بحث مشاركون في مؤتمر سفراء القدس الثالث، الذي تنظمه جامعة القدس، سبل تطوير حلول واستراتيجيات تساعد في التغلب على التحديات التي تواجه التعليم العام في فلسطين، والمساهمة في وضع الأطر العامة التي من شأنها معالجة القضايا الإرشادية والتربوية في بموضوعية وشفافية.

وناقش المشاركون في المؤتمر الذي جاء بعنوان: "التعليم العام في فلسطين: مشكلات وحلول"، بالشراكة مع مؤسسة سفراء للتطوير المهني في تركيا، في فرعها بمدينة دورا في الخليل، سبل تشجيع المبادرات التربوية الهادفة لتحسين خدمات الإرشاد التربوي والنفسي ومصادر التعلم والتربية الخاصة لدى العاملين في الميدان التربوي بأسلوب يحدد مكامن الخلل وعلاجه.

ويهدف المؤتمر الذي شارك فيه باحثون ومهنمون وخبراء من الشخصيات التربوية والاعتبارية والمجتمعية، إلى إبراز الجهود البحثية الحديثة وآخر ما توصلت إليه الدراسات في مجال التطوير المهني والأكاديمي والبحثي في فلسطين ومشكلاته، واستشراف مستقبل التربية والتعليم في فلسطين وتحديد معالم التحديات التي تواجهها.

وشكر وزير التربية والتعليم مروان عورتاني جامعة القدس على تنظيم المؤتمر، مؤكدًا أهمية التكامل العضوي بين التعليم العام والجامعات في عدة مجالات وقطاعات؛ خاصة في المجالات البحثية وضرورة تكريسها لقضايا تخدم عملية التعليم واتساقها مع احتياجات التعليم العام.

وتحدث عن أهمية تهيئة المعلمين قبل الخدمة وخلالها، بما يتيح امتلاكهم مهارات تؤهلهم للتعاطي مع التحديات والمتغيرات التربوية، معتبرًا المدرسة القلب الحقيقي للمنظومة التعليمية وتحقيق حالة تكافؤ بين المدارس والاهتمام بمرافقها.

وتطرق عورتاني إلى البرنامج الوطني لتبني المدارس ومكوناته وغاياته في تحصين التعليم، ولمحورية دور المعلم والمدير في المنظومة التربوية، ومنطلقات التحول الرقمي وما تحقق في هذا السياق وغيرها من القضايا المحورية، منوهًا للتحديات الراهنة وانتهاكات الاحتلال بحق التعليم في المناطق كافة، لا سيما في القدس التي تعاني من سياسات الأسرلة والحرب على المنهاج والهوية والوعي.

بدوره، أكد رئيس جامعة القدس عماد أبو كشك، أهمية المؤتمر للاطلاع على ما يستجد من نظريات ودراسات في المجال التربوي، والمساهمة في النمو المهني لمن هم في الميدان التربوي المدرسي، لأن المشكلات التربوية متجددة، والنظريات العلمية والرؤى التربوية التي تحاول أن تضع حلولًا لها هي الأخرى آخذة في التطور.

ووجه السفير التركي لدى دولة فلسطين أحمد رضا ديمير شكره للقائمين على هذا المؤتمر ومحاوره العلمية الهامة، قائلًا: إن تركيا وفلسطين يجمعهما تعاون دائم في كثير من المجالات، بما في ذلك هذا التعاون العلمي البناء من أجل مستقبل أفضل وتعاون متواصل.

بدوره،  قال رئيس المؤتمر محمود أبو سمرة، إن "مسؤولية التعليم العام كبيرة، فالتعليم العام يعني منظومة واسعة ومتشابكة من المدخلات والمتغيرات، وعليه لا بد أن تكون هذه المكونات متكاملة، حتى تؤدي دورها على الوجه الأفضل".

وبين أبو سمرة أن المؤتمر جاء ليكون لبنة من لبنات بناء الإنسان الفلسطيني، من خلال أبحاث علمية وتجارب وخبرات يناقشها ذوو الاختصاص، شاكرًا كل من ساهم بانجاح المؤتمر.

وأكد رئيس اللجنة التحضيرية شريف رجوب أن المؤتمر جاء بعد جهود كبيرة ومتواصلة منذ شهور، ضمن تعاون هام بين فرع دورا وكلية العلوم التربوية ومؤسسة سفراء لتطوير المهن التركية.

