يستمرئ نتنياهو في هذه الأثناء، قرعطبول الحرب، حتى ضج جمهور دولته، من أسلوب تخويفه الدائب لهم، من «مخاطر» يعبر عنهابأضعاف حجمها. ولكي يأخذ طنينه طابع الجديّة، فيما هو يحمل قصة الخطر الإيراني، فإنهيقصف في غزة، متذرعاً بهجمات مضمرة لفصائل العمل الوطني المقاوم. وبدت سياسة هذا الاحتلالالظلامي القاتل الظالم، ككرة نار متدحرجة، تحرق السياسة وتنسف التهدئة وتؤجج الصراع.وكان ضحايا أمس، من الأبرياء الذين لا يختلف عنهم في البراءة وفي الموت غيلة وظلماً،شهيدا «الجهاد الإسلامي» الغرابلي وحرارة، والشهيدان زهير القيسي أمين عام لجان المقاومةالشعبية والأسير المحرر المبعد عن نابلس الى غزة، محمود حنني. فهؤلاء ملتزمون بهدنةومنخرطون في فصائل للمقاومة بمنطق الدفاع عن النفس. والبادئون في كل خرق للتهدئة، همالمحتلون الذين اختاروا لغة العدوان والقصف، ولا يردعهم رادع، بخاصة في زمن القتل للناسبالجملة في سوريا. ومن دواعي الألم، أن يُستغل الصخب في العالم العربي، وانشغال الشعوبفي مشكلاتها وفي بحثها عن سبل الحياة الكريمة وحرية التعبير عن الإرادة، لمفاقمة عذاباتالمجتمع الفلسطيني وإلحاق الأذى به على كل صعيد.

بسقوط أبو إبراهيم القيسي، شهيداًعلى طريق الحق والحرية، تكون لجان المقاومة الشعبية، التي بادر الى تأسيسها الشهيدجمال عطايا أبو سمهدانة، قد فقدت أمينها العام الثالث. ومضى شهيدا «الجهاد الإسلامي»على طريق أمينهم العام المؤسس د. فتحي الشقاقي. إنها ملحمة كفاح تمتد فصولاً، وتؤسسلقناعات قوامها أن هؤلاء المجرمون المتطرفون الذين أبتلينا بهم وما زال بلاؤهم يتفشى؛لا يمكن دحرهم بغير ممارسة العداء النبيل لوجودهم الاحتلالي، حتى تنقشع غيمتهم الداكنةالفائحة، من سماء أيامنا وأوقاتنا.

إنهم يسترخصون دمنا، ويتجاهلون كونالشعب الفلسطيني يألم ويحتقن، كلما سقط شهيد منه، غيلة، ومن أي فصيل. هنالك إمعان فيالسعي الى تبديد فرص التهدئة وصولاً الى مناخ يساعد في الحل على قاعدة جلاء الاحتلالونيل الاستقلال والحرية. وفي سياق هذا الإمعان الآثم، يسقط الأعز والأوفى، من شبابفلسطين. والأميركيون يطربون للقتل الذي يطالنا، ويرون في المقاومين الناشطين علناًفي غزة، تكثيفاً لكبرياء أمة، يبتغون لها أن تنكسر وأن تُهان وأن ترفع الرايات البيضاءاستسلاماً. لكن فلسطين، في صمودها الإعجازي، سياسة وتحفزاً لقتال، على الرغم من حصارهاوقيودها، لن ترفع لهم الرايات البيضاء، وستظل نبراساً للأمة، مثلما ستظل روح التحديمتوارثة جيلاً بعد جيل. رحم الله الشهداء في غزة، وأسبغ عليهم نعماءه في عليين!