قال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، "كان يفترض بمجلس الأمن أن يدعو إلى وقف إطلاق النار منذ فترة طويلة، وكان يفترص أن يدعو إلى وقف إطلاق النار الآن، وأن يستجيب لنداءات الأمم المتحدة وكل منظمة إنسانية على وجه الأرض تنادي بوقف إنساني لإطلاق النار، ونداء الأمين العام للأمم المتحدة".

وأضاف منصور في كلمة له في مجلس الأمن، الليلة، "كان من المفترص للمجلس أن يقتنع بأن ما من حل عسكري لا سيما أن كان هذا الحل يستند لارتكاب الفظائع، وكان مفترض أن يدفع مجلس الأمن قدما بالحلول السياسية".

وتابع: "إن وزارة الخارجية الإسرائيلية قد رفضت هذا القرار منذ دقائق، وقالت إنها لن تطبقه وستسمر بمسارها الحالي، فما الذي سيفعله المجلس الذي اعتمد للتو قراره، في ظل ما تقوله الحكومة الإسرائيلية أنهم لن يلتزموا بهذا القرار".

وأشار إلى أن القرار لم يدن قتل إسرائيل لـ11 ألف فلسطيني معظمهم من المدنين، بما في ذلك 5 آلاف طفل فلسطيني، كما لم يدن الاعتداءات العشوائية التي تشنها إسرائيل، ولم يدن القرار الاعتداءات على المستشفيات والمدارس، ولم يدن قتل إسرائيل لموظفي الأمم المتحدة والصحفيين والأطباء وفرق الإغاثة، كذلك لم يدن الاعتقال العشوائي لآلاف الفلسطينين من الرجال والنساء والأطفال، ولم يدعو إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.

ولفت إلى أن القرار لم يدن أيضا "البروباغندا" العنصرية الإسرائيلية التي تمثل إهانة لذكائنا، ورغم ذلك تتردد هذه "البروباغندا" على لسان بعض السياسيين ووسائل الإعلام على حساب مصداقيتهم.

وأكد منصور أن الشجب الانتقائي يوازي الكيل بمكالين، ويعكس تجاهل حياة الفلسطنيين، ورفض الاعتراف بالجرائم التي باتت لا تخفى على أحد، مبينا أن هذا القرار في الفقرة الأولى يطالب كل الأطراف الالتزام بمواجباتها وفقا للقانون الدولي بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، ولا سيما فيما يتعلق بحماية المدنين وتحديدا الأطفال.

وقال: "نحن ملتزمون كل الالتزام في كل القواعد، لكن هل تطبق هذه القواعد على إسرائيل وهل ستستجيب إسرائيل لهذه الدعوات؟"

وأضاف منصور: "أنتم تناشدون إسرائيل منذ 40 يوما لإعلاء قوانين الحرب، وقد اختارت إسرائيل أن تستمر في انتهاكها بصراحة، لا بل طالبتم إسرائيل باحترام القانون الدولي منذ عقود ولطالما تجالهت نداءاتكم واستمرت بجرائمها بحق الشعب الفلسطيني، فهل سألتم إسرائيل يوما؟ هل ستسألون إسرائيل اليوم عن رفض هذا القرار الذي أقرتوه للتو؟".

وشدد على أنه ما من شيء يبرر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة، ومن غير المشرف أن يتم الدفاع عن إسرائيل عندما ترتكب هذه الجرائم فهذا موقف مخزا.

وقال منصور: "إن القصف والتوغل يجب أن يتوقف الآن، والمساعدات الإنسانية يجب أن تدخل الآن، ليس قطرة تلوة القطرة لمجرد الإدعاء بأن الحصار المجرم قد رفع، بل أن تدخل بشكل فعلي لإنهاء هذا الحصار الآن، كما يجب أن يدخل الوقود الآن لإنقاذ ملايين الأرواح التي باتت على المحك".

وأوضح أن المستشفيات قد دمرت، وشعبنا يفقتر للمياه النظيفة والغذاء، وأرسل الله اليهم المطر في الوقت الذي كنتم تحاولون فيه إقناع إسرائيل أن تسمح بدخول الوقود لتشغيل محطات المياه.

