أَثَارَ مَقترَحُ الرَّئِيسِ الأَميرِكِيِّ دُونَالْدْ تْرَامْبْ، بِتَهجيرِ سُكَّانِ قِطَاعِ غَزَّةَ إِلَى الأُرْدُنِّ وَمِصْر مَوْجَةً وَاسِعَةً مِنَ الرَّفْضِ والانتقادات، رسمياً وشعبياً، خَاصَّةً مِنْ قِبَلِ الأُرْدُنِّ، الَّذِي أَكَّدَ مِرَارًا رَفْضَهُ القَاطِع لِأَيِّ مُحَاوَلَةٍ لِفَرْضِ حُلُولٍ تَتَعَارَضُ مع حُقُوقِ الشعبِ الفِلسطينِي في العودةِ وتقريرِ المصير، وإقامةـ الدولةِ الفلسطينيةِ المستقلةِ وعاصمتها القدس، وفقَ قواعدِ القانونِ الدولي وقراراتِ الشرعية الدولية، وضَمان سِيَادَةِ الدُّوَلِ المُجَاوِرَةِ.
وَيَأْتِي لِقَاءُ المَلِكِ عَبْدِ اللهِ الثَّانِي المُنتَظر، بِالرئيس تْرَامْبْ فِي 11 فِبْرَايِرَ فِي وَاشِنْطُنَ فِي ظِلِّ هَذِهِ التَّحَدِّيَاتِ الإِقْلِيمِيَّةِ، مِمَّا يَجْعَلُهُ مَحَطَّةً حَاسِمَةً فِي العَلَاقَاتِ الثُّنَائِيَّةِ، وَامْتِدَادًا لِمَوْقِفِ الأُرْدُنِّ الثَّابِتِ فِي الدِّفَاعِ عَنِ القَضِيَّةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ.
مَوْقِفُ الأُرْدُنِّ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّهْجِيرِ القَسْرِيِّ وَالطَّوْعِيِّ لِسُكَّانِ غَزَّةَ، مسألةٌ شديدةُ الحساسية والخطورة، لَطَالَمَا رَفَضَ الأُرْدُنُّ بِشَكْلٍ مَبْدَئِيٍّ أَيَّ مُحَاوَلَةٍ لِفَرْضِ التَّهْجِيرِ القَسْرِيِّ عَلَى الفِلَسْطِينِيِّينَ، سَوَاءً مِنَ الضِّفَّةِ الغَرْبِيَّةِ أَو من قِطَاعِ غَزَّةَ، وَيَعُودُ هَذَا المَوْقِفُ إِلَى عِدَّةِ اعْتِبَارَاتٍ هامَة:
- أولاً: خُصوصِية الهُوِيَّةُ الوَطَنِيَّةُ الأُرْدُنِّيَّةُ، الأُرْدُنُّ يَسْتَضِيفُ بِالفِعْلِ أَكْثَرَ مِنْ 3 مِلْيُونِ لاجِئٍ فِلَسْطِينِيٍّ، وَيَعْتَبِرُ أَيَّ عَمَلِيَّةِ تَهْجِيرٍ جَدِيدَةٍ تُمثلُ تَهْدِيدًا لِلتَّرْكِيبَةِ السُّكَّانِيَّةِ وَالهُوِيَّةِ الوَطَنِيَّةِ الأُرْدُنِّيَّةِ.
- ثانيًا: رَفْضُ تَصْفِيَةِ القَضِيَّةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ، يَرَى الأُرْدُن أَنَّ أَيَّ تَهْجِيرٍ جَدِيدٍ لِلفِلَسْطِينِيِّينَ يَهْدِفُ إِلى تَصْفِيَةِ القَضِيَّةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ، وَتَحْوِيلِهَا مِنْ قَضِيَّةٍ سِيَاسِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِالحُقُوقِ الوَطَنِيَّةِ إِلَى قَضِيَّةٍ إِنْسَانِيَّةٍ وَإِغَاثِيَّةٍ.
