تحت رعاية فصائل المقاومة واللجان الشعبية الفلسطينية أُقيمَ عصر اليوم الجمعة 14\10\2016 في مخيّم نهر البارد لقاءُ مصالحةٍ بين آل اسماعيل ومرشود من جهة وآل البستاني من بلدة ببنين من جهة أخرى على خلفية استشهاد الطفلة إسراء اسماعيل والحاجة وداد مرشود في حادث سير مؤسف مع أحد أبناء عائلة البستاني.

وقد تقدَّم الحضور أمين سرّ فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" في الشمال أبو جهاد فيّاض، ومسؤول فرع مخابرات الجيش اللبناني في مخيّم نهر البارد المقدَّم هيثم سلمان ممثِّلاً مسؤول فرع المخابرات في الشمال العميد كرم مراد، ورئيس بلدية ببنين الدكتور كفاح كسّار ومخاتير البلدة، ورئيس بلدية المحمرة السيد عبدالمنعم عثمان، وممثلو فصائل المقاومة الفلسطينية، وكوكبة من الشيوخ والإعلاميين والفعاليات والوجهاء، ومثلو لجنة إسراء ورابطة آل عمقا، إضافةً إلى حشد كبير من مختلف قرى ومخيّمات الشمال .

وقد افتُتح اللقاء بكلمات ترحيبيّة ألقاها فضيلة الشيخ محمد الحاج شاكرًا كل الجهود والمساعي التي بذلها كلٌّ من الإخوة في حركة "فتح" وكافة الفصائل الفلسطينية ولجنة الإصلاح ولجنة إسراء ورابطة آل عمقا من أجل المصالحة وهذا اللقاء الأخوي.

وبعد الاستماع إلى التلاوة العطرة من الذِّكْر الحكيم التي قدَّمها فضيلة الشيخ أبو عثمان ألقى فضيلة الشيخ مروان الخطيب ممثِّلاً رابطة آل عمقا كلمةً شكر فيها جميع الساعين في الصلح والقائمين عليه.

ثم أطلقَ العنان لكلماته الطّيّبة التي لامست عقول وقلوب جميع الحاضرين، والّتي إن دلَّت على شيء فإنّما تدل على سمو العلاقة الأخوية التي تجمع بين أبناء مخيَّم نهر البارد والجوار اللبناني، مؤكّداً أنَّ نهر البارد والجوار إخوة بلا انتهاء ولا تستفزّهم العثرات ولن يسمحوا للفتنة بأن تسير في دروبهم.

وبِاسمه وبِاسم رابطة آل عمقا أضاف الخطيب: "لا نريد منكم جزاء ولا شكورا، فنحن مسامحون ومصافحون من أجل أن نكون مستسلمين لقضاء الله".

ومن جهته تحدَّث الشيخ هيثم السعيد بِاسم لجنة الإسراء قائلاً: "نقف في هذا الشهر المبارك لنسطر أروع الصفحات لنوثّق فيها ارتباطنا بأهلنا وجوارنا.. فما بيننا قد جُبِل من تربة واحدة.. ولقد شربنا ماء واحدة وآلاماً وأحزاناً واحدة .. فلن تهزّنا عواصف عابرة".

ثم وجَّه نداء إسراء إلى منظمة التحرير الفلسطينية وسفارة دولة فلسطين في لبنان ووزير الصّحة اللبناني وإدارة الأونروا لبناء مستشفى في نهر البارد، مؤكِّداً أنَّ دماء إسراء وجَدَّتها ستكون فداء وحامية لمن بعدها ومنارة لرفع الصوت عن كل مريض وعاجز وطفل وامرأة.

وأضاف: "إنَّ آل اسماعيل أمام هذا الجمع المبارك جاؤوا ليقدِّموا تلك الروح البريئة هدية وعطية لوجه الله، وهم لا يريدون جزاء ولا شكورا".

ثم كانت كلمة الدكتور كفاح الكسّار إذ أكّد فيها أنَّ قضية إسراء هي قضيّة كل فلسطيني ولبناني معرباً بِاسمه وبِاسم عموم آل البستاني عن افتقارهم لكلمات يعبّرون فيها عن معاني العزاء والاخوة والعلاقة التي تجمع بينهم وبين فلسطين ومخيم نهر البارد، فقال: "لقد أكرمتمونا إكراماً".

