لم يفاجئ الرئيس الاميركي ، باراكاوباما احدا من المراقبين فيما جاء بخطابه امام المؤتمر السنوي للجنة الاميركية - الاسرائيليةللعلاقات العامة «الايباك» لاكثر من عامل: أولاً لأن الرئيس يتحدث امام اللوبي الصهيونيالاكبر والاقوى في الولايات المتحدة؛ وثانيا كون الرئيس يسعى بقوة لنيل ثقة الناخبالاميركي عموما واليهودي خصوصا للتجديد له في ولاية ثانية للرئاسة؛ وثالثا لأن الايباكيملك ثقل الصوت الانتخابي ، والمال والمنابر الاعلامية المؤثرة في تلميع صورة المرشحالمرغوب به إسرائيليا؛ ورابعا للعامل الثابت المتعلق بالعلاقات الاستراتيجية الاميركية- الاسرائيلية.

لذا كان متوقعا ان يكون خطاب المرشحالديمقراطي، القاطن في البيت الابيض منذ ثلاثة اعوام، ويأمل تمديد الاقامة لأعوام خمسةقادمة، خطابا استرقاقيا، مليئا بالممالأة والموالاة لاسرائيل والصهيونية وسياساتهاالتخريبية والعدوانية ضد شعوب المنطقة كلها وخاصة الشعبين الفلسطيني والايراني ارتباطابموضوع الملف النووي الايراني. جاء خطاب الرئيس الاسود إسرائيلياً بامتياز، لان جلالخطاب تركز على القضايا ذات الصلة بدولة الابرتهايد الاسرائيلية، فأولاً كال المديح

المفرط للرئيس الاسرائيلي شمعون بيرس،الذي كان موجودا في المؤتمر، بعد ان منحه اوباما اعلى وسام اميركي « وسام الحرية». ثم جال اوباما في بلاغتة الاسترقاقية في التأكيد على عمق العلاقات الاستراتيجية بينالولايات المتحدة واسرائيل، وتأكيد دعمه المطلق لاسرائيل وتفوقها وامنها كدولة «يهوديةديمقراطية»!؟ على كل دول المنطقة، ليس هذا فحسب، بل إن الرئيس المستميت على كسب ودالصوت اليهودي الصهيوني الاميركي، اعطى حكومة اليمين الصهيوني المتطرف الضوء الاخضرلشن حرب على إيران، حينما أكد على حق إسرائيل المطلق في الدفاع عن نفسها كدولة مستقلةذات سيادة!؟ رابطا بين ما يمثله الملف النووي الايراني من تهديد للامن القومي الاسرائيليوالاميركي!

وبطريقة لا يشوبها الغموض او الالتباس،اشار اوباما المتهافت حتى الاذلال امام الايباك وقادة دولة اسرائيل، بانه يفهم ويدركبان اي حكومة اسرائيلية مهما كانت لا يمكن ان تسلم بوجود اسلحة نووية ايرانية ، وانمن حقها حماية مواطنيها؟! بتعبير آخر، منح اوباما، الذي يقود اعظم قوة على الارض لدولةالابرتهايد الاسرائيلية بشن حرب دون العودة للشرعية الدولية او دون اخذ الاذن من ايةجهة دولية كانت بما في ذلك الولايات المتحدة. السؤال الذي يطرح نفسه على الرئيس الاميركي:لماذا مسموح لاسرائيل التسلح بالسلاح النووي وغير مسموح لاي دولة مستقلة ذات سيادةفي المنطقة بوجود ذات السلاح ؟ وهل السلاح النووي الاسرائيلي مبرر والسلاح النووي الايرانياو غير الايراني غير مبرر؟ مع الوقائع الاسرائيلية والاميركية ولجنة الطاقة الدولية، الجميع يؤكد ان إيران لم تتمكن حتى الان من بلوغ مرحلة امتلاك سلاح نووي، وكل الموجودلديها لا يتجاوز التخصيب للاغراض السلمية.

ومع ذلك المسألة ليست في امتلاك ايراناو عدم امتلاكها للسلاح النووي بقدر ما هو مطلوب ضربها وتركيعها خدمة للمصالح الاميركية? الاسرائيلية ومشروعها الشرق اوسطي الجديد او الكبير، وليس دفاعا عن عرب الخليج، ولاحرصا على الشعوب العربية، بل كما اشير رغبة في اعادة تشكيل المنطقة وفق المشيئة الصهيونيةوالطغمة المالية العالمية.

استقلال دولة من الدول وسيادتها لايسمح لها بالاعتداء على دولة اخرى دون سابق انذار. ايران لم تعتد على إسرائيل، واطلاقتصريح هنا او هناك لا يعني تهديدا لها او لغيرها، وليس لمجرد اطلاق تصريح من قبل قادةدولة من الدول ضد دولة اخرى، معنى ذلك انها شنت الحرب عليها؟ ان فلسفة الحرب الاستباقيةالتي اقرتها ادارة بوش الابن بعد احداث الحادي عشر من ايلول2001، فلسفة ارهابية بامتياز،ومنافية لابسط قواعد القانون الدولي ومواثيقه، ولا يجوز استمراريتها، لانها تؤدي الىتخريب وتدمير العلاقات الدولية. وهذا ليس دفاعا عن ايران او غيرها، وليس دفاعا عن امتلاكاي دولة للسلاح النووي بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا والصين وغيرها من الدول،لان السلاح النووي خطر يهدد مستقبل البشرية.

خطاب اوباما امام الايباك ، كان خطابالسقوط المريع للرئيس الاميركي، خطاب الاستجداء للصوت اليهودي الصهيوني. لانه لم يتطرقللقضايا الداخلية الاميركية. اوباما لم يطرح موقفا من اي مسألة ذات شأن للمواطن الاميركي،حتى قضية السلام في المنطقة لم تأخذ الحد الادنى من اهتمام الرئيس الاسود. بل جاء عليهامرورا سطحيا وعابرا، وكأن لسان حال رئيس البيت الابيض ايضا يقول لقادة اليمين الصهيونيالمتطرف لكم ما تشاؤون، استبيحوا حقوق الفلسطينيين، استوطنوا اينما شئتم ؟!

خطاب اوباما يكشف مجددا امام القيادةالفلسطينية، ان الولايات المتحدة من خلال مرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لاهملها سوى مصالح اسرائيل والصوت اليهودي الاميركي، وبالتالي وعلى اهمية مكانة الولاياتالمتحدة،

فان القيادة الفلسطينية مطالبة بالتوقفامام اللوحة الاميركية البائسة والمظلمة بما يسمح للشعب الفلسطيني وقواه السياسية وقيادتهالشرعية محاولة ايقاظ الادارة الاميركية من سباتها، واشعارها ان هناك مصالح لاميركافي المنطقة والصوت العربي الفلسطيني ضروري في حماية او عدم حماية تلك المصالح بمقدارما تحاول اميركا مراعاة مصالح الشعوب العربية. لان العالم لا يسمع من الاموات والبؤساءوالخانعين والمستلبين.