كسبت اسرائيلحرب العام 1967 وسكانها لا يتعدون الملايين الثلاثة.. وهكذا، جددوا التبجح من حرب العام1948 عن هزيمة سبعة جيوش عربية أمام جيش دولة واحدة، عندما كان سكان الدولة هذه أقلمن 700 ألف، لكن تمكنوا من حشد عساكر في المعركة تفوق عديد ما حشدته جيوش سبع دول،بعضها أرسل كتيبة أو اثنتين.

 بعد كامب ديفيد، داخ سواح وصحافيون اسرائيليون فيالقاهرة، التي تحوي سكاناً يفوق عددهم سكان دولة اسرائيل (القاهرة المدينة العالميةالثالثة في عدد السكان).

 لا ينفك الاسرائيليون عن عقدة القلة اليهودية إزاءالكثرة العربية (حالياً ستة ملايين يهودي حقيقي قبالة أكثر من ربع مليار عربي.. ومليارمسلم). للعقدة هذه جانبها الآخر: النوعية اليهودية في مقابل الكمية العربية (في السكانوفي الجيوش).

 في اسرائيل يثرثرون عن "دولة اسرائيل"ودولة يهودا والسامرة" أي المستوطنين اليهود في الأراضي الفلسطينية، اشتقاقاًمن الثرثرة عن "اسرائيل-الصيهونية" و"اسرائيل اليهودية".. والاثنتانتلتقيان-تتنافسان في عقدة مدن أرض فلسطين-اسرائيل، التي هي القدس.

 يقول ابراهام بورغ، رئيس الكنيست-سابقاً، داعياًالى دولة مدنية بدل "دولتين قوميتين" أن "الحل بدولتين" لا يستقيممع "قدس موحدة" ذات غالبية يهودية، ويتحدث سواه عن النموذج التل أبيبي (وحتىدولة تل أبيب) مقابل النموذج اليروشلايمي: اسرائيل العلمانية واسرائيل اليهودية المتزمتة،التي هي سادس مدن اسرائيل في مستوى العيش.. ولكنهم مصرون على أن تغدو المدينة اليهوديةالأولى من حيث عدد السكان.. ولو كانت مدينة طاردة للعلمانيين وجاذبة للأصوليين.

 للوصول الى "مدينة المليون" حسب إحصائيةوزارة داخلية إيلي يشاي-شاس، لا بد من اسلوب غريب ديموغرافي: مزيد من "لحم"الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقليل من "عظام" السكان الفلسطينيين، الذينتلفظهم البلدية اليهودية.. التي شطح بعضهم في تصورها مدينة تمتد من الساحل حتى البحرالميت، هي ومستوطناتها وضواحيها (معاليه أدوميم وميشور أدوميم).

 من الأصدق؟ مكتب الاحصاء المركزي الذي يقدر سكانالقدس بـ 788 ألفاً عام 2010 أم معطيات وزارة الداخلية التي تقدرهم عام 2011 بـ933ألفاً؟

هذا سؤالفي طيه سؤال آخر هو عدد الفلسطينيين خارج "جدار الفصل" ويحملون "هويةالقدس"-مقيم دائم وليس مواطناً، وسؤال آخر عن نسبة المواليد الكبيرة لدى المتدينينوالفلسطينيين.

 مثلاً: ابناء سن الـ18 يتقارب فيه المواليد اليهودوالعرب وكذلك مواليد سن الـ16، لكن في المواليد الجدد يتفوق اليهود بنسبة 39% لصالحاليهود.

 يهرب العلمانيون اليهود من قيود الحركة والعيش في"مدينة السبوت" هذه الى الضواحي العلمانية، لكن المدينة تجذب إليها هجرةأصولية سنوية بحوالي 23 ألف وافد جديد.

 الاسرائيليون يحكون عن يهودية القدس في التاريخ،والفلسطينيون يحكون عن عروبة القدس وإسلاميتها، لكن دراسة تاريخية جديدة تقول أن مدينة"إيليا كابوتولينا" الرومانية هي التي أرست مدينة القدس، وكانت ذات فترةأطول بكثير من يهودية المدينة، بينما التاريخ العربي والاسلامي للمدينة يفوق الـ1900سنة.

 إذا زعم اليهود أن المدينة القديمة، داخل الأسوار،كانت ذات غالبية يهودية، فإن غرب المدينة-القدس الجديدة كان مع أغلبية فلسطينية عربيةكاسحة.

 يدعي بعض الاسرائيليين أن سكاناً عربا فلسطينيينيحملون الجنسية الاسرائيلية يقيمون في الأحياء اليهودية الجديدة، يفوقون عدد المستوطنيناليهود في المدينة القديمة.

 المفارقة ليست هنا، بل في أن الأحياء اليهودية فيضواحي القدس الشرقية الفلسطينية تتمتع ببنية تحتية قوية، بينما الأحياء الفلسطينيةفي قلب القدس شبه مهملة.

 الأديان تناطح الأيدولوجيا في هذه المدينة، والسياسةتناطح الأيديولوجيا.. والديموغرافيا تناطح الجميع.. والحل السياسي واقع في المصيدةبين عاصمة دولتين وعاصمة موحدة لدولة واحدة. لماذا لا تكون تل أبيب عاصمة اسرائيل السياسية،ورام الله عاصمة فلسطين السياسية.. والقدس عاصمة الشعبين دينياً وثقافياً.