قال المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، مخاطبا مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، إن كل يوم يمر يفشل فيه المجلس في القيام بواجباته وفقاً للميثاق، تزهق أرواح المزيد من المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، وتدمر ممتلكاتهم وتقوض آفاق السلام ويزداد اليأس، وهو ما يمثل تهديدا مستمرا ومتزايدا للسلم والأمن الدوليين.

جاء ذلك في كلمة أدلى بها منصور، نيابة عن وزير خارجية دولة فلسطين، رياض المالكي، أمام مجلس الأمن في جلسة مناقشة مفتوحة بشأن الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين، والتي ترأسها وزير خارجية أوروغواي، رئيس المجلس لهذا الشهر.

وأضاف منصور مخاطبا المجلس، بينما تحتل قضية فلسطين مكانا بارزا في جدول أعمال الأمم المتحدة منذ إنشائها فإن محنة الشعب الفلسطيني مستمرة وبشكل مأساوي وتتبدد فرص تحقيق السلام. وإن الدعم والتضامن مع فلسطين موجود ولكن ما ينقصنا هو الشجاعة والإرادة السياسية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، التي لا تعد ولا تحصى، لمواجهة تعنت إسرائيل وعدم امتثالها لإلتزاماتها، بما في ذلك وفقاً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وذكر الوزير المالكي أنه منذ اعتماد مجلس الأمن للقرار 1860 في أعقاب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في شهري ديسمبر 2008 ويناير 2009، فإن المجلس فشل في اتخاذ أي إجراء لمعالجة الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني ووضع حد لمعاناته.

وتابع: منذ ذلك التاريخ استشهد وأصيب واعتقل الآلاف من الفلسطينيين واستمرت إسرائيل في فرض حصارها اللاإنساني والخانق على قطاع غزة وعرقلة إعادة الإعمار، وواصلت بلا هوادة حملتها الاستيطانية غير القانونية في دولة فلسطين المحتلة، وخاصة في القدس الشرقية ووادي الأردن، على حساب السلام وسلامة وتواصل دولتنا، ووصل الإرهاب من قبل المستوطنين الإسرائيليين ضد المدنيين الفلسطينيين إلى مستويات غير مسبوقة، وتأججت الحساسيات الدينية، ولا سيما فيما يتعلق بالحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك.

واستطرد منصور، أن العالم شهد عبر القنوات التلفزيونية جرائم الحرب الإسرائيلية التي ترتكب ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وأغلبهم من الشباب، وهم يقتلون يوميا في الشوارع، في إعدامات خارج نطاق القانون، من قبل قوات الإحتلال والمستوطنين. كما تواصل إسرائيل سياسة العقاب الجماعي، بما في ذلك هدم المنازل، واحتجاز جثث الشهداء، والاعتقال والممداهمات الواسعة النطاق، وحرمان أبناء شعبنا من جميع أساسيات الحياة الكريمة وتعميق اليأس لديهم. إن الإدعاء بأن هذا العنف وتلك الجرائم هي ضرورية لضمان أمن إسرائيل أمر يجب رفضه رفضا باتا. إن الأمن حق لجميع الشعوب وهو ليس حكراً على إسرائيل، ولا يمكن أن يتحقق عن طريق الإجراءات غير القانونية والعدوانية التي تؤجج نيران العنف وتصعد التوتر والغضب. هذه الإجراءات غير القانونية يجب أن تتوقف، لا يمكن أن يسمح للمجتمع الدولي أن يغض الطرف عن الفظائع التي ترتكب بحق شعبنا، وأن يستمر في رفضه لوضع حد للإفلات من العقاب والحصانة التي منحت للمسؤولين الإسرائيليين وقوات الاحتلال والمستوطنين الإرهابيين، ولا يمكننا أن نقبل مبررات أولئك الذين يطالبون بالأمن للسلطة القائمة بالاحتلال، بينما يفشلون في توفير الأمن للشعب المحتل والذي يحق له بموجب القانون الدولي.

