في الاول من ايار تحتفل شعوب الارض عموما وابناء الطبقة العاملة خصوصا بعيدهم ويومهم، عرفانا بدورهم التاريخي في بناء صرح مجتمعاتهم، ووفاء لهم على اسهاماتهم العظيمة في نقل البشرية من مرحلة لأخرى، رغم انهم عانوا مرارات وظلماً طبقياً واجتماعياً يفوق الوصف على مدار مراحل وحقب التاريخ، وما زالوا حتى الآن يعانون التمييز والتفرقة، ويخضعون للاستغلال والاضطهاد، مع ان البشرية تطورت في مجالات الحياة المختلفة، غير ان العمال مازالوا يدفعون ثمن الاستغلال والتمييز الاجتماعي.
عمال فلسطين في الوطن والشتات أسوة بعمال الارض، يعانون من الاستغلال والاضطهاد، لا بل ان ما يواجهونه اعظم واشد بؤسا، لانهم يقعون تحت ثقل الاضطهاد والاستغلال القومي والطبقي، فالاحتلال الاسرائيلي يمارس بطشه بالعمال ممن يحق لهم العمل داخل السوق الاسرائيلية او ممن يتاح له التسلل للعمل الاسود في سوق العمل داخل الخط الاخضر او الذين يعملون في المستعمرات المقامة على الاراضي المحتلة عام 1967 بحثا عن لقمة العيش.
وحدث ولا حرج عن الاضطهاد في سوق العمل الفلسطيني، فالعمال اولا لا ولم يحصلوا على الحد الادنى للاجور، الذي قدرته وزارة العمل والنقابات بـ (1450) شيقلاً؛ ثانيا لا يوجد تأمين صحي للعمال؛ ثالثا انتفاء العمل الصحي، اضف لزيادة عدد ساعات العمل؛ رابعا تشغيل الاطفال والنساء ومضاعفة استغلالهم اضعاف الاستغلال العام للعمال الرجال؛ خامسا عدم تسجيل العمال وخاصة الاطفال والنساء رسميا في مكاتب العمل؛ سادسا عدم دفع تعويضات الاصابة في العمل، وغيرها من عوامل الاضطهاد والقهر.
بالتأكيد ظروف السوق الوطني صعبة ومعقدة بسبب الاحتلال واجراءاته وانتهاكاته الخطيرة، الذي وضع سوق العمل الفلسطيني والشعب عموما في اسفل سلم اهتماماته، لا بل يقوم بانتاج ابشع اشكال القهر والاستغلال والعنصرية الكريهة لامتهان كرامة وحقوق الانسان الفلسطيني، وايضا لان راس المال الوطني واصحاب العمل يمارسون الاستغلال دون رحمة ودون التزام بالحد الادنى من الحقوق التي كفلها القانون للعامل.
واقع الحال الفلسطيني العام على ما يحمله من مرارات وبؤس نتاج ممارسات وانتهاكات دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، فإن الضرورة تملي على القيادة الفلسطينية وحكومتها الشرعية التصدي لعمليات القهر والاستغلال البشعة، التي ينفذها اصحاب العمل في السوق الفلسطينية، والعمل على سد الثغرات والعيوب والنواقص في قانون العمل الفلسطيني، وتنفيذ سياسة رقابية متميزة لحماية حقوق العمال، والتصدي لظاهرة تشغيل الاطفال، وحماية حقوق النساء، اللواتي يعانين من عمليات استغلال مكعبة ومربعة تشي بزمن العبيد الاول.
وايضا التصدي لعمل العمال في المستوطنات الاستعمارية، مع ضرورة تأمين العمل البديل في السوق المحلي، لانه لا يكفي مطالبة العمال بعدم العمل في المستعمرات، وفي نفس الوقت عدم بذل جهود خلاقة لتأمين مشاريع انتاجية لاستيعاب طاقة العمل. وهذا يفرض من زاوية اخرى، التصدي لظاهرة البطالة المتفاقمة، والتي تجازوت أرقاماً قياسية في الضفة، وفي غزة تفوق الارقام المعلنة كثيرا، حيث تتجاوز الـ 40% في ضوء الحصار ومواصلة الانقسام والانقلاب واغلاق الانفاق، الامر الذي يفرض وضع رؤية استراتيجية لتطوير سوق العمل الفلسطيني، وفتح ابواب الاستثمار امام راس المال الفلسطيني والعربي والاجنبي دون المساس بالثوابت الوطنية، والعمل على فتح سوق العمل العربية امام اليد العاملة الفلسطينية، ولعل تفعيل الاتفاق مع حكومة قطر بشأن العمالة الفلسطينية يشكل البداية الايجابية، وفي الوقت ذاته مطالبة الدول العربية بمنح تاشيرات العمل دون تعقيدات وتمييز سلبي ضد جواز السفر الفلسطيني، والتعامل معه باحترام اسوة بجوازات السفر الاخرى وخاصة الاسرائيلي والاميركي عند الغالبية العظمى من الدول الشقيقة.
هناك آفاق كثيرة وواسعة وممكنة للنهوض بواقع الحركة العمالية الفلسطينية، ولا يكفي هنا سن القوانين فقط، بل العمل على ترجمتها ومراقبة تنفيذها في ارض الواقع... كل عام والطبقة العاملة والفقراء عموما بخير ,,,