دأب الدكتور محمود الزهار القيادي في حماس على رش ماء النار على الوجوه المتفائلة بإمكانية انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية ، كدأب أصحاب المنافع والمكاسب والمصالح الشخصية والفئوية في حماس الذين قدموا لإسرائيل ( عبر عمليات تفجير مرتبة سلفا ) ما تحتاجه من ارهاصات ومبررات لتدمير عملية السلام ، وشرعنة تحللها من الاتفاقات واستحقاقاتها ، فالرجل مازال يتزعم التيار الأشد تأثيرا على قرار حماس السياسي والعسكري ، وتحديدا في ادامة الانقسام ، ورفض مبادرات حركة فتح والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير ، فهو يعتبر عمليا قائد وموجه انقلاب حماس عام 2007 ، ويكشف بين الحين والآخر عن مخزون الكراهية والأحقاد الشخصية ، والمفاهيم المعادية لكل ما هو وطني ، ولحركة التحرر الوطنية الفلسطينية .

يتحدث الزهار لصحيفة اليوم السابع اثر نتائج اللقاء الايجابي بين وفدي فتح وحماس بالقاهرة ، فيطلق سهام ( غدر وغل ) مسمومة على رمزين من رموز حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ، الرئيس القائد العام الشهيد ياسر عرفات ابو عمار، والرئيس القائد العام محمود عباس ابو مازن ، وهو يعلم علم اليقين انه الباطل بعينه ، وما ينطق إلا زورا وبهتانا ، فهو قد ادعى في مقارنة شيطانية أن الرئيسين القائدين " اعتقلا أفراد المقاومة " وهو يعلم أن الرئيسين القائدين لم يأمرا باعتقال مقاوم حقيقي واحد ، لأنه يعود فيقول في نص المقابلة ذاتها :" ان الرئيس الفائد الشهيد ياسر عرفات " دعم المقاومة ثم دفع حياته ثمناً لهذا التدعيم "

أما بالنسبة لاتهامه الرئيس ابو مازن باعتقال افراد المقاومة فقد كان حريا به أن يعترف للصحيفة أنه نعت مطلقي الصواريخ من قطاع غزة بالخائنين وعملاء اسرائيل ، وان في ذمته ورقبة مسلحي حماس ارواح ودماء مقاومين ، قتلوهم في ايام الانقلاب الأسود ،، وليته اعترف بوقاحة كعادته بحوادث اطلاق النار من مسلحي ( كتائبه ) على مقاومين من سرايا القدس ، وكتائب ابو علي مصطفى ، وكتائب الأقصى ، وكتائب المقاومة الوطنية ، وغيرهم كثير .. فهو يعلم أن الرئيس ابو مازن يعي جيدا المصالح العليا للشعب الفلسطيني ، وكان يطالب بايقاف اطلاق صواريخ سماها عبثية لأن هدفها تبرير عدوان اسرائيل ، وإعطاء الذرائع لجيش دولة الاحتلال لتدمير مقدرات السلطة وأجهزتها ومؤسساتها ، ليسهل على حماس الانقلاب والسيطرة على قطاع غزة بالقوة ، وتثبيت حكمها حتى ولو كان على حساب وصف المقاومة بالأعمال العدائية كما جاء في نص الاتفاق المكتوب الأخير بين حماس وإسرائيل ، ووصف مطلقي الصواريخ من غزة (غير الحمساويين بالمتعاونين مع اسرائيل ) !. فعن أي اعتقال يتحدث المخرف بالباطل ، ونابش بذور الفتنة ؟!