- ثالثًا: مُخَالَفَةٌ لِلقَوَانِينِ الدُّوَلِيَّةِ، التَّهْجِيرُ القَسْرِي يُعَدُّ انْتِهَاكًا صَارِخًا لِلقَانُونِ الدُّوَلِيِّ، وَخَاصَّةً اتِّفَاقِيَّاتِ جِنِيفَ، وَهُوَ أَمْرٌ يُؤَكِّدُ على رفض الأُرْدُن لذلك فِي جَمِيعِ المَحَافِلِ الدُّوَلِيَّةِ.
يُرَوِّجُ البَعْضُ لِفِكْرَةِ "الهِجْرَةِ الطَّوْعِيَّةِ" لِلفِلَسْطِينِيِّينَ، إِلَّا أَنَّ الأُرْدُنَّ يُعَارِضُهَا بِاعْتِبَارِهَا خُدْعَةً سِيَاسِيَّةً تَهْدِفُ إِلَى فَرْضِ أَمْرٍ وَاقِعٍ جَدِيد، فَالهِجْرَةُ الطَّوْعِيَّةُ تَكُونُ خِيَارًا فَرْدِيًّا فِي الظُّرُوفِ الطَّبِيعِيَّةِ، وَلَكِنْ فِي سِيَاقِ الحُرُوبِ وَالحِصَارِ، تُصْبِحُ شَكْلاً مِنْ أَشْكَالِ التَّهْجِيرِ القَسْرِيِّ المُقَنَّعِ.
- ومن مَخَاطِر تَهْجِيرِ سُكَّانِ غَزَّةَ عَلَى الأُرْدُن وَالمِنْطَقَةِ، ما يلي:
- أولاً: الضَّغْطُ السُّكَّانِيُّ وَالاقْتِصَادِي، إن اسْتِقْبَال أَعْدَادٍ كَبِيرَةٍ مِنَ اللاجِئِينَ سَيُشَكِّلُ عِبْئًا اقْتِصَادِيًّا وَخِدْمَاتِيًّا عَلَى كاهِلِ الأُرْدُنِّ.
- ثانيًا: زَعْزَعَة الاسْتِقْرَارِ السِّيَاسِيِّ، لِأنَ أَيّ تَغْيِيرٍ دِيمُوغْرَافِيٍّ كَبِيرٍ قَدْ يَنْعَكِسُ عَلَى التَّوَازُنَاتِ الديمُغرافيةِ الدَّاخِلِيَّةِ، مِمَّا يُهَدِّدُ الاسْتِقْرَارَ السِّيَاسِيَّ وَالإجْتِمَاعِيَّ، وبالتالِي إحتمال تَنفيذُ ما يُعرفُ بمؤامرةِ الوطنِ البديل.
- ثالثًا: تَهْدِيدُ الهُوِيَّةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ، تَهْجِير سُكَّان قِطاع غَزَّةَ يَعْنِي شَطْبَ حَقِّهِمْ فِي العَوْدَةِ إلى وطنهم، والتخلصِ من عِبئهِم ووضعه وإلقائهِ على كاهِل الأُردن.
ورغمَ كلِّ ذلك، يَظَلُّ الأُرْدُنُّ فِي طَلِيعَةِ الدُّوَلِ العربيةِ، المُدَافِعَةِ عَنِ القَضِيَّةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ، رَافِضًا أَيَّ مُخَطَّطَاتٍ تَهْدِفُ إِلى تَهْجِيرِ الفِلَسْطِينِيِّينَ أَوْ تَصْفِيَةِ حُقُوقِهِمْ الوطنيةِ المشروعة، وَرغْمَ الضُّغُوطِ السِّيَاسِيَّةِ وَالاقْتِصَادِيَّةِ، يَبْقَى مَوْقِفُهُ ثَابِتًا فِي دَعْمِ الحُقُوقِ المَشْرُوعَةِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِي، في العودةِ وتقريرِ المصيرِ وإقامةِ الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصِمتها القدسُ الشَرقية، وفقَ قواعدِ القانونِ الدولي، وقرارات الشرعية الدولية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها