تواجه مدينة القدس والمسجد الاقصى تصعيدا خطيرا في عملية التهويد والمصادرة والتشريع الصهيوني لنزع السيادة عن اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. لم يكتفِ الاسرائيليون بالاعتداءات المتواصلة على المسجد الاقصى، واقتحام باحاته بشكل شبه يومي، وتدنيسه باسم "الصلوات" التلمودية، بل بلغت مرحلة متقدمة في الهجوم على المسجد الاقصى، من خلال طرح النائب عن تكتل "الليكود بيتنا" المستوطن فايغلن نزع السيادة الفلسطينية العربية عنه من خلال تشريع ذلك بقانون في الكنيست الاسرائيلي!؟
الحملة الاسرائيلية على الأقصى تجاوزت كل الخطوط السياسية، وتصب الزيت على نيران السخط والغليان الشعبي الفلسطيني، لاشعال الحرائق السياسية والباسها الثوب الديني بالتناغم والتكامل مع من يتساوق معها في التوجه المريب، لتحقيق مجموعة أهداف منها: اولا قطع الطريق على التوجهات والجهود الاميركية السلمية؛ وثانيا تصفية أي آفاق محتملة على التقدم في خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؛ ثالثا اضعاف مكانة القيادة الفلسطينية، وتشوية دورها الوطني؛ رابعا إسقاط الدور الاردني في حماية المسجد الاقصى، كمقدمة لتفعيل خيار الوطن البديل، الذي يراود عقول قادة اليمين الصهيوني المتطرف؛ خامسا استغلال حالة الضعف العربية القائمة، وانشغال الدول الشقيقة بهمومها الخاصة لتمرير عملية التهويد للمسجد الاقصى خاصة والقدس عامة، تمهيدا لبناء الهيكل الثالث على انقاضه؛ سادسا خلط الاوراق في الساحة، لتحميل القيادة الفلسطينية مسؤولية اية تطورات غير حميدة في المنطقة.
ما شهده المسجد الاقصى من اعتداءات اسرائيلية ارهابية، واقدام الكنيست على مناقشة نزع السيادة عنه دفع الجامعة العربية لعقد جلسة طارئة لبحث الموقف، واتخذ مجلس المندوبين قراراً بالتوجه للمجموعات الدولية في مجلس الامن لبحث إمكانية عقد جلسة لمناقشة الموقف الخطير في القدس والاقصى على حد سواء. كما ان البرلمان الاردني اتخذ خطوة أكثر ايجابية عندما طالب الحكومة بطرد السفير الاسرائيلي وسحب السفير الاردني. في السياق اصدر شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب ومفتي الديار المصرية ووزير الاوقاف والقيادة المصرية موقفا منددا بالانتهاكات الاسرائيلية.
غير ان الموقف العربي ما زال دون المطلوب تجاه الاعتداءات الاسرائيلية المنهجية، التي تستهدف الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967. لا سيما وان الدول الشقيقة تملك اوراق قوة عديدة، إذا ما احسنت استخدامها فإنها بالضرورة سترغم إسرائيل واميركا على إعادة النظر في جرائمها وخياراتها الاستعمارية، من هذه الاوراق: السلاح السياسي والديبلوماسي والاقتصادي والتجاري والمالي. والتحرك في كل المنابر والمحافل الاممية للضغط على دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية، وتوسيع حملة المقاطعة لها في مجالات الحياة المختلفة لتعميق الخطوة الاوروبية.
كما ان القيادة الفلسطينية معنية بتصعيد جهودها على الصعد المختلفة، وخاصة المقاومة الشعبية، ودفع عجلة المصالحة الوطنية، وطي صفحة الانقلاب الاسود من السجل الوطني مرة وللابد، لتعزيز عوامل الصمود لمواجهة التحديات الاسرائيلية والضغوط الدولية، الملقاة على كاهل القيادة الفلسطينية. ولعل زيارة الرئيس محمود عباس للولايات المتحدة واللقاء مع الرئيس اوباما، ومن ثم عقد القمة العربية نهاية الشهر، تمنح الرئيس عباس والقيادة الفرصة لاثارة الموضوع، وانتزاع قرارات لكف اليد الاسرائيلية عن القدس والمسجد الاقصى وكل الاماكن المقدسة، ووقف الهدم واعلان العطاءات لابناء الوحدات الاستيطانية في العاصمة الابدية للدولة الفلسطينية وعموم الاراضي الفلسطينية.
ما يجري في القدس خطر جدا، ويهدد المصالح العليا للشعب العربي الفلسطيني، الامر الذي يفرض تحرك غير عادي واشتقاق سياسات جديدة ونوعية للجم الخطر الاسرائيلي، وقطع الطريق على من يستهدف مصالح الشعب العليا.
********
الاخوة القراء، أود ان الفت انتباهكم، إلى ان اسم "عادل عبد الرحمن"، لم يكن اسما حقيقيا، بل اسما مستعارا فرضته عوامل موضوعية منذ شهر نوفمبر 2009، غير ان الظروف تغيرت، والآن اعود للكتابة باسمي الحقيقي. وأشكر الظروف الجديدة والدعم، الذي منحني اياه بعض المعنيين لاستعادة الهوية الشخصية في الكتابة باسمي، لأتحمل المسؤولية كاملة عن كل ما أكتب. وشكرا لسعة صدركم.