لمعهد بحوث إعلام الشرق الأوسط، مؤسسة مراقبة إعلامية، صهيونية تقول إنها غير ربحية..!! مقرها واشنطن ولديها طبقًا "لغوغل" فروع ومكاتب في لندن، وبرلين، والقدس، وروما، وشنغهاي، وبغداد، وطوكيو، أسسها ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، هو "ايغال كرمون" ومعه الدكتورة الإسرائيلية الأميركية "ميراف وومسر" عام 1998، لهذا المعهد الصهيوني الذي يعرف اختصارًا باسم "ممري" قناة تلفزيونية، بثت الأسبوع الماضي، نقلاً عن قناة فضائية عراقية، لقاء محدودًا لأمين عام حركة "الجهاد الاسلامي" زياد النخالة، مع ستة أشخاص، توسطهم النخالة، ثلاثة من على يمنيه، ومثلهم على يساره، ليتحدث بوله مفتون عن الدعم الإيراني المتواصل (للفلسطينيين) كما قال، وأن هذا الدعم وصل إلى مليارات الدولارات خلال الثلاثين عامًا الماضية (…!!!)  من بينها 150 مليون دولار سنويًا، ومنذ عشر سنوات، لحركة حماس..!!!

وإذا كنا سنصدق ما قاله النخالة عن مليارات الدولارات المقدمة للفلسطينيين، فمن الطبيعي أن نسأل: أين هي مخرجات هذه المليارات في مختلف البنيات الاقتصادية في فلسطين..؟؟ لا شيء تمامًا، لكن سنعرف طبعًا أن النخالة قصد بالفلسطينيين، حركته، وحركة حماس، وهما بالفعل تلقيا مليارات الدولارات، غير أنه لا أثر ألبتة لهذه المليارات في حياة الفلسطينيين، وتحديدًا في قطاع غزة المكلوم، الذي ما زال يتطلع أهله لإعادة الإعمار، فما زالت الـ 150 مليون دولار مثلاً التي تقبضها حماس سنويًا من طهران، لا تذهب إلى أي إعمار، سوى إعمار خزائنها، وإعمار سلطتها الانقسامية، مع جشع مقزز، يدفعها لفرض المزيد من الضرائب غير القانونية، وغير المشروعة، على أهلنا في القطاع المكلوم…!! 

لا أموال سياسية بطبيعة الحال سوى لتكريس التبعية، تبعية الأدوات لخدمة أهداف ومصالح صاحب التمويل، وها هو اعتراف جلي من- الوكيل العام- النخالة، أن حركته وحماس، تلقتا مليارات الدولارات، ولا خطوة واحدة في دروب المصالح الوطنية الفلسطينية حققتها هذه المليارات، بل ظلت وما زالت تدفع بخطوات محمومة في دروب الإعلام التحريضي، والمزايدات الشعبوية، والانقسام البغيض…!! ذلك لأن الممول غير معني بأي هدف يصب في خدمة القضية الفلسطينية، ونضال شعبها التحرري، تحت راية ممثله الشرعي والوحيد، منظمة التحرير الفلسطينية، وعينه دائمًا على برنامجه الاستحواذي، لمزيد من النفوذ في هذه المنطقة…!!!

موضوعيًا، لا يمكن لوم الممول، وأساسًا ثمة مثل يقول: لا تلم الأفعى لأن لها أنياباً…!! وعلى أية حال، ليست غايتنا هنا لوم الممول، وإنما لطالما زياد النخالة فلسطيني، فلا يستحق اللوم سواه، وما هو أبعد من ذلك، إلى الحد الذي يجب أن يحاسب وطنيًا، على ما يروج من خديعة دعم بالمليارات للفلسطينيين من قبل إيران، والفلسطينيون في غزة تحديدًا، ناهيكم عن الضفة، لم يشاهدوا منها دولارًا واحدًا، لا في بنياتهم التحتية، ولا في حركة العمران، ولا في دورات اقتصادهم المقفلة على بضعة شواقل…!! ثم أليس هذا هو الفساد بأم عينيه، إذ ثمة مليارات تصرف، دون حسيب، ولا رقيب، وثمة أرصدة لا يعرف عنها الشعب الفلسطيني شيئًا…!!!

يبقى السؤال الآن: ما الذي جعل "ممري" يبث هذا اللقاء لزياد النخالة، ويحرص على ترجمته إلى لغات عديدة من بينها  الفارسية …؟؟  ثمة صحفي في صحيفة "الغارديان" البريطانية هو "براين وتكر" اختلف مع معهد "ممري" فكتب، كما جاء في "غوغل"، أن مشكلته مع هذا المعهد تكمن في كونه "يتظاهر باعتباره معهدا للأبحاث، في حين أنه أساسًا عملية دعائية" ..!! فأية دعاية إذاً أرادها "ممري" عبر بث هذا اللقاء لزياد النخالة، غير الترويج للدعايات الصهيونية ذاتها، بشأن الإرهاب الممول بمليارات الدولارات لتدمير إسرائيل، وهذا ما يستجلب مليارات الدولارات لها، وما يعزز روايتها المفبركة..!! هل سيدرك النخالة هذه الحقيقة، ليتبصر بعد ذلك فيما يصرح، ويقول كلامًا يصب في المحصلة في  طاحونة الإعلام الصهيوني الدعائي..!! "ممري" يشهد على ذلك.

المصدر: الحياة الجديدة