إنَّ الوضع الاقتصادي المتردي، وإرتفاع نسبة البطالة بين أبناء المخيمات الفلسطينية التي تجاوزت ال 66%، نتيجة حرمان الفلسطيني من حقوقه المدنية وفي مقدمها حق العمل وحق التملك، والحروب المتتالية على أرض  لبنان، وتدمير العديد من المخيمات ولجوء الجنسيات المختلفة والإكتظاظ السكاني كلها أسباب جعلت المخيمات أرضاً خصبة لتجار ومروجي المخدرات على كافة أنواعها. أضف إلى ذلك تعدد المرجعيات السياسية داخل المخيم الواحد مما جعل إنتشار تجارة السموم ضعيفة.

هذه الآفة الإجتماعية المدمرة للإنسان ليست من نسيج المجتمع الفلسطيني، حيث أنه لا يوجد في المخيمات أراضٍ لزراعة الحشيشة وحشيشة الكيف، وليست في المخيمات مصانع لتصنيع الحبوب المخدرة والهلوسة. فهي ليست فقد آفة محلية منتشرة على الأراضي اللبنانية، بل انتشارها عالمي وفي الدول النامية والمتحضرة والدول الكبرى.  والمخيمات هي ضحية هذه الآفة، وهي الأكثر تضرراً. وداخل المخيمات ليس هناك تجاراً بالمعنى الحقيقي، التجار هم خارج وفي محيط المخيمات، وهم من يوردون هذه المواد السامة، والمروجون يقومون بترويجها.

ولدى المروجون طريقة ممنهجة بترويج سمومهم، فقد بدأوا مع فئة الشباب، ثم امتدت لكافة الشرائح الفلسطينية حتى طالت الاولاد والأطفال من سن العاشرة والثانية عشرة وكان التركيز على طلاب المدارس حتى صارت توزع عليهم بالمجان مما يدل على أن الإنسان الفلسطيني هو المستهدف وهذا المشروع إنما يخدم مصالح العدو الإسرائيلي الذي يريد تدمير الشعب الفلسطيني بكافة الأساليب. ففي فلسطين يستهدف الأطفال عن طريق قتلهم وزجهم بالسجون وفي لبنان يقوم بقتلهم بالمخدرات.

نتيجة لهذا الواقع المتردي، ولأن المعاناة إستمرت سنين، فكبرت، واستفحلت، ولأن السيل بلغ الزبى، ولأن لا صوت يعلو فوق صوت الشعب، إنتفض أهالي مخيم شاتيلا على هذا الواقع المتردي فظهر رجال عاهدوا الله وشعبهم واخذوا على عاتقهم تطهير المخيم من الفساد المستشري وملاحقة وطرد الفاسدين من المخيم، فتشكل حراكاً شعبياً تجلى بأبهى صور التلاحم مع فصائله المسلحة ومؤسساته وجمعياته وكافة شرائحه الوطنية والإسلامية ورجال الدين ونشطاء أجانب. ولعل المسيرتان اللاتي انطلقتا صباح ومساء الخميس 13/10/2016 لهي دليل على هذا التلاحم. حيث إنطلقت صباحاً مسيرة أطفال جابت أزقة المخيم، وقدموا وروداً للفصائل والقوى الإسلامية الفلسطينية مع ورقة كتب عليها "إحمونا". ورفعوا اللافتات المنددة والشاجبة والمطلبية.

 وفي المسيرة التي إنطلقت مساءً ودعا إليها الحراك الشعبي في مخيم شاتيلا وشارك فيها إلى جانب هذه الحشود كافة المخيمات، ومؤسسات وجمعيات لبنانية لمكافحة المخدرات كانت ملفتة للنظر من حيث الحشود والإجماع لمكافحة هذه الظاهرة واجتثاثها من الجذور. كما وردت العديد من برقيات التأييد والمباركة لهذا الحراك.

وألقي في المسيرة كلمات لمسؤول الحراك الشعبي حسن عثمان، ومسؤولة جمعية الشباب اللبناني للتنمية الدكتورة مريم الترك والشيخ سامر عنبر. أكدت الكلمات على: خطر المخدرات على المخيم وأبنائه وتوجيه الشكرإلى قادة الفصائل والقوة الأمنية المشتركة الذين اعتقلوا بعض المروجبن وصادروا كميات من المواد المخدرة، ضرورة تفعيل القوة الأمنية المشتركة بالعديد والعتاد ووضع نقاط ثابتة على مداخل المخيم من القوة الأمنية المشتركة. وكان هناك تعهداً من قادة الفصائل والقوى الأمنية الاستمرار بمكافحة هذه الظاهرة مهما بلقت التضحيات.

واعتبر حسن عثمان مسؤول الحراك الشعبي في مخيم شاتيلا أن "يوم 13 تشرين الثاني" هو يوم إنتفاضة مخيم شاتيلا ضد المخدرات وإعلانه مخيماً خالٍ من السموم.