وأشار إلى أن دماء إسراء والحاجة وداد ستبقى أمانةً في عنقه وعنوانًا في كتابه وقلبه ووجدانه، متقدِّماً من آل اسماعيل ومرشود بطلب الإنتماء إليهم متمنّياً القبول به، ثم جدَّد تأكيده للعهد الذي قطعه ببناء مستشفى إسراء ليكون المستشفى الأول من نوعه في لبنان حيث سيعالَج فيه الفلسطيني كما اللبناني.

وأضاف: "أعتبر نفسي فلسطيني الهوى والهوية، وليعرف الجميع أنَّ أول رئيس بلدية فلسطيني في لبنان هو كفاح كسّار".

ثم أكَّد أنَّه "لا عودة لكرامة الأُمَّة ما لم تعد البوصلة نحو بيت المقدس، ولا قضية عندنا تعادل القضية الفلسطينية، فهي الأم والبوصلة وهي مصنع الرجولة".

 بعدها تقدَّم السيد فواز رفاعي بِاسم عائلة البستاني بخالص العزاء والشكر والتقدير من أهالي نهر البارد عموماً ومن آل مرشود وإسماعيل خصوصاً قائلاً: "أكرمتمونا وأفضتم وهذا دَين علينا، ودَين الرجال لا يموت... لكم بيوت في قلب ببنين ونكبر بكم.. ومن الآن نعتبر أنفسنا من ببنين البارد".

وفي ختام اللقاء كانت الكلمة لفصائل المقاومة الفلسطينية واللجان الشعبية ألقاها أمين سرّ فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" في الشمال أبو جهاد فيّاض إذ أشار فيها إلى طيب العلاقات التي تجمع بين أهالي مخيّم نهر البارد والجوار اللبناني والتي تفرضها الاخوة في الدين وحقوق الجيرة والمصاهرة وشراكة الدم في مواجهة العدو الصهيوني، مؤكّداً استمرار هذه العلاقة الطيّبة.

ثم توجّه بالتحية إلى روح الطّفلة إسراء وجّدَّتِها وبالشكر إلى عائلتَي اسماعيل ومرشود لتحلّيهم بالأخلاق الكريمة من العفو والتسامح،كما أعربَ عن شكره للاخوة في لجنة إسراء ورابطة آل عمقا ولأصحاب المروءة من ببنين وفي مقدَّمهم الدكتور كفاح كسّار ولأهل النخوة في نهر البارد ولكل مَن ساهم في لم الشمل ونبذ الفتنة ولو بكلمة طيّبة.

وأضاف: "إن دِيننا الحنيف يأمرنا بالقيَم العظيمة ومنها إصلاح ذات البين والعفو والتسامح"، وتابع: "نحن لسنا فئتَين بل فئة واحدة، أهل واخوة وجيران، ابتلانا الله تعالى بهذا المصاب الجلل.. فعلينا جميعاً أن نحمد الله ونؤمن بقضائه ونسير على خطى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم".

ثُمَّ أعرب فيّاض عن استنكاره للإهمال والتقصير الاستشفائي الذي يقع على أبناء شعبنا الفلسطيني مؤكّداً مواصلة العمل الدؤوب لرفع هذا الغبن والظلم. وأشار إلى وحدة الهدف والرؤية في السِّلم الأهلي والأمن في لبنان وفي عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرض الوطن، مؤكِّدًا حاجة الفلسطيني لحقوقه المدنية والإنسانية للعيش بكرامة تحت سقف القانون اللبناني.

ونوّه فياض إلى لقائه المرتقَب بسعادة سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور من أجل العمل على تسريع الخطوات في إنجاز ما وعد به سيادة الرئيس أبو مازن من تطوير لمستوصف الهلال في البارد ليُلبي تطلُّعات واحتياجات شعبنا الاستشفائية، كما أشار إلى متابعته لما وعد به الدكتور كسّار ببناء مستشفى إسراء بين مخيّم البارد وببنين، ووعدَ بترتيب لقاء مع معالي وزير الصحة وائل أبو فاعور من أجل تأمين أجهزة تنفُّس اصطناعية للأطفال في مستشفيات منطقة الشمال حتى لا تتكرَّر مأساة إسراء مع طفل فلسطيني أو لبناني آخر.