ما زالت تداعيات العدوان على غزة تعصف برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، حيث تسببت في شرخ داخل حزبه، وبتصدع داخل ائتلافه الحكومي، وخرج بعد العدوان أضعف وأقل سيطرة على دائرته الضيقة المتمثلة بساحته الحزبية الداخلية، وعلى الدائرة الأوسع المتمثلة بائتلافه الحكومي.
على صعيد الحزب، نظم رئيس مركز الليكود، داني دانون امس، مؤتمرا لمركز الحزب وسط تجاذبات وتبادل اتهامات بين أنصاره وبين أنصار نتنياهو، ويرمي دانون من خطوته إلى النيل من نتنياهو وإخضاعه للاستجواب أمام أعضاء مركز الليكود حول إدارة الحرب على غزة ونتائجها.
ويهدف دانون الذي أقيل خلال العدوان على قطاع غزة من منصبه كنائب لوزير الأمن إلى تعزيز مكانته داخل الحزب ومحاولة النيل من نتنياهو، لكن نتنياهو قرر تفويت هذه الفرصة على دانون وعدم المشاركة في اجتماعات المركز والدعوة إلى مقاطعته.
وقال ناشطون مقربون من دانون إن أنصار نتنياهو مارسوا في الأيام الأخيرة ضغوطا على مسؤولي وناشطي الليكود المركزيين لحملهم على عدم المشاركة في اجتماع مركز الليكود الذي دعا إليه دانون، وقالوا إن المؤتمر يهدف إلى النيل من رئيس الحكومة.
واتهم أنصار دانون مقربين من نتنياهو بأنهم يجرون اتصالات هاتفية مع الناشطين ويحثونهم على عدم المشاركة في المؤتمر. وفي المقابل قال مقربون من نتنياهو إن دانون يبذل الجهود ويمارس الضغوط لضمان أكبر عدد من المشاركين، وقالوا إنه نظم حافلات لنقل الناشطين إلى المؤتمر.
وسبق ذلك تبادل اتهامات حول موعد عقد المؤتمر، فقد قال مكتب رئيس الحكومة إن نتنياهو لن يشارك في المؤتمر الذي يعقد في عسقلان والذي سيبحث أيضا نتائج الحرب على غزة لأن موعده لم ينسق معه، والموعد الذي تم تحديده غير ملائم له. غير أن مقربي دانون قالوا إن مكتب نتنياهو رفض كل المواعيد التي طرحت عليه بادعاء أن رئيس الحكومة مشغول.
وكان دانون نشر بيانا يوم الخميس الماضي دعا فيه نتنياهو لـ«عدم التهرب من المشاركة في جلسة المركز». وقال إنه «يتعين على رئيس الحكومة أن يحضر المؤتمر وأن يتحدث أمام أعضاء حزبه، لا الاكتفاء بالحديث في دوائر صغيرة لا صوت فيها للناشطين الميدانيين".
على صعيد الائتلاف، يواجه نتنياهو أزمة حادة مع حزب "ييش عتيد" (هناك مستقبل) حول موازنة الأمن، وتشير التقديرات إلى أن هذه الأزمة قد تؤدي لتقويض ائتلاف نتنياهو وربما تبكير موعد الانتخابات العامة.
ويطالب نتنياهو بزيادة موازنة الجيش بـ 11 مليار شيقل لتصل إلى ما يزيد عن 64 مليار شيقل، لكن وزير المالية يائير لبيد يعترض على هذه الزيادة ويوافق على أقل من ثلثها، مدعيا أن تلبية هذا المطلب من شأنها أن توجه ضربة إلى قطاعات أخرى كالتعليم والرفاه.
ورغم التقديرات بأن حزب "ييش عتيد" برئاسة يائير لبيد معني بالبقاء في الائتلاف الحكومي، إلا أن وزير العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلي، يعكوف بيري (ييش عتيد)، لم يستبعد امس أن يؤدي الخلاف مع رئيس الحكومة حول الميزانية الى انسحاب "ييش عتيد" من الائتلاف الحكومي، أو التوجه لانتخابات جديدة.
وقال بيري الذي شغل في السابق منصب رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك"،: " إن الخلاف حول ميزانية عام 2015 قد يدفع بحزب "ييش عتيد" إلى خارج الائتلاف الحكومي". مضيفا في مقابلة مع موقع "واللا" العبري: "سنتمسك بمواقفنا، إذا رغب نتنياهو بالتوجه للانتخابات كان له ذلك، وإذا لم يرغب يمكننا التوصل إلى تفاهمات". وأوضح بيري ان الخلاف بين نتنياهو ولبيد هو نتاج الحرب على غزة ويتركز حول ميزانية الأمن، وقال إن ييش عتيد مستعد لدفع تكاليف الحرب مع إضافات، لكن ليس 11 مليار شيقل (حسبما يطلب وزير الجيش موشي يعلون).