هاتف الرئيس محمود عباس، مساء امس، إسماعيل خليل القواسمي، والد الأطفال الثلاثة الذين توفوا في حريق نشب بمنزلهم في إحدى العمارات السكنية بحي واد هريا بمدينة الخليل، معزيا بوفاتهم. وأعرب الرئيس خلال الاتصال عن تعازيه الحارة ومواساته لعائلة القواسمي، وذوي الأطفال الثلاثة مجد ومحمد وخالد (3 و4 و15 عاما).
من جانبه، اصدر رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله قرارا بتشكيل لجنة خاصة للتحقق من ملابسات الحادثة، برئاسة وزير الصحة د. جواد عواد، وعضوية كل من وزير الحكم المحلي نايف ابو خلف ومحافظ محافظة الخليل كامل حميد.
واعرب رئيس الوزراء عن تعازيه ومواساته للمواطن اسماعيل القواسمي لفقدانه ثلاثة من ابنائه، راجيا الله العلي القدير ان يتغمدهم بواسع رحمته، ويلهم اهلهم وذويهم الصبر والسلوان، وتمنى الشفاء العاجل للقواسمي وزوجته وابنائه المصابين على اثر الحادثة. وأكد الحمد الله ان الحكومة ستقوم من خلال اللجنة بالتحقق من ملابسات الحادثة، والإجراءات التي اتخذت من قبل الجهات المعنية اثناء عملية الإنقاذ. وحث رئيس الوزراء المواطنين على اتخاذ سبل السلامة العامة واتباع تعليمات الدفاع المدني للوقاية من الحرائق وتجنب اسباب الاختناق، وذلك لمنع وقوع المزيد من الخسائر الأليمة، مؤكدا في هذا السياق ان هناك عددا من الاجراءات ستتخذ لضمان سرعة استجابة وفعالية الجهات المختصة في مكافحة الحرائق والوقاية من أخطارها.
وكلف محافظ محافظة الخليل كامل حميد، مدير شرطة المحافظة العقيد محمد تيم بتشكيل لجنة تحقيق وفتح تحقيق شامل حول حيثيات وتفاصيل حادث الحريق. ودعا حميد الى عدم نشر الاشاعات والأقاويل التي تهدف الى خلق الفتن، وحث الجميع على تحمل مسؤولياتهم، موضحا ان نتائج التحقيق ستسلم للمحافظة في غضون ساعات وسيتم محاسبة كل من قصر في هذا الحادث، واتخاذ الاجراءات بحق كل اصحاب البنايات المخالفة لإجراءات السلامة العامة.
وكانت مدينة الخليل استيقظت صباح امس، على فاجعة وفاة ثلاثة أشقاء حرقا من عائلة القواسمي وإصابة والديهم وخمسة من أفراد العائلة داخل شقتهم التي اندلعت فيها النيران، في منطقة وادي الهرية جنوب المدينة، في ساعة مبكرة من فجر أمس.
وتقع الشقة في الطابق الخامس من عمارة سكنية، وقد أتت النيران على مختلف حجرات الشقة وحولت أثاثها إلى كتل محترقة سوداء.
والأطفال الثلاثة المتوفون هم: مجد اسماعيل القواسمي (ثلاث سنوات) ومحمد (أربع سنوات) وخالد (14 سنة)، وأصيب الأب اسماعيل خليل القواسمي (45 عاماً) وزوجته، وأبناؤهما غسان (ست سنوات) وخليل (تسع سنوات) ورامز (10 سنوات) ورضا (13 سنة) وسهاد (17 سنة)، وجرى نقلهم الى مستشفيات المدينة ووصفت حروقهم بين المتوسطة والطفيفة.
كما أصيب خلال عمليات إغاثة العائلة المنكوبة وإخماد الحريق، الذي هرعت إلى مكانه سيارات الاسعاف والشرطة والدفاع المدني وإطفائية بلدية الخليل، ضابط إسعاف من الهلال الأحمر باختناق، نقلا إلى المستشفى الأهلي بالمدينة.
