شهدت مصر أمس مزيدا من أعمال العنف غداة يوم دام قتل فيه المئات خلال فض اعتصامين مؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي، فيما قال المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين في مصر إن الجماعة وحلفاءها تلقوا ضربة قوية من حملة أجهزة الأمن ضدهم.
وقالت مصادر امنية لوكالة فرانس برس ان سبعة جنود قتلوا في هجوم شنه مسلحون أمس على نقطة تفتيش جنوب العريش بعدما "اقتحموا خيمة كان الجنود بداخلها واطلقوا عليهم الرصاص". وقتل ايضا اثنان من عناصر قوات الأمن في هجومين لأنصار مرسي على مركزين أمنيين في مدينتي أسيوط والعريش، وفقا لمصادر أمنية.
واقتحم عدد من عناصر جماعة الاخوان المسلمين مبنى محافظة الجيزة، واشعلوا النيران فيها، حسب ما افادت قناة "سي بي سي" التلفزيونية الخاصة. كما تعرضت اربع كنائس على الأقل في مناطق مختلفة الى هجمات، في وقت اتهم ناشطون مسيحيون أنصار الرئيس المعزول بشن "حرب انتقامية ضد الأقباط".
وفي ظل تواصل اعمال العنف، وجهت وزارة الداخلية قواتها باستخدام الذخيرة الحية "في مواجهة أية اعتداءات على المنشآت الحكومية والشرطية".
وقال جهاد الحداد المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين في مصر أمس إن الجماعة وحلفاءها تلقوا ضربة قوية من حملة أجهزة الأمن ضدهم وإنهم فقدوا قدرتهم على التنسيق المركزي وإن العنف معناه أن الغضب "خرج عن نطاق السيطرة" الآن.
وأضاف الحداد أن اثنين من قيادات الجماعة أصيبا بالرصاص حين اقتحمت الشرطة اعتصامين في ميداني النهضة ورابعة العدوية.
وقال إن إراقة الدماء زادت صعوبة الأمر على جماعة الإخوان في إقناع أعضائها بالالتزام بالمقاومة السلمية للحكومة. وتابع "بعد ما نتعرض له من ضربات واعتقالات وقتل صارت الانفعالات أقوى من أن يوجهها أحد".
وقال الحداد الذي تحدث إلى رويترز عبر سكايب إن تحركاته محدودة بسبب نقاط التفتيش الأمنية. ولم يستطع تحديد أماكن قيادات الجماعة. وأضاف "لا يمكننا حتى الآن تأكيد أماكنهم جميعا. أصيب اثنان من كبار القادة بالرصاص لكنهما على حد علمي ما زالا على قيد الحياة. فقد نحو ستة منهم أبناءهم وبناتهم ... إنها ضربة مؤذية .. ضربة قوية جدا". وتابع "لم يعد الأمر يتعلق بمرسي. هل سنقبل بطاغية عسكري جديد في مصر؟" حسب قوله. وقال الحداد إن عدد القتلى يصل إلى ثمانية أو تسعة أمثال العدد الرسمي.
وأثارت عملية فض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية التي اطلقت موجة مواجهات تسببت بمقتل 578 شخصا حسب حصيلة رسمية، ردود فعل دولية منددة، حيث استدعت وزارات خارجية بريطانيا وفرنسا والمانيا سفراء مصر لديها، بينما اعلنت الدنمارك تعليق مساعداتها لمصر.
وفي واشنطن، الغى الرئيس الأميركي باراك اوباما المناورات العسكرية التي كان من المقرر ان تجريها الولايات المتحدة قريبا مع مصر احتجاجا على مقتل مئات المتظاهرين، الا انه لم يوقف المساعدات العسكرية السنوية البالغة 1,3 مليار دولار. ودعا اوباما السلطات المصرية الى رفع حالة الطوارئ والسماح بالتظاهر السلمي، منددا "بقوة" بقمع المتظاهرين.
من جهته قال وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل انه ابلغ رئيس اركان الجيش المصري وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي ان واشنطن ستبقي علاقاتها العسكرية مع مصر، الا ان ارتكاب الجيش لمزيد من أعمال العنف يمكن ان يهدد هذه العلاقات.
في هذا الوقت، عمدت السلطات في ميدان رابعة العدوية، ومنذ ساعات الصباح الاولى، على ازالة آثار المواجهات الدامية، بينما كان مئات المتظاهرين يتجمعون في مسجد قريب انتشرت فيه عشرات الجثث.
وقال عمر حمدي (23 عاما) لوكالة فرانس برس وهو يمشي مع ثلاثة من اصدقائه بين السيارات المتفحمة وعربات الشرطة والجيش "كان لا بد مما حصل، لم تكن هناك طريقة اخرى". واضاف "الناس هنا لم تكن قادرة على العيش، وما حصل كان لا بد منه".
غير ان علي عبد الحق (57 سنة) قال وهو يسير مع زوجته بين سيارات مقلوبة على جانبها "ما حدث حرام، كان يجب تحكيم المنطق". وتابع "الناس اختارت رئيسها واعطت أصواتها له، فهل نرمي الأصوات بهذه البساطة؟"، في اشارة الى مرسي.
وطالبت حركة "تمرد" بتشكيل لجان شعبية الجمعة "في كل حي" حماية من "الارهاب".
ورغم العدد الكبير لضحايا فض الاعتصامين، اشادت غالبية الصحف المصرية أمس بالعملية. غير ان الصحافة الاوروبية والأميركية استنكرت الأحداث الدامية التي رافقت فض الاعتصامين، وطالبت واشنطن بممارسة ضغوط لوقف اعمال العنف.
وفي اطار ردود الفعل، اكدت باريس رغبتها في تفادي "حرب اهلية" في مصر في حين طالبت تركيا بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لبحث الوضع.
وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون طالبت برفع حالة الطوارئ "في اقرب وقت ممكن".