وشملت جلسات المؤتمر مبادرات علمية حول مواضيع هامة، هي: أساليب التدريس حول مدى تضمين دليل رياض الأطفال الفلسطيني للمعايير العالمية، واتجاهات معلمي المرحلة الأساسية العليا نحو استخدام استراتيجية التعلم المقلوب في تدريس العلوم، التفكير التاريخي وعلاقته بالاتجاه نحو الدراسات التاريخية لدى طلبة الصف العاشر في مديرية تربية الخليل، وتوظيف استراتيجية الرحلات المعرفية في مادة الفيزياء، وتنمية مهارات العمل المخبري من خلال الاستقصاء لدى طالبات الصف العاشر الأساسي، وفاعلية استراتيجية سكامبر scamper في تنمية التفكير العلمي في مادة العلوم والحياة لدى طلاب الصف الرابع الأساسي.

وعرض الباحثون أوراقا بحثية في الإرشاد النفسي والتربية الخاصة في الخدمات الإرشادية وعلاقتها بالهناء الشخصي لدى عينة من الطلبة من ذوي الإعاقة في المدارس الحكومية، وأسباب التسرب المدرسي في مدارس مديرية التربية والتعليم جنوب الخليل وسبل التغلب عليها من وجهة نظر الطالب والمعلم والأسرة، وخدمات الإرشاد والصحة النفسية في المدارس الحكومية وعلاقتها بتحسين البيئة الامنة للطلاب، وفعالية برنامج إرشادي للتخفيف من الضغوط النفسية لدى طلبة المدارس الثانوية في المناطق الحدودية بقطاع غزة، مدى استخدام التقنيات التعليمية الحديثة في تدريس الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس مديرية جنوب الخليل ومعوقات استخدامها، استراتيجية النمذجة في تعليم ذوي صعوبات التعلم وذوي الإعاقة.

وتضمنت الأوراق البحثية للقياس والتقويم مواضيع مدى تفعيل معلمي المرحلة الأساسية الأولى لأدوات التقويم الحقيقي وصعوبات تطبيقها لهذه الأدوات في مديريات تربية جنين وقباطية وطوباس، ودرجة كفاءة استخدام أدوات التعلم عن بعد لدى معلمي الثانوية من وجهة نظر مديري المدارس بفلسطين في ظل جائحة كورونا، وصعوبات التقويم الإلكتروني التي تواجه معلمي ومعلمات المدارس في جنوب الخليل، واستراتيجيات التقويم التي يمارسها المعلمون بما ينسجم وما هو مطلوب منهم ضمن سياسات التقويم المعتمدة في أدلة المعلمين من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ودور برامج الدراسات العليا في كلية العلوم التربوية في جامعة القدس في تنمية المهارات القيادية والبحثية لدى خريجيها، درجة تضمين مناهج العلوم والحياة الفلسطيني للصف الثامن الأساسي.

 

وفي التطور المهني ورؤى في التعليم تضمنت الأوراق مواضيع العلاقة بين التشبيك المؤسسي (الشراكة المجتمعية) وإصلاح التعليم في المدارس الحكومية الأساسية في فلسطين من وجهات نظر المديرين والمديرات فيها، نحو نظرية تدريس بالحب في الإسلام، درجة مساهمة قسم الإشراف التربوي في تطوير أساليب التعليم والتعلم من وجهة نظر العاملين في الجامعات الفلسطينية بالمحافظات الجنوبية، والصعوبات التي تواجه معلمي المرحلة الأساسية في تصميم البحوث الإجرائية وتنفيذها في المحافظات الشمالية في فلسطين، الاستقلال الذاتي لدى معلمي المرحلة الأساسية الاولى، درجة امتلاك معلمي المرحلة الأساسية العليا في تربية شمال الخليل لمهارات البحث الإجرائي ودورها في نموهم المهني، الاحتياجات التدريبية لمعلمي علوم المرحلة الأساسية العليا في مجال المختبر العلمي في محافظة الخليل، التطوير المهني والأكاديمي لمعلمي العلوم في مديرية ضواحي القدس: الواقع والتحديات.

وقدمت في ختام المؤتمر، جوائز مالية لأفضل ثلاثة بحوث، وأفضل ثلاث مبادرات وتجارب تربوية ناجحة، فيما سيتم رعاية المبادرات والتجارب التربوية الفائزة بهدف تطويرها وتعميم فكرتها، كما سينظم تكريمًا خاصًا لأصحاب البحوث والمبادرات الفائزة، إلى جانب نشر البحوث في مجلة علمية محكمة ضمن شروط المجلة ومعاييرها، وإدراج جميع الأعمال في كتاب المؤتمر.