وخيم الحزن والأسى على أهالي المحافظة وعاشت في صدمة وذهول تأثراً بهذه الفاجعة التي جددت الدعوة الى ضرورة توخي الحذر داخل المنازل والمنشآت خاصة في فصل الشتاء الذي تكثر فيها وسائل التدفئة المختلفة، وتشرع الأسئلة عن مدى التزام البنايات السكنية بعوامل السلامة إلى مقابل جاهزية طواقم الدفاع المدني والإطفائيات للتعامل مع حجم الكوارث خاصة في المناطق المرتفعة.
وأفاد شهود عيان في أحاديث منفصلة لـ "الحياة الجديدة" أن النيران اندلعت في المنزل وبدأ الدخان يتصاعد من نوافذه قرابة الساعة الواحدة من فجر أمس.
ووصف ضابط الإسعاف في "الهلال الأحمر" عيد أبومنشار، الذي يتلقى العلاج في المستشفى الأهلي من اختناق وحروق أصيب بها، حادثة الحريق بأنها "مروعة"، موضحاً أن الطواقم الطبية وصلت إلى مكان الحريق وكانت النيران مشتعلة في جوانب كبيرة منه، وقامت على الفور طواقم الاطفاء والاسعاف وبمساعدة الأهالي باقتحام الشقة في محاولة لإنقاذ أفراد العائلة، إلا أن النيران أتت على أجزاء كبيرة من المنزل، وتمكنوا من انتشال جثامين الأطفال الثلاثة الذين فارق اثنان منهما الحياة جراء الاختناق على سريرهما، فيما لقي الطفل الثالث حتفه احتراقا على شرفة منزله. وروى شهود عيان لـ "الحياة الجديدة" صورة المشهد لحظة وقوع الحادث، حيث عجز البعض عن وصفه والنيران تتصاعد من نوافذ المنزل، خاصة مشهد طفل وهو يستغيث من نافذة المنزل ويطلب من الجميع مساعدته لكن أحداً لم يستطع تقديم المساعدة وإنقاذ حياته من شدة النيران التي التهمت المنزل.
من جهتها، شكلت بلدية الخليل لجنة تقصي حقائق داخلية منذ الساعة الاولى لفجر امس لاستيضاح حقيقة ما جرى وما قام به فريق الاطفاء افراد وضباط منذ لحظة وصول الاشارة، لافتةً الى ان البلدية تعتمد نظام التسجيل والمراقبة عبر نظام المعلومات الجغرافي "GPS " لتحركات سيارات الاطفاء ومكالمات الاستغاثة.
واوضحت مصادر في البلدية لـ "الحياة الجديدة" ان اطفائية البلدية المتمركزة في منطقة الفحص وصلت مكان الحادثة بعد اربع دقائق من تلقيها اشارة بنشوب الحريق.
وكشفت التحقيقات الأولية للبلدية ان الحريق شب بغرفة داخلية ومطبخ في الجهة المعاكسة لمدخل الشقة، وشرع افراد وضباط إطفاء البلدية بالبحث عن المتواجدين في الداخل حيث تم العثور على طفلين داخل الغرفة الرئيسية تحت السرير مختنقين وفارقا الحياة، فيما تم العثور على فتى متفحم في غرفة أخرى بجوار النافذة.
وتابع المصدر انه تم العثور تحت سرير في غرفة الاطفال على طفلين على قيد الحياة وتم انقاذهما ونقلهما الى سيارات الاسعاف التابعة للهلال الاحمر، كما تم انقاذ فتاة بتعاون مع احد افراد الشرطة ونقلها خارج المنزل المحترق وتسليمها لفريق الهلال الاحمر وكانت على قيد الحياة وتعاني من بعض الحروق السطحية، وبعدها مباشرة استكمل اخماد الحريق والانتهاء من المهمة ومغادرة الموقع.