وقال: يجب على الأمم المتحدة أن تعمل لتوفير الحماية وفقا للقانون الدولي وبموجب قراراتها، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن والتي تدعو بصفة خاصة إلى توفير الحماية للشعب الفلسطيني، وهناك سوابق ودراسات ذات صلة يجب على المجلس أن ينظر فيها.

وأضاف منصور في كلمته نيابة عن وزير الخارجية، أنه يتعين على إسرائيل أن تختار بين الاحتلال والسلام، وأن وما يتضح من سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أن جدول أعمالها الاستعماري الاستيطاني يفوق جدول أعمال السلام في إسرائيل، ومن الواضح أيضا أنه من دون تدخل دولي، لا يمكن عكس هذا الوضع.

وتطرق منصور إلى الخطط التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية مؤخراً لمصادرة أراضي فلسطينية لبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية، مشيراً إلى الوثيقة التي صدرت عن وزارة الخارجية الإسرائيلية التي تزعم فيها أن المستوطنات "قانونية" بموجب القانون الدولي.

وذكر أن مجلس الأمن أكد عدم شرعية الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في عدة قرارات إتخذها، وهو ما أكدته أيضا  الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف ومحكمة العدل الدولية ومجلس حقوق الإنسان والمقررين الخاصين وبعثات تقصي الحقائق، وكل دول العالم، بإستثناء إسرائيل، قائلا: إن الحجج التي تتذرع بها إسرائيل تعتمد على تفسيرات سخيفة للنصوص القانونية وتشويه تاريخي وذرائع فارغة استخدمت لعقود لتبرير الإستعمار الإستيطاني والفصل العنصري، وهما من بين أكثر الظواهر المدانة في التاريخ، ومع ذلك تستمر إسرائيل في ممارستهما قولا وفعلا.

وأكد السفير منصور أن الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير والحرية، غير قابلة للتفاوض ولا يمكن أن تخضع لإرادة السلطة القائمة بالاحتلال، ولا يمكن لأي دولة، بحجة دعم الحوار بين الطرفين، أن تتهرب من مسؤوليتها في الدفاع عن القانون الدولي، مضيفا: أولئك الذين يعتقدون أن الاحتلال مستدام وان الشعب الفلسطيني سوف يستسلم مخطئون؛ شعبنا مصمم في سعيه من أجل تحقيق الحرية والاستقلال وإعمال حقوقه.

وطالب السفير، مجلس الأمن أن يقوم بدروه ويتحمل مسؤولياته لإنهاء الاحتلال والإسهام في جعل السلام والعدالة حقيقة واقعة لجميع شعوب المنطقة، وشدد على ضرورة إتخاذ إجراءات دولية حاسمة لدعم حل الدولتين على حدود ماقبل عام 1967 ومحاسبة من يحاولون تدمير هذا الحل.

وأضاف، إنه في حين نقدر المواقف القوية التي عبر عنها جميع أعضاء مجلس الأمن والمجتمع الدولي بأسره ضد الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، يجب أن تترجم هذه المواقف إلى أفعال. هذا العمل يجب أن يبدأ  في مجلس الأمن ويجب أن يشمل تدابير تتخذها جميع الدول لمساءلة إسرائيل على أفعالها، وهناك آليات ضرورية لتحقيق ذلك، بما فيها عقد مؤتمر دولي يكون هدفه الرئيسي إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام.

واختتم السفير منصور كلمة وزير الخارجية بالقول، إننا جئنا اليوم إلى مجلس الأمن مرة أخرى نيابة عن الشعب الفلسطيني، لنطالبه بالعمل من أجل تحقيق حريته واستقلاله، لقد حان الوقت لعمل جماعي لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إن الأعذار والمواقف المعتدلة وأنصاف الحلول لا تكفي، والإرادة الدولية تحت الاختبار وفشلها ليس خيارا.