فازت الفنانة رائدة سعادة من ام الفحم بالمركز الثالث والميدالية البرونزية من بين 40 فنانة عالمية من جميع ارجاء العالم في مسابقة "بينالي اريتسو" الايطالية .أما الجائزة الأولى حصلت عليها الفنانة الفلندية كارينا كايكونين من مواليد 1952 .والجائزة الثانية للفنانة الهندية مونالي ميهر، من مواليد 1952 كذلك. سعادة المولودة عام 1977 هي الأصغر من بين الفنانات الفائزات.
الفنانة سعادة عرضت في المهرجان عملها الابداعي "فراغ " من سنة 2007 . وتعرّف الفنانة "فراغ" بأنه عنوان عبثي لعمل فيديو, إذ لا يوجد فراغ مطلق. وعندما ننظر إلى الفراغ نرى وجودا واقعيًا. لكن العنوان مستمد من مرجعية سياسية "فالأرض الفارغة من سكانها هي أرض بور، وفراغ حضاري" في هذا الفراغ تضع الفنانة آلَتَيْ تصويرٍ من بعدين مختلفين.
الكاميرا الأولى تأخذ الفنانة من بعيد بحيث تبدو كنقطة سوداء في المساحات الجبلية الشاسعة لأريحا. أما الكاميرا الثانية فتأخذ الفنانة عن قرب فتظهر وهي تقوم بتنظيف الجبل الفارغ بآلة تنظيف كهربائي, اذ احتاجت الفنانة خيطا كهربائيا بطول ثلاثة مئة متر لكي توصل المنظف الكهربائي، بحيث لا يتمكن المشاهد رؤية مصدر الكهرباء المزود للآلة، مما يعمق سريالية المشهد أثناء تشغيل المنظف. عدا عن ذلك؛ فإن هذا العمل يثير أسئلة عديدة: ترى ما الذي تنظفه الفنانة؟ هل هي الحجارة، وهل حجارة الجبل بإمكانها أن تختفي؟ وما ذلك التناقض بين الطبيعة الراسخة وآلة التنظيف الكهربائية العصرية؟ هذا الحوار ما بين آلة صغيرة كهربائية وذلك الجبل القوي يجعل الإنسان مهما قوي يضعف أمام الطبيعة، وخاصة أمام الجبال بمرجعيتها الدينية والميتافيزيقية كأمكنة راسخة، وكأمكنة توحي بالغموض. الفنانة لم تختر الجبال اختيارا عشوائيا وإنما متعمدا، إذ أن أريحا هي المدينة الأقدم في العالم، فالكنعانيون منحوها الاسم والذي يعني القمر. كما أن للجبال مرجعيات ودينية مثلما يظهر في الديان السماوية كجبل الزيتون (الطور) كما أن الجبال لها مرجعيات اسطورية عند الشعوب كونها أماكن للآلهة، فاللاولمبوس مثلا سكنه آلهة الإغريق.
فراغ " ردا على النظرية الصهيونية " تنظيف البلاد" يعتبر عمل فراغ ردا على النظرية الصهيونية التي نادت "بتنظيف البلاد" . فبن غوريون في يومياته 5 حزيران 1948 يقول "نحن بدأنا عملية تنظيف الخرابات، وتحضير القرى لتطويرها ولبناء المستوطنات وبعض تلك الأراضي ستتحول لمنتزهات".لكن هذا الفراغ لم يعد فراغا إذ احتلت الفنانة بجسدها المكان وبآلة تنظيف كهربائية، مما يجعل الجبل اشبه ببيت لها. انه عمل يجمع بين تناقض الطبيعة وقوتها وبين الآلة التكنولوجية التي تمثل القوة والجبروت. كلا القوتين: الطبيعة والآلة يتم تطويعهما على يد امرأة فلسطينية لتدحض تلك المقولة الصهيونية القديمة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" وتصبح هذه الأرض الفارغة مؤثثة من جديد بالجسد الفلسطيني لئلا تنتزع ذات يوم. هذا الفيديو شهادة تاريخية مستقبلية لوجود فلسطيني وهو محاولة جريئة لتوثيق ما قد يحصل مستقبلا في ظل سياسة قد تحول هذه الأرض لمستعمرة .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها