دعا الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، إلى ضرورة النظر في تحديد نطاق استخدام 'الفيتو' وتوسيع عضوية مجلس الأمن بما يتفق مع تمثيل ديمغرافي عادل.

وأكد العربي، في كلمته اليوم الخميس في المعهد الدبلوماسي بمناسبة مرور 70 عاماً على ميثاق الأمم المتحدة، ضرورة العمل على توطيد التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الاقليمية، خاصة وأن معظم النزاعات أصبحت ذات طابع اقليمي، وكذلك توسيع دور وسلطات الجمعية العامة لتضطلع بمهام تمكنها من القيام بدور اكثر فاعلية في مسألة الحفاظ على السلم والأمن، مشيرا إلى أنه سبق وأن أكدت محكمة العدل الدولية في رأي استشاري صدر في الستينات أن الميثاق أضفى على مجلس الأمن 'المسؤولية الأولية'، ولكن المجلس لا يملك طبقا لأحكام الميثاق 'مسؤولية حصرية' .

واعتبر العربي أن تحديد نطاق استخدام 'الفيتو' من أهم النقاط التي يجب بحثها والنظر إليها بموضوعية وواقعية حيث أنه ليس من المتوقع أن تتنازل الدول عن حقها في 'الفيتو'، وقال 'إن تعديل الميثاق يخضع مع الأسف الشديد في نهاية المطاف لموافقة الدول الخمس دائمة العضوية التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية والتي قررت إقامة نظام دولي تتحكم في مساراته، داعيا إلى أن يتم وضع بعض الأمور التي يتفق عليها خارج إطار تطبيق الفيتو.

واقترح العربي النظر في  الاجراءات ذات الطابع الانساني مثل اصدار قرارات بوقف اطلاق النار، ومطالبة الاطراف بوقف الاعمال العدائية وتطبيق اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 في المنازعات المسلحة بالسماح بتوفير المواد الانسانية ومواد الاغاثة للمدنيين.

كما اقترح اجراءات خاصة بإمداد مجلس الأمن بالمعلومات الضرورية لقيامه بدوره، مثل ايفاد مراقبين بموافقة الدولة المضيفة لمراقبة وإصدار تقارير مستقلة وموضوعية وتقديمها إلى المجلس، والتهديد باستخدام احدى أسلحة الدمار الشامل ضد دولة، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتطلب تضافر جهود أعضاء مجلس الأمن لوقف استخدام هذه الاسلحة كما حدث مؤخرا عند استخدام السلاح الكيماوى في سوريا ضد المدنيين.

وقال العربي إنه في حالة وضع هذه المعايير لاستخدام الفيتو سنضمن وجود نظام أمن جماعي له مصداقية وسنعمل على انهاء النزاعات واعادة السلم والأمن الدوليين بفاعلية.

وأشار العربي إلى أنه رحب بشدة بالموقف غير المسبوق الذي أعلنته المملكة العربية السعودية بالاعتذار عن عضوية مجلس الأمن لأسباب تتعلق بازدواجية المعايير والفشل في حل المشاكل الجوهرية التي تتعلق بالدول العربية وعلى رأسها قضية فلسطين والمأساة السورية وعدم العمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل بالرغم من التعهدات الدولية ذات الصلة.

واعتبر العربي أن الموقف المبدئي الذي اقدمت عليه المملكة العربية السعودية بمثابة ناقوس انذار للمجتمع الدولي لإصلاح وتطوير المجلس، مشيرا إلى أنه أصدر بيانا في 19 أكتوبر 2013 رحب فيه بموقف المملكة وأكد فيه حاجة مجلس الأمن إلى 'إصلاح شامل' يتضمن تحديد نطاق استخدام أو التلويح باستخدام الفيتو، من قبل الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس.

وأشار العربي إلى أن الأمم المتحدة واجهت العديد من الانتقادات والتحديدات لأسلوب عملها وعجزها عن تحقيق الهدف الذي من أجله أسست من أجله، وأضاف:'لقد حاول البعض إدخال بعض الإصلاحات على الميثاق وإضفاء المزيد من التوازن إلى أروقته وقراراته من خلال تعديل الميثاق وتوسيع عضوية بعض أجهزته'.

وقال: إن المادة 108 من الميثاق تحدد آلية إدخال التعديلات على الميثاق، حيث تشترط أن دخول أي تعديل حيز النفاذ يتطلب تصويت ثلثي الأعضاء لصالحه وتصديقه وفقاً لأنظمتهم المختلفة بما في ذلك الدول الخمس دائمة العضوية.

وأكد العربي أن حفاظ النظام الدولي على مصداقيته يتطلب إدخال بعض الاصلاحات على ميثاق الأمم المتحدة وخاصة على الفقرات الخاصة بالعقد الاجتماعي الدولي القائم وعلى وجه الخصوص نظام الامن الجماعي.

وقال: إنه في هذا السياق يواجه المجتمع الدولي، معضلتين الأولى خاصة بتطبيق الفصل السادس والسابع  والثانية في إدخال المصالح السياسية وإليلاء الأولوية للمصالح السياسية على تطبيق القواعد والقوانين الدولية.

وأضاف: إن تطبيق القواعد القانونية الدولية يخضع لرضاء الدول وقبولها، وهذا هو الفارق بين قواعد القانون الدولي وقواعد القانون الداخلي، موضحا أن الدولة التي تخالف قاعدة قانونية دولية لا يوجد من يرغمها على الخضوع للقانون الدولي إلا بقبولها، بعكس الوضع في قواعد القانون الداخلي الذى يمتلك فيه الفرد حق التقاضي رغماً عن خصمه.

وقال العربي: إن تجارب السنوات الماضية تشير بوضوح إلى أن 'العقد الاجتماعي' الذي اتفق عليه عام 1945 لإنقاذ العالم من ويلات الحروب لم يتم تنفيذه تنفيذاً أميناً، نظرا لعدم احترام نص وروح احكام ميثاق الأمم المتحدة؛ فالميثاق ينص بكل وضوح على المساواة بين الدول في الحقوق والواجبات، وعلى ضرورة احترام أجهزة الامم المتحدة لقواعد القانون الدولي ومقاصد ومبادئ الأمم المتحدة. ولكن صياغة الميثاق من جهة أخرى سمحت بوجود ثغرة فتحت الأبواب في التوسع في تفسير ما ينطبق عليه الفيتو، وتم استغلال هذه الثغرة بواسطة الدول الخمس دائمة العضوية'.

وأوضح العربي أن إحدى هذه الدول الخمس تستطيع إذا أرادت منع اصدار أي قرار يتعارض مع ما تعتبره مصلحة حيوية من خلال التلويح باستخدام الفيتو أو استخدامه بالفعل، كما تفعل الولايات المتحدة لحماية إسرائيل، وكما تفعل روسيا الآن لحماية النظام السوري.

وأشار إلى أن المجتمع الدولي قام بإجراء جزئي في هذا الصدد من خلال اصدار القرار رقم 377 عام 1950 الذي يطلق عليه 'الاتحاد من أجل السلام' والذي يسمح للجمعية العامة تخطي مجلس الأمن إذا لم يكن قادراً على اتخاذ أية قرارات في ضوء استخدام الدول دائمة العضوية 'الفيتو' بشكل متكرر في المسألة ذاتها، مما يمنعه من تنفيذ دوره.

وتابع العربي: 'ومع ذلك فإن هذا القرار الصادر من الجمعية العامة لا يعدو أن يكون توصية غير ملزمة ولا يرقى إلى مستوى تعديل الميثاق ولا يضفي على قرارات الجمعية العامة صفة الالزام، وبالتالي تبقى صلاحية

اصدار قرارات ملزمة طبقاً للفصل السابع لدى مجلس الأمن فقط، ويبقى الفيتو سيفا مسلطا على رقبة المجتمع الدولي يشل التنفيذ السليم لأحكام الميثاق'، مشيرا إلى أنه بالرغم من صدور قرارات من الجمعية العامة عام 1956 انسحبت بمقتضاها إسرائيل من سيناء، لكن هذه القرارات كانت مؤيدة من كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وبالتالي لم تجرؤ إسرائيل على تحديها.