يبرىء الزهار بحديثه لليوم السابع اسرائيل من مسؤوليتها القانونية والأدبية كدولة احتلال امام المجتمع الدولي عن احتلالها وحصارها لقطاع غزة ، ويعفيها من المساءلة عما مآسي الملايين من شعبنا في قطاع غزة نتيجة الحصار المفروض على القطاع منذ اعادة انتشارها في أراض القطاع .. فالزهار يصادق بجهل مطبق او عن قصد وترصد على اقوال الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز بقوله:" ان غزة محررة" كما يدعي الرئيس الاسرائيلي عندما يقول : " لقد انسحبنا من غزة تماما " لكن الزهار يعلم ان ما حدث بغزة هو اعادة انتشار ، وان القطاع مازال محاصرا برا وبحرا وجوا ، وان قوات الاحتلال مازالت تحتل اجزاء من قطاع غزة حسب الحدود المرسومة على الخرائط ايام الانتداب المصري .

نتمنى ان يكون قطاع غزة محررا بحق ، وليس في اطار الخداع ورواية سياسية تستغفل وعي المواطن الفلسطيني ، فالملايين من الشعب الفلسطيني في هذا الجزء من الوطن دفعوا ومازالوا يدفعون الثمن ، من أبنائهم وأملاكهم وأرزاقهم ومقدراتهم كضحايا ابرياء لسياسة قيادات حماس العقيمة ، فرؤى الزهار وجماعته وأهدافهم ، وطمعهم بإنشاء كيان وشكل حكم دفعهم لتدمير بيوت العبادة ( المساجد) على رؤوس المحتمين فيها ، وهذا ما لم يفعله إلا جيش الاحتلال في حروبه المتكررة على غزة . فان كان نسي تدمير مسجد اين تيمية ومساكن المواطنين في احياء عديدة من غزة في الشجاعية مثلا فانا نذكره لعله يتحدث للصحيفة بلا رجفة او خوف عن جريمته بحق المقاومين والمواطنين ورجال الصحافة ومؤسساتها .

لاينسى الزهار ..لكنه يحرّف ويزور ما يعرف ، وان لم يفعل هذا فانه لن يكون في موقعه القيادي في" الجماعة وحماس " .. لكن ان يستغفل ويستهتر بذاكرة الفلسطينيين والعرب فهذا هو الظلم بعينه !.فالزهار قال للصحيفة :عندما لجأنا للسلام عام 1993 ولم يأت بنتيجة اتبعنا شكلا من أشكال المقاومة وحررنا قطاع غزة" !!! . فهل ظن أن كل الفلسطينيين الذين عاشوا قبل عشرين سنة قد ماتوا ،حتى يخرج بهذه الفرية على الناس ليقول لقد لجأنا للسلام عام 1993 ؟! ألا يعلم الزهار أن صدى تفجيرات جماعته ، وأعمال المقاومة التي ادعاها ما كانت إلا لعرقلة اتمام خطوات المشروع الوطني ، وتقديم المبررات لإسرائيل على طبق من ذهب لاغتيال عملية السلام والتنصل من الاتفاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية ، فهل قصد اعمال المقاومة المبرمجة لتنفجر مع كل تحول نوعي في عملية السلام ، وتلك التي اخرجت اسرائيل من مآزقها امام المجتمع الدولي والقوى الكبرى ؟! أم يتحدث عن عمليات استغلتها آلة اسرائيل الاعلامية لوصم مقاومة الشعب الفلسطيني بالإرهاب ، فنجحت حتى عادت حماس وراجعت نفسها ومنعت هذه الأعمال!! بعد ان طالت قيادات الصف الأول من حماس لتخلو له الساحة ولمثله من المعادين للوطنية الفلسطينية .

لانتوقعمن الزهار ولا من قيادات حماس قول الحقيقة .. لكن كل ما نطلبه منهم ان يتوقفوا عن رجم وعي شعبنا وذاكرته بباطلهم .. فمعركتنا مع الاحتلال الاستيطاني تستوجب منا التفرغ للانتصار على نكبتنا .. وألا يفجعنا قادة حماس بنكبة اشد واقسى ، فمآسي ودمار انقلاب حماس على المشروع الوطني ، والانقسام بالنظام الفلسطيني ، وتعميق جراح الوحدة الوطنية واستمرار نزيفها يكاد يطغى على نكبتنا الكبرى الأولى .