة للدخول في عصر جديد للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وللسلام العربي الإسرائيلي وللسلام العالمي".