وشدد على ضرورة وقف هذا الجنون في هذه اللحظة، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يتم فيه وقف القصف سنبدأ بتحقيق النتائج بانقاذ الأرواح عبر السماح للمساعدات الإنسانية بالدخول لإنقاذ آلاف العالقين تحت الأنقاض، وإنقاذ الأطفال الفلسطينين، الذين قضوا وحيدين تحت الركام يطالبون بالنجدة ولم تأتيهم هذه النجدة، والبدء بدفن من لم نتمكن من ندفهم على مدى أيام.

وقال منصور: "إن وقف القصف سيسمح كذلك بإعادة ترميم البنية التحتية المدنية الضرورية، ويسمح بمساعدة المرضى والمصابين، والهدف الأول من القانون الإنساني الدولي هو حماية المدنيين والمرضى والجرحى".

وأضاف: "ما يحصل في غزة سيتتبع نتائج طويلة الأمد لا يجب لأحد أن يستفرد بها، مشيرا إلى أن البشرية فشلت فشلا مدويا، لكن الأولوية في الوقت الراهن إنقاذ الأرواح ووقف القتل والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين والبنى التحتية، وألا تبقى هذه القرارات حبرا على ورق".

وخاطب منصور في كلمته من وصفهم المتمسكين بقراراتهم غير المقبولة، "إسرائيل تقول لكم صراحة أنه بإمكانها أن تقتل كل الفلسطينيين من دون أن تسأل عنهم مهما كانوا، ونؤكد أن أي شخص يسمح لهذا المنطق أن يسود يساهم بالقتل".

وتابع: إسرائيل تعتبرنا جميعا "الفلسطينيين" إرهابيين بكل الفصائل والمنظمات الحقوقية، ومناصري حقوق الإنسان، وهي تتصرف على هذا الأساس.

وشدد على أن إسرائيل لا تتعرض لتهديد التدمير بل هي من تدمر فلسطين، وتعتبر الدولة الفلسطينية تهديدا استراتيجيا لها، وتعترض على الحكم الفلسطيني في كل مكان، كما أن كل سياسات إسرائيل قد صصمت لتقويض أي حكم فلسطيني.

وقال منصور: "مخطط الحكومة الإسرائيلية الحالية قد تكشف من خلال البيانات والمذكرات المسربة، ومقالات الرأي، فلنكف عن الادعاء أننا لا نسمع عن مخطط هذه الحكومة، وهو الاستمرار بالاستيلاء والتهجير وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه، لاستكمال النكبة التي بدأت عام 1948، مشيرا إلى أن الاعتراف بما تقدم هو الخطوة الأولى لهزيمة هذه المخططات التي لا تحرم شعبنا فقط من حقوقه لكنها تحرم المنطقة من السلم والأمن المشتركين".

وأكد أن وقف إطلاق النار الآن، وعدم التأخر في تدخل دولي من أجل الحرية والعدالة والسلام، آن الأوان ليسود السلام.

ولاحقا خلال مؤتمر صحفي عقده منصور، على هامش اجتماع مجلس الأمن الدولي، بمشاركة مجموعة من مندوبي الدول لدى الأمم المتحدة، قال إننا لن نحيد عن مسيرة إلزام الأمم المتحدة وكل مكوناتها بالقيام بواجباتها في وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتوفير كل مقومات الحياة لأهلنا، وتوقيف التهجير القسري لهم.

وأضاف: "أنه بعد ذلك سننطلق بأفاق سياسية توصلنا لإنهاء الاحتلال وانجاز استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، وحل عاجل للاجئين على قاعدة القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة خاصة قرار 194".

وتابع: "لن ننسى المجرمين الذين أعطوا الأوامر لإحداث هذه الكوارث في أن نلاحقهم في المحاكم الدولية ليلقوا العقاب الذي يستحقوه، خاصة مثل هذه الجرائم التي ذهب ضحيتها 5 آلاف طفل، وعدد كبير من المدنين، لن نسمح لهذه الجرائم أن تمرر مرور الكرام، لكن ذلك سيأتي في الوقت المناسب بعد وضع حد لهذا العدوان."

وأعرب عن اعتزازه بمجموعة من الدول الذين لديهم ضمائر حية يتقطعوا ألما لما يحل بشعبنا الفلسطيني في غزة، ويقفوا معنا ويساندونا ويدعمونا، ونراهم بالملايين، نحييهم في شوارع وعواصم المدن المختلفة.